الرقص من حيث التعريف هو لغة التعبير بالجسد, وارتبط ذلك بالقارة الإفريقية السمراء كون الإنسان الإفريقى القديم يعد أول من عرف هذه اللغة واستخدمها فى كل مظاهر الحياة اليومية بما فى ذلك مراسم تأبين الموتي! وتطورت علاقة القارة السمراء والعالم عبر سنوات طويلة مع تلك الرقصات, حتى صارت مصدر الإلهام واصل العديد من الرقصات العالمية فى العصور الحديثة, كما استمر المجتمع الإفريقى فى التعبير عن نفسه من خلال تلك الحركات الراقصة. وهو الأمر الذى نشاهده من اللاعبين الأفارقة المحترفين فى الدول الأوروبية وغيرها, كما أن الرقصات التى يؤديها لاعبو المنتخبات الإفريقية المشاركة فى بطولة كأس الأمم الإفريقية تعكس ثقافة وأفكار تلك المجتمعات. ولعل فهم الشخصية الافريقية, يتماشى مع توجه سياسات الدولة بضرورة زيادة العلاقات المصرية الافريقية, ويتطلب ذلك فهم ثقافة الآخرين وكذا تغيير العديد من المفاهيم المغلوطة, فمثلا يقع معظم معلقى المباريات والمحللين بوصف «جون انطوي» بأنه لاعب إفريقى والصحيح انه محترف أجنبى كون معظم مصر فى القارة السمراء جغرافيا. لكن .. ماذا تعنى تلك الرقصات التى يقوم لاعبو المنتخبات الافريقية بتأديتها عقب تسجيل الأهداف؟ وما هو معناها الثقافى ؟ ومن اجل فهم الإجابة, اعد مشاهدة منتخب غانا الذى يواجه المنتخب الوطنى فى الجولة الثالثة والأخيرة من الدور الأول, فهو ابرز المنتخبات التى تبعث برسائل من خلال تأدية الرقصات عقب تسجيل الأهداف.. وهو ما شاهدناه فى مناسبتين, الأولى عندما سجل (اندرية ايو) هدف الفوز من ضربة جزاء أمام أوغندا والثانية (لاسمواة جيان) فى مرمى المنتخب المالي. وانتظر نجما غانا بقيت زملائهما من اجل الاحتفال بالهدفين, عن طريق تأدية حركات متفقا عليها تدل على جماعية الفريق ومدى انسجام اللاعبين, وهى مستوحاة من احدى الرقصات الإفريقية القديمة المعروفة فى الاحتفالات وخاصة بعد صيد الفرائس.. أى أن نجوم غانا حققوا المطلوب بالفوز فى مباراتين مؤكدين أنهم الأكثر تنظيما وجماعية فى ارض الملعب. وكانت فرحة «بنجامين موكاندجو» لاعب بوركينا فاسو كبيرة بعدما سجل هدف التعادل أمام منتخب الكاميرون قبل النهاية بعشر دقائق, وتوجه اللاعب نحو مقاعد البدلاء وقام بعمل بعض الحركات التى يؤكد من خلالها أنهم استطاعوا قلب موازين المجموعة وانتزاع نقطة من الأسود الكاميرونية, وهى الحركات التى تدل على مدى تمتع اللاعب بالقوة واللياقة البدنية وكان هذا سمة الهدف الذى أحرزه فى المرمى الكاميروني. فيما كانت إشارات رياض محرز واضحة بعد تسجيله هدفى فريقه أمام منتخب زيمبابوى (2/2), حيث أشار اللاعب بعد تسجيل الهدفين إلى الجماهير بأنه فى الملعب ولسان حاله يقول أن المنتخب الجزائرى سيذهب بعيدا فى البطولة. كما يمكن أن نفهم رسالته للجماهير بأنه أفضل لاعب فى القارة السمراء وهو موجود فى الجابون للتأكيد على ذلك, فيما تعد رسالة شخصية وإيماءة بأنه يستحق لقب الأفضل. ورد عليه «كوداكواشى ماهاشي» برقصة سريعة عقب تسجيل ركلة الجزاء فى المباراة ذاتها, وهى رقصة الفرحة بالتمايل بطريقة معينة وتفاعلت معها الجماهير, بمجاراته بأداء نفس الحركات تعبيرا عن فرحة الهدف على خلفية أن كل التوقعات والأرقام كانت تصب فى صالح منتخب المحاربين, لكن نتيجة المباراة والأداء كان عكس ذلك. أما ابرز الرقصات الفردية المبهرة فكانت «لهيرفى كاجي», عندما ذهب إلى المدرجات واحتفل مع جماهير الكونغو الديمقراطية بهدف الفوز على المنتخب المغربي. وتمايل اللاعب بطريقة معينة تدل على مدى المرونة واللياقة البدنية التى يتمتع بها اللاعب, على الرغم من الرطوبة العالية والطقس الحار الذى نال من معظم المنتخبات.