مع تولى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مهام منصبه، تتعالى الأصوات فى إيران بشعار «الاتفاق النووى خط أحمر» ، تحديا لمخططات الرئيس الجمهورى لتمزيق ورقة الاتفاق ورفض الاعتراف به باعتباره «خطئا تاريخيا» يسحب الكثير من رصيد سلفه الديمقراطى باراك أوباما. واستند القادة الإصلاحيون الإيرانيون إلى ما أعلنته الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع الماضى بأن طهران التزمت بموعد نهائى تحدد فى الاتفاق بإزالتها لمئات من أجهزة الطرد المركزى - وهى معدات تخصيب اليورانيوم- من موقع مدفون فى قلب جبل، علما بأن الاتفاق الموقع بين إيران والقوى العالمية الستة فى 2015 ينص على ألا تجرى طهران عمليات تخصيب فى موقع فوردو قرب مدينة قم المقدسة لمدة 15عاما، ولكن يمكن لإيران أن تبقى على 1000 جهاز طرد مركزى لاستخدامات أخرى. وأوضحت الوكالة أن نقل أجهزة الطرد المركزى ومعدات أخرى من «فوردو» لتخزينها فى موقع تخصيب آخر تحت الأرض فى «نطنز» تم استكماله خلال عام واحد من يوم توقيع الاتفاق بما يحمل رسالة واضحة بأن الطرف الإيرانى يسعى حثيثا لكسب ثقة العالم على ضوء التزامه ببنود الاتفاق والبرهنة عمليا على مدى مرونته بشأن ترشيد طموحه النووى وإثبات أن تحركاته وإجراءاته تسير نحو الاستخدام السلمى للطاقة النووية وفقا لشروط ومواثيق المعاهدات الدولية. ولا يغيب على أحد، محاولات ترامب للالتفاف حول الاتفاق وتقديم دفوعه لضربه والتخلص منه بعد العقوبات الأمريكية الجديدة لمدة 10 سنوات مقبلة، والتهديدات بوضع ميليشيا الحرس الثورى الإيرانى على قائمة التنظيمات الإرهابية، لتعميق العزلة الإقليمية والدولية الخانقة للدولة الفارسية، إذ أنه مع استمرار هيمنة الحرس الثورى على الاقتصاد الإيراني، هدد ترامب فى نوفمبر الماضي، وبشكل متكرر، بإلغاء الاتفاق النووي، خصوصا مع ما أقره المشرعون الإيرانيون، من خطط لزيادة الإنفاق العسكرى للميليشيا الإيرانية والجيش النظامى إلى نسبة 5٪ من الموازنة العامة على أن يشمل ذلك تطوير البرنامج الإيرانى للصواريخ بعيدة المدى والذى تعهد الرئيس الأمريكى بوقفه. ولا تزال إيران تراهن بقوة على حائط صد أمريكى أمام سيناريوهات ترامب وحيله لحرق الاتفاق، وأبرز من ينتمى إليه كانت السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة، سامانتا باور، التى دعت الرئيس الأمريكى للحفاظ على هذا الإنجاز معتبرة أنه من الحكمة حماية اتفاق يحرم طهران من سلاح للدمار الشامل فى ظل ضمانات بعدم تطويرها أسلحة نووية. وتزامن ذلك مع موقف ممثلة الاتحاد الأوروبى العليا للأمن والسياسة الخارجية، فيديريكا موجيريني، باعترافها بأن الاتفاق بالغ الأهمية، خصوصا لأمن القارة البيضاء، فيما أكد وزير الخارجية البريطانى بوريس جونسون، أن بلاده عازمة على مواصلة العمل بهذا الاتفاق لكونه «ذا فائدة كبرى»، على حد تعبيره، لأنه يمنع طهران من امتلاك السلاح النووي. وتضامنت ألمانيا مع المعسكر الأوروبى ضد مخططات ترامب بتكثيف مباحثاتها مع الإدارة الأمريكية الجديدة لمنع المساس بالاتفاق النووي، حيث قال الناطق باسم الخارجية الألمانية مارتن شيفر :»لدينا اهتمام لإبقاء هذه الاتفاقيات الصحيحة سارية». وإزاء الموقف الأوروبى الداعم لتنفيذ الاتفاق، يتبع القادة الإيرانيون مبدأ «لا تراجع .. لا استسلام» فى مواجهة عناد وإصرار ترامب على تدمير الحلم النووي، وهو ما أكده عباس عراقجى نائب وزير الخارجية الإيرانى عندما أعلن صراحة أن بلاده لن تتفاوض مجددا بشأن الاتفاق، حتى إذا واجهت عقوبات أمريكية جديدة وصولا إلى أعلى سلطة فى طهران متمثلة فى تصريحات الرئيس حسن روحانى التى اعتبر فيها إعادة التفاوض حول الاتفاق أمرا لا معنى له نظرا لأنه ليس صيغة ثنائية وإنما قرار دولى حظى بإجماع ومباركة قوى عالمية متعددة. وعلى الرغم من ذلك، ينتظر الاتفاق التاريخى صيف لهيب شديد السخونة مع هبوب رياح ترامب وأعضاء إدارته.