تعد مراسم تسليم السلطة في فرنسا مزيجا من التقاليد والحداثة, فهناك التقليد شبة الملكي والمتمثل في تقديم قلادة الشرف للرئيس الجديد, وهناك أيضا مساحة للرئيس الجديد لكي يختار الطريقة التي سيدير بها يوم التنصيب, ومع مجيء الاشتراكي فرانسوا أولاند ليصبح الرئيس السابع في الجمهورية الخامسة, لفترة رئاسة تستمر خمس سنوات لواحدة من دول العالم الكبري الدائمة العضوية في مجلس الأمن, وليصبح أول اشتراكي يدخل قصر الاليزية منذ17 عاما, أصر علي أن تكون مراسم تنصيبه بسيطة تماشيا مع دعايته الانتخابية التي أكد فيها بوضوح كونه رئيسا عاديا, ومع ظروف توليه منصبه التي تتزامن مع الأزمة المالية التي تعصف بعدة دول أوروبية, وبحسب المراسم البروتوكولية للجمهورية الخامسة التي بدأت عام1958 بدأت مراسم التنصيب بوصول أولاند في الساعة العاشرة الي قصر الاليزيه واستقبله في ساحة القصر الرئيس السابق ساركوزي, وبعد المصافحة عقد الرجلان لقاء مغلقا من أجل تسليم السلطة وتسلم خلاله الرئيس الجديد شفرة السلاح النووي, ثم وسط تصفيق موظفي الاليزيه غادر ساركوزي وزوجته القصر وألقيا تحية الوداع علي الحاضرين من سيارته, ويلي مراسم التسليم والتسلم حفل التنصيب حيث يتم اطلاق21 طلقة مدفعية, وقد ألقي رئيس المجلس الدستوري جان` لوي ديبري كلمة وجهها للرئيس قال فيها إنه اعتبارا من اليوم يعد تجسيدا لفرنسا ورمزا لقيم الجمهورية ويمثل كل الفرنسيين. كما وجه بعدها أولاند كلمة أكد خلالها أنه يرغب في ايصال رسالة ثقة للفرنسيين, مؤكدا أن البلاد في حاجة للمصالحة ولم الشمل, واعدا بقيادة البلاد ببساطة, وأنه سيكافح العنصرية ومعاداة السامية وكل أنواع التفرقة, ومؤكدا أنه علي دراية كاملة بالتحديات التي تواجه بلاده, وبعد مراسم التنصيب يتوجه الرئيس عادة في سيارة مكشوفة لشارع الشانزلزيه لتحية الجماهير وصولا لقوس النصر لزيارة نصب الجندي المجهول, وهو ما فعله أولاند رغم الأمطار الغزيرة, كما قام بتكريم ذكري كل من جول فيري الذي جعل المدرسة العلمانية الزامية ومجانية في نهاية القرن ال19, وماري كوري المولودة في بولندا والحائزة علي جائزتي نوبل في الكيمياء والفيزياء مطلع القرن العشرين, تأكيدا منه علي اثنتين من أولويات رئاسته التعليم والاندماج, ثم قصد بعد ذلك بلدية باريس حيث عقد لقاء سريعا مع رئيس البلدية الاشتراكي برتران دولانوي الذي دعا البارسيين لاستقبال الرئيس الجديد قبل أن يبدأ بعد ذلك مباشرة نشاطاته, وقد لفت أنظار المراقبين أن مراسم التنصيب هذه المرة شابها قدر كبير من البساطة حيث لم يوجه الدعوة سوي لثلاثين شخصا إضافة للمدعوين الرسميين, كما أقيم الحفل في غياب أولاد أولاند الاربعة وكذلك غياب أولاد رفيقته الصحفية فاليري تريرفلر, وهو ما يعكس اصراره علي أن تكون مراسم التنصيب بعيدة كل البعد عن البهرجة, في محاولة لتأكيد الاختلاف عن سلفه ساركوزي, ولأنه يريد ان يترك بصمته منذ اليوم الاول لدخول القصر الرئاسي, وقد تندر البعض مذكرا بحفل تنصيب ساركوزي, حيث حضرت زوجته آنذاك سيسيليا محاطة بأولادهما أمام عدسات المصورين, ثم صعدوا سلالم القصر المفروشة بالسجاد الأحمر في مشهد اعتبرته وسائل الإعلام يليق بمهرجان سينمائي وليس حفل تسليم سلطة, حيث شوهد بعد ذلك ابن ساركوزي يتنقل مبتهجا بين المدعوين.