كثيرا ما كان يصادفه في طريقه، يحمل مقشة ودلوا. يستقل مترو الأنفاق، وهو الذي تجاوز الثمانين من عمره، ويتحرك بصعوبة بعد أن وهن الجسد والبصر.. ما كان من مصطفي الشاب إلا أن صوره ووضع صوره علي صفحته علي موقع «فيس بوك» موجها رسالته للشباب: «كفاح وصبر.. ما تخليش حاجة توقفك».. مضيفا عنوان منزل العجوز المكافح بالتفصيل! وعلي عكس المتوقع، كانت تلك الصور «وبالا» علي «عم أيوب» الذي توافد عليه الناس من كل حدب وصوب، أملا في كسب الثواب وتقديم أي مساعدة للرجل الثمانيني، وهو ما أزعجه بشدة قائلا:«بقالي 35 سنة في البيت ما حدش سمع صوتي» .. وما يحدث لي من يومين يزعجني أنا وجيراني، ولا أرضي لهم ذلك. عم أيوب علم من أحد الصحفيين أن سبب زيارته هو تلك الصور التي شاهدها له، فما أن استقبلنا «عم أيوب» حتي رجانا بأن نحذف تلك الصور، وقال:«لا أريد مساعدة من أحد، فالحمد لله ، أعيش حياة كريمة وسعيد بالغرفتين الصغيرتين اللتين أدفع إيجارهما شهريا، وأعول ابنتين وأطفالهما بعد أن توفي زوجاهما، ولدي ابن اخر يعيش معي، وسيتزوج قريبا». عم أيوب ينزل يوميا لصلاة الظهر، ثم يستقل المترو ليذهب إلي إحدي العمارات السكنية في منشية الصدر، يقوم بتنظيفها كما اعتاد منذ ثلاثين عاما، ويعتبر ذلك نوعا من الترفيه «وتغيير الجو» فيقول: «كنت أعمل في «البلدية» وخرجت علي المعاش وقبلها عملت في التبليط وأعمال البناء، ولا أتحمل المكوث في المنزل، فالعمل والحركة بالنسبة لي حياة، بعيدا عن كسب المال». أما جيرانه أكدوا لنا أنه ليس بحاجة للمال، وطلبوا منا أن نصحح الصورة التي ظهر عليها في هيئة «المتسول» لأن ذلك يؤذي بناته ويؤثر علي فرص زواجهن، كما يؤذي أهله بالفيوم، ومنهم من هو في مناصب عليا. سألنا عم ايوب إن كان يرغب في مساعدته لاجراء عملية ليستعيد إبصاره، فقال لنا بصرامة: «الدكتور قال ما تنفعش خلاص» . تركنا عم أيوب بعد أن شعرنا بانزعاجه الشديد. ووعدناه بأن نتوصل لمن وضع صورته علي الفيس بوك ليحذفها، و بأن أحدا لن يطرق بابه مجددا، لينعم بهدوء حياته من جديد.