خرج من إسرائيل سبابٌ مقذع موجَّه مباشرة للرئيس أوباما لأن أمريكا لم تستخدم الفيتو لإجهاض مشروع قرار مجلس الأمن ضد بناء المستوطنات الإسرائيلية على الأراضى الفلسطينية، ووصل الأمر بعدد من كبار السياسيين الإسرائيليين إلى وصم الموقف الأمريكى بأنه مشين ومعيب، وقال أستاذ فى جامعة بار إيلات على فضائية إنجليزية مشهورة بالرصانة إن أوباما فى قمة النذالة! فلم تراجعه المذيعة!! واستمرت الحملة الإسرائيلية تتهم أمريكا بالتخلى عن إسرائيل. مع ملاحظة أن الفيتو الذى تطالب به إسرائيل لم يكن لحمايتها من عدوان جسيم وإنما لمساندتها فى استمرار عدوانها الجسيم على طرف آخر!! ولاستكمال المفارَقة، فإن المسئولين الأمريكيين يتسابقون فى تبرير موقفهم، مثلما قالت المندوبة الأمريكية فى مجلس الأمن إن زيادة وتيرة الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية بأتت تُشكِّل خطراً على الاستقرار. كما بادر الرئيس المنتخب ترامب، وفى سياق طمأنة إسرائيل، بإعلان أن الموقف الأمريكى سوف يتغير تماماً بعدما يتولى السلطة فى 20 يناير! هذه التفاصيل وسيلة إيضاح لعجز خبراء السياسة فى العالم عن صياغة العلاقة بين أمريكا وإسرائيل فى إطار من التحليل العلمى المتماسك الذى يفسر دقائق الأمور التى تجرى بينهما، مثلما يمكن أن يحدث فى علاقة أى بلدين فى العالم ببعضهما البعض، حتى عندما تكون إسرائيل أو أمريكا أحد الطرفين مع دولة ثالثة. كيف للدولة الأقوى فى التاريخ أن تقبل السباب والتوبيخ من دولة أخري، ثم تستمر فى الحرص على استمرار العلاقة الشديدة الخصوصية بما ليس له مثيل؟ وكيف تقبل الدولة الأقوى أن تنفذ، فى مرات كثيرة، مطالب ضد مصلحتها الوطنية مادامت تحقق المطلوب من إسرائيل! يكفى مثل واحد عندما كانت مصلحة أمريكا بعد الإطاحة بصدام أن تُبقِى على قدر من قوة العراق لإحداث توازن مهم مع إيران، ولكنها قامت بتدمير العراق تماماً لأن هذا يحقق مصالح إسرائيل؟ قَدَرُنا أن نتعامل مع هذه الظاهرة كما هى حتى يمكن أن نفهمها فى المستقبل، وإلا لكانت الخسائر أكبر! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;