لن تجد سوى العرب، على هذا الكوكب، الذين يعيشون خطأ جسيماً لما يزيد عن 70 عاماً، ويستمرون فى اقترافه يومياً، دون أن يتوقفوا جدياً للمراجعة، ولمقارنة نقطة البدء بما آلت إليه الأمور! والمقصود منظمة جامعة الدول العربية. للتذكرة، فإن الدافع لإنشاء الجامعة عام 1945 كان الخطر المحدق على فلسطين من الهجرات اليهودية المنظمة. ولكن إسرائيل تأسست بالفعل بعد ثلاثة أعوام من نشأة الجامعة! وبعد سنوات قليلة، صارت أمور الفلسطينيين فى الحضيض، إلى حد الانقسامات والاحتراب فيما بينهم، وتقف الجامعة عاجزة حتى عن الوساطة بين المتحاربين! بل وأخذت أوضاع الدول العربية فى التراجع إلى أن تدهورت إلى الدرك الحالي، وأضيفت كوارث العراق وسوريا واليمن وليبيا، فى تتويج لفشل الجامعة عن حسم شيء، إلى حدّ أن يكون المبعوثون المفوضون بإيجاد حلول أجانب من خارج المنظومة العربية كلها! بل وثبت بالأدلة القاطعة أن بعض الدول الأعضاء فى الجامعة تتآمر على الدول الشقيقة، بما يتجاوز المنافسة إلى العداء، ثم إلى العدوان المادي، ثم التمادى إلى التحالف مع الأعداء السافرين تاريخياً!. من الواجب الاعتراف بصواب العاهل المغربى الملك محمد السادس، الذى رفض أن تُعقد القمة الأخيرة على أرضه، والتى كان مقرراً لها إبريل الماضي، فتأجلت حتى استضافتها موريتانيا هذا الأسبوع، لأنه رأى أنها ستكون مجرد مناسبة للمصادَقة على توصيات عادية، وإلقاء خطب تعطى الانطباع الخاطئ بالوحدة، فى حين أن هذه ساعة الصدق والحقيقة. السياق يستدعى إعادة نشر كلام كتبتُه قبل عامين: هل يحسّ أى مواطن فى أى دولة عربية بجدوى أو بأثر للجامعة العربية؟ هل تراه يفتقد لها دوراً فى إحدى الأزمات؟ أو يتذكر لها دوراً فاعلاً فى أزمة ما؟ أو أن يأمل منها دوراً فى إحدى الكوارث الكثيرة التى تضرب المنطقة؟ وهل تعتقد أى دولة عربية أنه لولا الجامعة لكانت أوضاعها أسوأ، أو أفضل، أو لما تمكنت هذه الدولة من حل إحدى مشاكلها، أو لتفاقمت المشكلة إلى الأسوأ؟. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب