«أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنة»، حديث شريف يحمل بشارة لمن يعطف على الأيتام، كما يحمل رسالة لكل يتيم بألا يحزن ولا يبكي، لفقد حنان الأب أو الأم، فلا تحزن أيها اليتيم، فقد ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيما، وأوصى بالأيتام خيرا. وحملت السنة النبوية الشريفة الكثير من النصوص التى تحث على رعاية الأيتام، وتحذر من أكل أموالهم، وقد فهم المسلمون الأوائل هذه المعانى فكانوا يحرصون على رعاية الأيتام والفقراء، ولعل الأوقاف التى خصصها الأغنياء فى الماضى لرعاية الأيتام والفقراء دليل واضح على مدى الاستجابة لحديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. وفى ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم، تتجدد الدعوة للعطف على الفقراء والمحتاجين والأيتام، لأن رسالة الإسلام قائمة على التراحم والتكافل، ومساعدة أصحاب الحاجات. وأكد علماء الدين أن حب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، يكون بالسير على نهجه لأن الدين المعاملة، وهذا يتطلب مد يد العون للأيتام والفقراء، خصوصا الأقارب منهم، وأن يستمر ذلك طوال العام، لتسود المودة بين أبناء المجتمع المسلم. فى البداية يقول الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الدينى بالأوقاف، إن الوزارة خصصت موضوع خطبة الجمعة القادمة، لتدور حول الجوانب الإنسانية فى حياة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ومن أعظم هذه الجوانب فى حياته صلى الله عليه وسلم، رحمته بجميع أمته، حيث يقول الحق سبحانه وتعالي «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ»، وبهذه الرحمة والرأفة نجح صلى الله عليه وسلم، فى تأليف قلوب من حوله، ومن ضمن هذه الجوانب الإنسانية، عنايته صلى الله عليه وسلم، بالضعفاء والأيتام والأرامل والفقراء والمساكين، وقد قال صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف «أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنة، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطي»، كما قال صلى الله عليه وسلم «الساعى على الأرملة والمسكين كالمجاهد فى سبيل الله»، ولقد كان صلى الله عليه وسلم، يسعى فى قضاء حوائج هؤلاء الضعفاء، ويخفف من آلامهم. مصاحبة النبى فى الجنة وفى سياق متصل يقول الدكتور طه أبو كريشة، عضو هيئة كبار العلماء، إنه يكفى شرفا من يكفل يتيما ويتولى رعايته، حتى يصل إلى المرحلة العمرية، التى يستقل فيها بنفسه، أن يكون رفيقا ومصاحبا لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى الجنة، كما جاء فى الحديث الشريف «أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنة وأشار بإصبعيه السبابة والوسطي»، بمعنى أن هذه المصاحبة هى على جهة التلازم الدائم، كما يتلازم الإصبعان فى يد الإنسان يتحركان معا، ويتجاوران هذه المجاورة التى تشهدها العين، والتى تؤكد هذا المعنى الذى أراد النبى صلى الله عليه وسلم، أن يبلغ الناس به، حتى يقوموا بقلوبهم وعواطفهم، إلى تنفيذ ما يتضمنه هذا التوجيه النبوي، من رعاية وكفالة الأيتام، فى كل ما يحتاجون إليه فى حياتهم، بدنيا وعقليا وعاطفيا، دون تفريق بينهم وبين الأبناء الذين ينتسبون للإنسان من صلبه، إلى غير ذلك من الأحاديث النبوية الشريفة، التى تؤكد هذا المعني، والتى تدعو كل ذى قلب رفيق، إلى أن يشارك فى سد هذه الثغرة، التى تحدث فى المجتمع، حين يفقد بعض الأطفال آباءهم أو أمهاتهم، أو حين يُعثر عليهم فى أى مكان، ولم يعرف أحد ذويهم الذين ينتسبون إليهم، مؤكدا أنه فى هذه المناسبة الكريمة، يجب أن يبادر كل إنسان بمد يد العون للأيتام، لأن ذلك يعد تنفيذا لما أوصى به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. دليل على حب الرسول ومن جانبه يشير الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، عميد كلية أصول الدين بأسيوط سابقا، إلى أنه فى هذه المناسبة الكريمة، ينبغى أن تتجسد القيم والأخلاق، وأن نقتدى بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، لأنه أوصى بالأيتام، وورد عنه صلى الله عليه وسلم، الكثير من الأحاديث التى تدل على ذلك، ويجب أن ننبه إلى أمر مهم، وهو نفع اليتيم، ولا ننسى أن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، قد ولد يتيما، ووجوه رعاية وكفالة الأيتام، تحدث عنها القرآن الكريم، فقال الله عز وجل» فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ. وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَر.ْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ»، كما أن الله عز وجل جعل نفع الأيتام من أعظم الأعمال، التى يقوم بها المسلم، والتى لا يوفق إليها إلا كل من جاهد نفسه، وقد قال سبحانه وتعالى:«فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَة.ُ فَكُّ رَقَبَةٍ. أَوْ إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ. يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ. أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ. ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ»، وهذه الآيات الكريمة تشمل جميع الناس، من كان قادرا على النفع بالمال، ومن لم يكن صاحب مال عليه أن يوصى غيره . أفضل الطاعات وأضاف: إن الإسلام جعل مساعدة الفقراء والمحتاجين والضعفاء من أفضل الطاعات، ولذلك وفى هذه المناسبة الكريم، يجب أن يبادر كل إنسان بالعطف على الفقراء والمحتاجين، وخصوصا من الأقارب والجيران، لأن ذلك من الأخلاق التى حثت عليها الشريعة الإسلامية، كما أنها من أعظم الجوانب الإنسانية فى حياة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ويجب أن تسود قيم التكافل والتراحم داخل المجتمع المسلم، وهذا يتحقق من خلال إخراج الزكاة والتصدق على الفقراء والمساكين، وصلة الأرحام، والتواصل مع الجيران، ومساعدة أصحاب الحاجات والمرضي، لأن الدين المعاملة، كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، مشيرا إلى أن الإسلام حذر من أكل أموال الأيتام أو احتقارهم، وقد حملت نصوص القرآن الكريم هذه المعانى فى أكثر من موضع، منها قول الله تعالي «أَرَأَيْتَ الَّذِى يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذَلِكَ الَّذِى يَدُعُّ الْيَتِيمَ. وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ » .