الرئاسة الروحية للدروز في السويداء ترحب بدخول القوات الحكومية    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 بعد آخر ارتفاع    حالة المرور اليوم، خريطة حركة المرور وكثافاتها بمحاور وشوارع القاهرة والجيزة    تنسيق الدبلومات الفنية 2024 دبلوم التجارة نظام 3 سنوات.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة كاملة    أسعار الفراخ اليوم الثلاثاء 15-7-2025 بعد الزيادة الجديدة وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    رئيس «قناة السويس» يبحث مع السفير الإيفواري التعاون في تطوير الموانئ والتدريب    عبدالفتاح عبدالعزيز النقيب العام للفلاحين وصغار المزارعين ل«المصري اليوم»: العمالة الزراعية لا تحصل على حقوقها ولا توجد بيانات بعددها    بوليتيكو: الاتحاد الأوروبي يدرس فرض رسوم على سلع أمريكية بقيمة 72 مليار يورو    رابط التقديم ل مدارس المتفوقين في العلوم والتكنولوجيا STEM.. المصروفات والمجموع والشروط    إنذار جوى بشأن حالة الطقس: موجة شديدة الحرارة وأمطار رعدية تضرب 4 مناطق    نتيجة الثانوية العامة 2025.. الموعد الرسمي وخطوات الاستعلام برقم الجلوس    ميتا تخطط لتطوير ذكاء اصطناعي فائق يتجاوز قدرات العقل البشري    بعد 14 سنة زواج.. خيرية هشام تكشف الجانب الرومانسي في شخصية خالد سليم    الدولار ب49.41 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء 15-7-2025    سد النهضة.. عباس شراقي: أثيوبيا تغامر بسلامة السد والسودان في خطر- تفاصيل    لطلاب الثانوية 2025.. تعرف على برنامج الموضة وطباعة المنسوجات بتنسيق الجامعات    بمشاركة شركات.. تفاصيل ملتقى توظيفي بفنون تطبيقية حلوان    "إحدى عشر حكاية من مراكش".. أنيس الرافعي يكشف أسرار المدينة الساحرة    حدث بالفن| حقيقة وفاة كاظم الساهر والحالة الصحية ل لطفي لبيب وعزاء المطرب محمد عواد    ب10 ملايين دولار.. أغلى حقيبة يد في التاريخ بباريس    بلغت كولر..تعليق مثير للجدل من المعد النفسي السابق للأهلي على قرار الإدارة    يعالج الاضطرابات الزائدة.. مستشفى جامعة الفيوم تضم أحدث أجهزة علاج القسطرة القلبية- صور    طريقة عمل بلح الشام، في البيت زي الجاهز    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الثلاثاء 15 يوليو    مفاوضات للتهدئة بين وزارة الدفاع السورية ووجهاء السويداء لا تزال مستمرة    أحمد وفيق: اشتاق للكوميديا .. وجلال الشرقاوي منحني أدوارًا غير متوقعة    الصحة الأمريكية: تفشي مرض الحصبة لا يعتبر حالة طوارئ وطنية في الوقت الحالي    إعلام إسرائيلي: ارتفاع في حالات انتحار الجنود.. ومعظم الضحايا من قوات الاحتياط    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تقصف مبنى سكنيًا غرب مدينة غزة    اليوم، آخر موعد لدفع فاتورة التليفون الأرضي بدون غرامة    مياه أسيوط: الانتهاء من إصلاح تسريب خط المياه الرئيسي وضخ المياه تدريجيًا    أعداد اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين في مصر تجاوزت المليون    محامي المُعتدى عليه بواقعة شهاب سائق التوك توك: الطفل اعترف بالواقعة وهدفنا الردع وتقويم سلوكه    بدء إصلاح سنترال رمسيس جزئيًا.. وشكاوى من استمرار انقطاع الخدمة    وفاة مسنة سقطت من علو داخل منزلها في سمالوط بالمنيا    جيش الاحتلال الإسرائيلي ينسف مبانٍ سكنية وسط مدينة خان يونس    بعد انتقاله لميلان.. مودريتش: ريال مدريد سيبقى في قلبي    صفقة جديدة لزعيم الفلاحين.. المحلة يتعاقد مع لاعب كاميروني    بسبب خلافات حول بنود التعاقد.. الحزم السعودي يتراجع عن ضم أحمد عبدالقادر    الحكم محمد الحنفي يعلن اعتزاله    توقعات الأبراج وحظك اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025.. «الجوزاء» أمام فرصة ذهبية في العمل    أحمد وفيق: عملت في الإضاءة والديكور وتمصير النصوص المسرحية قبل احترافي الإخراج    مدحت العدل يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصريحه حول حجاب حفيدة أم كلثوم    أستاذ فقه بالأزهر: أعظم صدقة عند الله هو ما تنفقه على أهلك    الزمالك يحسم التعاقد مع نجم زد.. كريم حسن شحاتة يكشف    محمد حمدي: هذه أسباب عدم نجاحي مع الزمالك    محافظ القليوبية يتفقد أعمال رصف شارع مجدي زيدان ببنها    احذر.. انتحال صفة شخص من ذوي الإعاقة يُعرضك للحبس والغرامة.. وفقًا للقانون    وسام أبو علي يرفض قرار الأهلي بإغلاق ملف رحيله    «أهان تاريخ النادي ولازم يتشطب».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على مصطفى يونس    أمين الفتوى: صلاة المرأة في الأماكن العامة ليست باطلة (فيديو)    المنقلبون على أعقابهم!    مستوطنون يحرقون مخزن سيارات «شرق رام الله» بالضفة الغربية    لتجنب انخفاض الكفاءة والعفن.. طريقة تنظيف الغسالة في 4 خطوات بسيطة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في محافظة قنا    السيطرة على حريق في مخلفات بقطعة أرض ببنها    "الوطنية للانتخابات" تطلق "دليلك الانتخابي" عبر الموقع الرسمي وتطبيق الهيئة    كيفية تطهر ووضوء مريض القسطرة؟.. عضو مركز الأزهرتجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يواجه التعليم التطرف.. وماذا يبقى إذا ذهب العقل؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 12 - 2016

بالرغم من أن الحملات الأمنية ضرورية لمكافحة خطر الإرهاب المتزايد فى مصر، فإن التعليم والتنمية يمثلان أداتين لتنشئة جيل سليم وقادر على محاربة الأفكار المتطرفة السائدة فى الدول العربية، لاسيما الأكثر اكتظاظا بالسكان، فلا غرو أن التطرف هو مهد الإرهاب، وبيئة خصبة يجد فيها التطرف مرتعا للنمو، وموئلا للتغلغل، لذلك ينبغى تحصين عقول الشباب ضد الأيديولوجيات المتطرفة من خلال التعليم الصحيح، والتنمية الحقيقية لتنشئة جيل مثقف محصن ضد هذه الأفكار.
يأتى التطرف فى الغالب نتاجا للتعليم غير الصحيح، جنبا إلى جنب مع عدم وجود قنوات مناسبة للشباب لتفريغ طاقاتهم، والمشاركة بشكل إيجابى فى مجتمعاتهم، سواء من خلال الأنشطة السياسية، أو الثقافية، أو غيرها.
فى البداية، يؤكد الدكتور جمال الدهشان، عميد كلية التربية بجامعة المنوفية، أنه على الرغم من أنه لا توجد علاقة مباشرة بين التعليم والتطرف والإرهاب، فإن نظام التعليم يؤثر تأثيرا مباشرا، ضمن عوامل أخرى، فى استعداد الفرد لتقبل أفكار وعقائد. فبالإضافة إلى الامتناع عن تعليم التطرّف، يجب فى المقابل تعليم التسامح، وتأكيد مفاهيم المواطنة، وحقوق الإنسان.
ويلفت إلى أن هناك مشكلة أخرى تتعلق بوجود ما يسمى «المنهاج الخفى»، وهو ما يزرعه المعلمون فى طلبتهم من آرائهم وثقافتهم الخاصة، في ظل غياب الرقابة. هنا، يصبح ضروريا الإشارة إلى البيئة الحاضنة للتطرف، التى تتمثل فى سيادة التلقين، وتعطيل الفكر النقدى، والاستبداد، والقمع، وغياب الخيال، وضعف المشاركة، ومحدودية الانفتاح على المجتمع الخارجى، مما يحول المؤسسة التعليمية من مؤسسة مجتمعية منفتحة إلى مؤسسة بيروقراطية منغلقة.
ويوضح الدهشان أنه إذا كان التطرف يقدم ثقافة جامدة، جافة، مفعمة، وإقصاء الآخر المختلف، فإنه فى المقابل لابد أن تكون هناك ثقافة مغايرة فى المؤسسة التعليمية تقوم على التكوين والحوار، والديمقراطية، والانفتاح على المجتمع، وتدريب الطلاب على النظرة الإنسانية للحياة، وممارسة ذلك بين جنباتها وخارجها. ويشدد على أننا فى حاجة إلى إقرار سياسة تعليمية تقوم على مبدأ التربية على قيم التسامح، والمواطنة، والتفكير الحر، وعدم تقديس نصوص القدامى، أو رفعها من مرتبة الرأى إلى مرتبة النص الدينى الملزم، ونبذ التعصب والعنف، واحترام الآخر، ولا بد من أن تجد هذه المنظومة من القيم مكانها فى البرامج الدراسية المقررة فى المدارس والجامعات، من أجل أن تتشبع بها الأجيال الجديدة والقادمة، وتتحلى بها فى التفكير والسلوك.
الدكتور حمدى حسن المحروقى، أستاذ أصول التربية، العميد السابق لكلية التربية بجامعة الزقازيق، يؤكد أن الأصل فى التعليم أنه أداة المجتمع لخلق أفراد أسوياء، قادرين على تحقيق الأمن للمجتمع، وتمثيل ثقافته، والمحافظة عليها وتطويرها، بما يملك من آليات تمد النشء بالقدرة على الإبداع، والابتكار، والحوار، والتخطيط للمستقبل، وشغل أوقات الفراغ، والتسامح، وقبول الآخر، والمسئولية، والالتزام.
ويتساءل: هل استطاع تعليمنا الحالى تحقيق ذلك؟ وما علاقة التعليم بالتطرف والإرهاب؟ ويجيب بأنه يجب أولاً الوقوف على تعريف واضح للتطرف، الذى نقصد به هنا انحراف الفرد عن الوسطية والاعتدال، أو الخروج عن القواعد والأعراف والقيم التى ارتضاها المجتمع لتحديد هويته، وقد يأخذ التطرف أشكالاً، أو سلوكيات، وغالباً ما يتسم صاحبه بالتعصب .
ويشير المحروقى إلى أن التعليم الحالى يمكن أن يسهم فى تنامى ظاهرة التطرف لعدة أسباب، منها: فشل التعليم الحالى فى تضييق الفوارق الطبيعية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، وانتشار المدارس التابعة لهيئات أجنبية تعمل على إضعاف الانتماء، وتقوى الولاء للدول التابعة لها، حيث يتجاهل معظمها تحية العلم والنشيد الوطنى والتربية، وتدريس التاريخ، وإهمال التعليم للأنشطة الطلابية على اختلاف أنواعها، والتى يعبر الطلاب من خلالها عن احتياجاتهم ومشاكلهم، وبالتالى إحباط التيارات المتطرفة التى تجذب الشباب، وشيوع نمط التربية القائم على الطاعة والانصياع، وغياب مساحات المناقشة، وتفنيد المفاهيم المغلوطة لدى الشباب، وتفشى مشكلة بطالة الخريجين، وفشل التعليم فى تكوين الشخصية السوية التى تقدر الأخلاق والقيم، وتشجب المظالم، وتقاوم القهر والطغيان.
الدكتور محمد سالم، عميد كلية التربية بجامعة بورسعيد، يؤكد أن المرحلة الابتدائية تُعد فرصة مهمة لغرس البذرة الأولى للقضاء على التطرف، كما أنها فرصة للأطفال للوعى بمعنى المجتمع المتغير من حولهم، والعالم الذى يعيشون فيه، ويجد معلمو المدارس الابتدائية صعوبات تذكر فى تحديد أى نوع من المواطنين يودون من هؤلاء الأطفال أن يصبحوا، كما يرون أن الفرص المتاحة لتطوير الأطفال ومعارفهم قد تقلصت فى السنوات الأخيرة بفعل الحاجة إلى تقديم المواد الأساسية.
ويضيف أن معلم المرحلة الابتدائية يعد اللبنة الأولى فى خلق عدد من المتعلمين الأكثر فعالية فى مواجهة مشكلات مجتمعاتهم، وقبل كل شىء يلعب دوراً مهماً فى خلق مواطنين مسئولين وصالحين.
ويشير سالم إلى أن معلمى الأطفال بحاجة لأن يدرسوا ذلك بشكل منهجى، وأن يُمنحوا فرصاً كافية لتنمية المهارات اللازمة، والثقة التى تمكنهم من المشاركة الكاملة فى عمليات صنع القرار، بما يتيح الفرصة لتوسيع الآفاق الثقافية، والاجتماعية، والسياسية، خاصة فيما يتعلق بتنمية الشعور بالهوية، وتقدير قيمة التنوع فى مجتمعاتنا، مشددا على أن هذه المهام يجب ألا توجد فى هوامش أولويات النظم التعليمية، أو أن تكون اختيارية أو تطوعية، بل فى إطار متكامل من البرامج الدراسية المنصوص عليها قانونا، على أن يكون ذلك فى إطار منهج ذى نطاق واسع بما يكفى لتزويد الأطفال بالأسس العقلية والفكرية التى تمكنهم من الاختيار، وتكفل لهم القدرة على اتخاذ قرارات مسئولة فى مراحل لاحقة من حياتهم.
من جانبها، تُجمل الدكتورة هالة طليمات، أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس بكلية التربية بجامعة دمنهور، أهم الأسباب التى ربطت التعليم بالعنف فى فقدان مبنى المدرسة لمعناه، حيث تحول من مؤسسة تبنى الفرد فى جميع جوانبه إلى مجرد عنابر تضم فصولا يجبرها التزايد السكانى على العمل بنظام الورديات، وتهاوى أحد أهم رموز أى دولة، وهو المعلم، على يد مؤسسة الإعلام، من خلال أعمال هابطة، ومناقشات سطحية، ونظرة مجتمعية غير مسئولة، وليتنا نتنبه إلى أن الألفاظ المتبادلة بين طلاب المدارس الآن تشير إلى أن هناك رموزا أخرى تتهاوى، إذ تتدخل الأسرة- دون علم أو دراسة- لتملى على الوزارة ما يجب أن يدرسه الأبناء معتمدين على الفوضى الإعلامية، وتحول التعليم فى ذهن المتعلم لمجرد نجاح ورسوب، وتقبل لفكرة الغش ومجاميع، ومكتب تنسيق، مع تجاهل تام لرغبات المتعلم، وتجاهل أكثر لأهم شىء، وهو التعلم والتفكير.
وتضيف إلى ما سبق اختزال المناهج لوريقات تُلقن وتُحفظ بحجة مقاومة ما يعرف بالحشو فى المناهج لمجرد إرضاء الرأى العام، فضلا عن كون المناهج بعيدة عن حياة المتعلمين، وتصنيف أبناء المجمتع الواحد، وتمايز أفراده على أساس مجاميع الثانوية العامة، وعلى التحاقهم بمؤسسات تعليمية حكومية، وتجريبية، وخاصة، ودولية، فضلا عن مهزلة كليات القمة والقاع، وإلغاء حصص الأنشطة الرياضية والفنية، وفى الوقت نفسه نسأل: كيف تكون صناعة النجم الرياضى أو المبدع؟ ثم نرجع ونتساءل: لماذا ينقلب بعضهم لإرهابيين؟ وانعزال أبنائنا عن الأسرة والمجتمع بأجهزة وبرامج إلكترونية، وقضاء المساء والسهرة على المقاهى.
وتحذر طليمات من أنه إذا لم ندرك أن أدوات أى مجتمع نحو القوة تكمن فى المعرفة والتفكير، وإذا لم نعد للمؤسسة التعليمية دورها فى كونها خط الدفاع الأول للأمن القومى المصرى التى تُكون الانتماء، وتمنح الأفراد أدوات التفكير، والتأمل، والمعرفة، وتكشف عن قدراتهم ومواهبهم، وتشكل عقل الأمة، فسنظل فى دائرة الخوف من تغييب العقل، وماذا يبقى إذا ذهب؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.