أعربت وسائل إعلام أجنبية عن إعجابها الشديد بالتصريحات العدائية والتحريضية الصادرة ضد مصر من جانب مسئولى دولة قطر وإعلامها، وحرصت على نقل هذه التصريحات بحذافيرها وكأنها تتبناها أو تروج لها، أو تأكد مصداقيتها، دون عرض وجهة النظر المصرية تجاه أى اتهام أو إساءة من الجانب القطري. فقد بثت وكالة «رويترز» خبرا بتاريخ 26 نوفمبر بعنوان «وزير الخارجية القطرى: غزة قد تصبح منصة انطلاقة لتنظيم داعش»، وذلك قبل تفجير الكنيسة البطرسية الأخير الذى تبناه بالفعل تنظيم داعش وكانت قناة «الجزيرة» القطرية أول من بثه ونشره للعالم. وتضمن تقرير «رويترز» ما صرح به الوزير القطرى محمد بن عبد الرحمن آل ثانى من أن “الاقتتال الفلسطينى الداخلى والحصار الإسرائيلى المفروض على قطاع غزة منذ أعوام قد يحولان القطاع إلى منصة انطلاق سهلة للقائمين على شئون التجنيد فى صفوف داعش». وزعم الوزير القطرى أن ما سماه «الحصار» الذى تفرضه إسرائيل ومصر على حدود غزة - لاحظ المقاربة - حول الأرض هناك إلى «سجن فى الهواء الطلق». وبدلا من عرض الحقائق عن طبيعة علاقة قطر بتنظيم داعش أو عن عبور الفلسطينيين من معبر رفح بين الحين والآخر، اكتفت «رويترز» بالحديث عن أن قطر لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، فى الوقت الذى تتوتر فيه علاقاتها مع الحكومة المصرية التى وصفتها رويترز بأنها “مدعومة من الجيش”، حيث تغلق حدودها مع قطاع غزة إلى حد كبير منذ عزل الرئيس الإسلامى محمد مرسي، بحسب مفردات الوكالة. كما نشرت الوكالة فى اليوم نفسه تقريرا تتحدث فيه عن هجوم الوزير القطرى على مصر فيما يتعلق بالشأن السوري، ووصفت «رويترز» مصر بأنها تعد بصورة طبيعية حليفا مقربا من دول الخليج، وأن الهجوم القطرى عليها جاء بسبب ظهورها بمظهر المنحاز إلى الرئيس السورى بشار الأسد. والطريف أن رويترز نفسها التى لم تعرض وجهة نظر الحكومة المصرية فى سياق تقاريرها وترويجها لتصريحات الوزير القطري، سارعت لتطلب رد المتحدث باسم الحكومة القطرية على خبر بثته الوكالة نفسها - على مضض على ما يبدو - فى أول ديسمبر بعنوان “موقع إخبارى قطرى يعلم أن الرقابة منعت الوصول إليه”، حول قيام قطر بحظر موقع “دوحة نيوز” الإخبارى المستقل، حيث ذكرت رويترز فى سياق تقريرها، ربما من جانب التأدب، أن المتحدث باسم الحكومة القطرية لم يرد على الرسائل الهاتفية من «رويترز» للاستفسار منه على هذه المسألة!! .. فيا لها من مهنية!!. كما لوحظ أن وكالة «رويترز» وزميلتها «أسوشيتد برس»، فضلا عن هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي»، بثت خبر إغلاق الموقع الإليكترونى القطرى المستقل باقتضاب شديد للغاية، وكل ما تم بثه خبر واحد صغير فقط على كل وكالة، بينما لو كان هذا الخبر قد حدث فى دولة مثل مصر لتم بث عشرات الأخبار والتقارير والتحليلات والمقالات عن قمع الحريات ووسائل الإعلام فى مصر، ويا لها أيضا من مهنية وموضوعية!!. ولا يفوتنا هنا الإشارة إلى الاهتمام الكبير الذى أبدته هذه الوسائل الإعلامية الغربية بالفيلم المسيء للجيش المصرى الذى عرضته قناة الجزيرة فور عرضه، وربما حتى يومنا هذا، عبر تحويله إلى أحد أفلام الأوسكار التى تستحق النقد والتعليق، لدرجة أن شبكة «سي.إن.إن» تركت كل قضايا العالم وبثت تقريرا بتاريخ 29 نوفمبر بعنوان “كيف رد إعلاميو قطر على الجدل الدائر حول الفيلم المسيء لمصر؟” تضمن عرضا لإساءات وجهها صحفى قطرى يدعى عبدالله العذبة ل«النظام» المصري، ولاحظ استخدام كلمة «النظام» هنا من جانب «سي.إن.إن»، حيث اهتمت الشبكة الأمريكية كثيرا بعرض آراء هذا الصحفى بدعوى تصديه للهجوم الذى تشنه وسائل الإعلام الموالية للنظام المصرى ضد الدوحة، ردا على بث الفيلم، وكأن الإعلام الحديث يقتضى نشر تفاصيل الفيلم، ثم تجاهلت نشر الردود المصرية الرسمية والإعلامية عليها، ثم نشرت الرد القطرى على الردود المصرية، ولكن دون الإشارة إليها، فأى إعلام هذا؟!!. أى إعلام هذا الذى تحركه دولة صغيرة، وقناة «مريبة»، وتحدد توجهاته وأجنداته، بل ومصطلحاته، وكيف يزعم هذا الإعلام أنه «عالمي» وذو مصداقية، ويقدم دروسا فى المهنية والموضوعية، وهو الذى يفخر بأنه تحول إلى «سكرتير» و«محام» لقناة مشبوهة؟!. ألم تتعظ هذه الوسائل الإعلامية الأمريكية والبريطانية الكبرى من «الفشل» المروع والمخزى الذى تعرضت له فى استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى وفى انتخابات الرئاسة الأمريكية، بداية من استطلاعات الرأى «المضروبة» التى فشلت فى توقع النتيجة وفى توجيه الرأى العام، ونهاية بالإساءة والبذاءة والتحريض ضد أحد المرشحين فى الانتخابات الأمريكية لصالح مرشح آخر؟!. ألم تستوعب هذه الأبواق الإعلامية الدرس البليغ الذى لقنه إياها المصريون بداية من ثورة 30 يونيو، ونهاية بتلاحمهم فى جريمة الكنيسة البطرسية فى وجه محاولات التحريض وبث الفتنة والفرقة بينهم؟!.