المأساة تجسدت فى كلمات .. مجرد كلمات لكنها تقطر دموعاً ودماً .. كتبها أهالى الضحايا بحروف من نور ستظل تضيء فى ذاكرة المصريين، فمنذ وقوع الحادث الإرهابى الغادر الذى راح ضحيته 25 شهيداً وإصابة العشرات داخل الكنيسة، حتى انتفض الشعب المصرى ضد الإرهاب الأسود، لا فرق هنا بين مسلم ومسيحى .. الكل مصريون.. البلد يذرف دماً حزناً وآلماً على أبناء مصر من السيدات والأطفال الذين فقدوا حياتهم فى مشاهد دامية أبكت قلوب المصريين. ومنذ الساعات الأولى للحادث الغاشم، حتى بدأت مواقع التواصل الاجتماعى تتناقل تفاصيل الحادث، وصور الضحايا، وتحول «الفيس بوك» إلى سجل كبير للعزاء ومواساة أهالى الضحايا، حتى أن آسر الشهداء أنفسهم راحوا ينعون أبناءهم على صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل، وكان من بين أكثر المشاهد آلماً ، عندما تداول رواد التواصل الاجتماعى صورتين لشقيقتين وكأنهما من الملائكة وهما مارينا، وفيرونيا فهيم حلمي، وكتب أحد أصدقائهما « مش قادر أصدق.. ربنا يرحمكم«، وأخرى قالت« قلبى واجعنى أوى عليهم يارب، فيبرونا، مارينا فهيم، مع المسيح يا حبايبي»، وقالت أخرى «أختين بعمر الورود راحوا ضحية شوية... ربنا يصبر أهلهم». أما إحدى مدرسات الشقيقتين، فقالت فى أحضان القديسين يا حبايبي، فخورة بيكم بجد، ومش قادرة أصدق يا شهداء المسيح، فخورة أنى خدمتكم من ابتدائى وحتى ثانوي، بس سبقتونا على السماء، اذكروني، مارينا وفبرونيا قد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعى آخر كلمات كانت كتبتها الشهيدة «مارينا فهيم» فى شهر نوفمبر الماضي، وكأنها كانت تعلم مصيرها، عندما قالت «مش صعب أنك تتولد من جديد، مهما العمر عدى بيك، ادينا نعمة التوبة يا يسوع» ، وقد كان بالفعل ما تمنت مارينا عندما نالت الشهادة، أثناء تأديتها للصلاة بالكنيسة. الشهيدة نيفين ومن بين الضحايا الذين اهتزت مواقع التواصل الاجتماعى حزناً عليها كانت الشهيدة الدكتورة نيفين عادل سلامة، التى راح كل من يعرفها يكتب عنها، غير مصدق أنها فارقت الحياة، فى لحظة واحدة على أيدى الإرهاب الأسود، فقد كتبت إحدى صديقاتها قائلة «ربنا يرحمك يا نفين، صدمة صعبة أوى .. أدخل أطمن عليكى يقولولى الله يرحمها، ربنا يرحمك يا قلبى»، وقالت اخرى «مش لاقيه كلام يتقال! من أحسن وأطيب الناس اللى عرفتها فى حياتي، هى وعائلتها كلها، حسبى الله ونعم الوكيل .. رحمتك بنا يارب»، وقال آخر «البقاء لله .. أذكرينا أمام عرش النعمة يا عروس المسيح» وقد أهدى أحد رواد «الفيس بوك» قصيدة رثاء إلى روح كل شهيدة باسم كل منهن مع نشر صورهن، مما أبكى كل من قرأ القصيدة ، والكل يردد « اللهم ارحم الشهداء «. رسالة لفيرينا عماد ومن بين أكثر المنشورات انتشارا على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك، كانت رسالة الفتاة المسلمة آية عماد لصديقتها القبطية فيرينا عماد التى أدمت القلوب، وهى تسألها كيف سيأتى اليوم الذى تنتظرها فيها للذهاب معها إلى الكلية و تناول الطعام والضحكة من القلب دون أن تكون معها. وعلق المئات على هذه الصورة تحديدا قائلين: هذه هى مصر التى نعرفها ونعيش فيها، وبزيارة للصفحة الشخصية لآية وقراءة ما تنشره تستشعر لوهلة وكأنها أخت حقيقية لفيرينا حيث نشرت بالتفاصيل مكان وموعد العزاء وكيفية الوصول إليه . بسمة وأولادها صورة ملائكية لأم مصرية شابة مع زوجها وطفليها انتشرت بالأمس على مواقع التواصل الاجتماعى يبتسمون فى سعادة للكاميرا فيما يبدو أنها مناسبة عائلية.. لكن التعليق كان يدمى القلوب بمعنى الكلمة حيث إنه اقتصر على الطلب بالدعاء للأم «بسمة» وطفليها للنجاة من الاصابة التى ألمت بهم اثر الانفجار الاجرامى حيث يخضعون للعلاج حاليا فى مستشفى الدمرداش. والصورة تحمل الكثير من الدلالات أولها أن الطفلين لا يتعدى عمر أكبرهما السنوات الخمس وأنهما وأمهما هم كل يملكه هذا الزوج والأب الذى لا يدرى ما ذنب أسرته الصغيرة فى كل هذا سوى أن والدتهم اصطحبتهم معها للصلاة ككل أحد فى الكنيسة. وببحث صغير على محرك البحث الخاص بموقع فيسبوك، تجد أن صورة بسمة وأولادها انتشرت على عشرات الصفحات إما الشخصية وإما المجموعات أو الصفحات العامة ومرة تقرؤها بدعوات بالنجاة من أقباط ومرات أخرى بدعوات من المسلمين. وبزيارة سريعة لصفحات الشهداء الشخصية تجد أن جميعهم كان يشاركون إخوانهم المسلمين يوم الاحتفال بالمولد النبوى الشريف ويتوجهون إليهم بصادق عبارات الود والمحبة، لذلك كان مردود الفاجعة عند أصدقائهم أكبر مما يتصوره العقل. ولليوم الثانى على التوالى تواصلت نداءات المصريين على مواقع التواصل الاجتماعى للتبرع بالدم والدعم لمستشفى الدمرداش التى تواجه نقصا فى مواجهة هذه الكارثة، كما انتشرت صور للشباب الذين وقفوا بالطوابير فى انتظار التبرع بالدم.. وكان التعليق الأهم على هذه الظاهرة هى أنها تحمل رسالة لأعداء الوطن بأن الدم واحد. كما انتشرت بقوة الآيات والأحاديث النبوية الشريفة التى تؤكد حرمة الدم وأن من يؤذى أهل الذمة فقد آذى سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام .