كانت لندن منذ التسعينيات من مراكز العالم الكبرى للجماعات الإسلامية المتطرفة مثل الجماعة الإسلامية الجزائرية، والجماعة الإسلامية الليبية ، وتنظيم الجهاد المصري، وتنظيم القاعدة التى سمحت السلطات البريطانية لها بفتح مكتب فى العاصمة البريطانية. وكان تنظيم القاعدة يعتبر لندن المركز العصبى لعملياته خارج بريطانيا، وكان كثيرون من معاونى أسامة بن لادن الرئيسيين يمارسون نشاطهم من لندن ويجمعون الأموال بالملايين من بريطانيا لتمويل عملياتهم ويقومون بتجنيد «المجاهدين» للجهاد فى شتى أنحاء العالم من أفغانستان إلى اليمن، هذه هى المعلومات التى توصل إليها الباحث البريطانى «مارك كورتيس» بعد أن رفعت السلطات البريطانية الحظر عن بعض الوثائق السرية للمخابرات والخارجية البريطانية، وقضى مارك كورتيس شهورا فى دراسة العلاقات السرية بين المخابرات والخارجية البريطانية وبين جماعة الإخوان اتخذوا من لندن مقرا لهم وأتموا تدريباتهم فى معسكرات التدريب التابعة لهذه الجماعات، وشارك بعضهم فى حرب البوسنة وفى حرب كوسوفو، وفى هذه الفترة أطلقت الصحافة على لندن اسم «لندنستان» تعبيرا عن نشاط الجماعات الإرهابية فيها الذى يماثل نشاطهم فى «أفغانستان» وغيرها. وحين بحث مارك كورتيس عن تفسير لسياسة بريطانيا تجاه الجماعات الإسلامية ومع الإخوان بصفة خاصة وجد التفسير فى الوثائق السرية وهو أن أجهزة الأمن والمخابرات البريطانية عقدت مع هذه الجماعات ما أسمته «عهد الأمن» وحددت أمام هذه الجماعات المبدأ الذى يجب ألا تحيد عنه هذه الجماعات وهو (إذا لم تسببوا لنا أى مشاكل فإننا لن نضايقكم) وقد كشف عن هذا العهد أبو حمزة الإمام السابق لمسجد فنسيرى بارك عندما قامت السلطات البريطانية بتقديمه للمحاكمة بعد أن أخل بالاتفاق وانغمس فى التخطيط لعمليات داخل لندن, وقال أيضا أثناء المحاكمة إن المخابرات البريطانية أبلغته (ليس لديك أى شيء تقلق منه ما دمنا لا نرى الدم فى الشوارع).. ومما يؤيد قوله ما ذكره المسئول عن مكتب أسامة بن لادن فى لندن فى أبريل عام 1998 فى حديث مع الصحفى الفرنسى اريشار لايفييه حيث قال: «إن لندن هى المقر الرئيسى لجماعتنا... فالسلطات متسامحة للغاية مادام المرء لا يتدخل فى الشئون الداخلية» .ووجد الباحث البريطانى فى الوثائق السرية تعليمات بالسماح للإرهابيين فى لندن بمواصلة نشاطهم فى الخارج ومنهم أبو حمزة وأبو قتادة. ووجد أن بعض قيادات الجماعات فى لندن يعملون مع السلطات مرشدين عن أنشطة الجماعات ومنهم من كان يحصل على راتب من المخابرات البريطانية، وأن المخابرات البريطانية استخدمت هذه الجماعات لإثارة القلاقل فى بلادها, ويذكر الباحث البريطانى كيف أسهمت جماعة الإخوان فى خدمة أهداف السياسة البريطانية فيقول «إن الوثائق السرية تشمل تقارير باعتبار الإخوان والجماعات الأخرى القوة المساندة للتحول إلى الانفتاح الاقتصادى» هذه بعض الحقائق التى كانت فى السر لسنوات ثم رفعت عنها السرية. لمزيد من مقالات رجب البنا