طوال عقود مضت كان المجلس الأعلى للشئون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف المصرية، أحد أدوات القوى الناعمة لمصر،وكان نشر الثقافة الإسلامية، والتواصل مع الخارج، وترجمة المطبوعات الإسلامية باللغات الأجنبية المختلفة أهم الأهداف التى دفعت الدكتور أحمد عبد الله طعيمة وزير الأوقاف الأسبق، لإصدار قرار فى عام 1959 بإنشاء إدارة جديدة بالأوقاف تختص بالتعاون والتواصل مع الشعوب العربية والإسلامية، وخلال عام واحد أصبحت هذه الإدارة إحدى أدوات القوى الناعمة لمصر فصدر قرار وزارى بإنشاء المجلس الأعلى للشئون الإسلامية عام 1960. وجاء الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف بإعادة تشكيل لجان المجلس الأعلى للشئون الإسلامية والتى تضم 11 لجنة مؤلفة من نخبة كبار علماء الأزهر والمثقفين من مختلف التخصصات الدينية والعلمية والاجتماعية، بما يسهم فى نشر الثقافة الإسلامية الصحيحة والفكر الوسطي، ومواجهة الإرهاب والتطرف ومعالجة القضايا العصرية والمستجدات برؤى مستنيرة، ليشكل بارقة أمل فى إحياء الدور الخارجى للمجلس وإعادته إلى سابق عهده كأحد أدوات القوة الناعمة لمصر. وتضمن قرار وزير الأوقاف إعادة تشكيل لجان الدراسات الفقهية، والقرآنية، والمرأة والأسرة والطفل، وإحياء التراث وتحقيقه وتنقيحه وتيسيره، واللغات والترجمة، والحوار الحضاري، والمؤتمرات والندوات، والحوار والتواصل المجتمعي، والمستجدات وتفكيك الفكر المتطرف، والتثقيف العام. وحول دور المجلس ونشاط اللجان فى الفترة المقبلة، يقول الدكتور أحمد عجيبة الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن وزارة الأوقاف تسعى جاهدة ليؤدى المجلس دوره المنشود فى خدمة الدعوة الإسلامية ونشر الوسطية والاعتدال، وهناك خطوات كثيرة تمت فى هذا المجال، حيث شهدت إصدارات المجلس إقبالا كبيرا وخصوصا الكتب التى ركزت على تصحيح المفاهيم الدينية، هذا بالإضافة لما تقوم به اللجان العلمية التى تضم نخبة من كبار العلماء فى التخصصات العلمية المختلفة، كذلك هناك توسع فى طباعة وترجمة الكتب باللغات الأجنبية، وتم عقد معرض لمطبوعات المجلس بجامعتى القاهرة والمنصورة لبيع المطبوعات بأسعار تناسب الجميع، بهدف نشر الوسطية والاعتدال وتصحيح المفاهيم المغلوطة لدى الشباب، بالإضافة للاستعداد للمشاركة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، ويتم حاليا التجهيز لعقد المؤتمر الدولى السنوى للمجلس، الذى سيعقد تحت عنوان « دور القادة فى مواجهة الإرهاب ونشر ثقافة السلام». رسالة مستمرة من جانبه يقول الدكتور نصر فريد واصل مفتى الجمهورية الأسبق وعضو لجنة الدراسات الفقهية، إن المجلس يقوم بدور كبير فى خدمة الدعوة الإسلامية والخطاب الديني، ونشر الوسطية والاعتدال ومواجهة التشدد، وله دور ورسالة مستمرة داخل مصر وخارجها، فهناك المؤتمر السنوى الذى يناقش القضايا العصرية التى تحتاج لبحث ودراسة، هذا بجانب الجهد العلمى الذى تقوم به اللجان العلمية للمجلس، وهذا دليل على أن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية يعمل وفق خطط ثابتة ومستمرة فى مجال نشر الثقافة الإسلامية والتواصل مع الخارج، ودراسة القضايا المختلفة، وسيظل يقوم بهذا الدور ويحقق هذه المكانة، فى إطار المنهج الوسطى المعتدل، لخدمة الأمة الإسلامية وبيان سماحة وعظمة الإسلام . جهود فى خدمة الدعوة وأوضح الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بأسيوط سابقا، أن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية له دور بارز فى الرد على الأكاذيب والافتراءات التى يطلقها أعداء الإسلام، ويتجلى هذا الدور فى عدة أشياء، منها: الدوريات العلمية الشهرية التى يصدرها، وهى مطبوعات متميزة تحمل الكثير من الثقافة الإسلامية الوسطية، وتلعب دورا مهما فى تصحيح المفاهيم وتوعية الشباب، والتى تباع بأسعار رمزية تناسب الجميع، كما يقوم المجلس بهذا الدور المحورى من خلال الاجتماعات الدورية للجان التى تضم نخبة من كبار العلماء. كما يلعب المجلس دورا خارجيا من خلال المؤتمر السنوى الذى يشهد حضورا متميزا من علماء الدول العربية والإسلامية، ويناقش قضايا تهم الأمة الإسلامية، ويكلف المجلس أعضاء اللجان والمشاركين فى المؤتمر بالكتابة العلمية الدقيقة فى الأمور التى يناقشها المؤتمر. رسالة عالمية وطالب الدكتور علوى أمين، الأستاذ بكلية الشريعة بجامعة الأزهر، بضرورة دعم المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ليقوم بالدور والرسالة، التى تحملها منذ التأسيس عام 1960، والتى تمثلت فى التواصل مع المسلمين فى الخارج، وقد كان المجلس بالفعل أحد أدوات القوة الناعمة لمصر فى هذه الفترة، وهناك جهود كبيرة تُبذل فى هذا المجال تتمثل فى ترجمة المطبوعات باللغات الأجنبية المختلفة، والمكتبات التى يتم إرسالها للدول الإسلامية، ولابد من توفير الدعم لتظل هذه الرسالة قائمة على أحسن وجه، لأنه مجلس عالمي، ولابد أن نركز على دوره فى الخارج أكثر من التركيز على الداخل، ويجب أن نقدم كل الإمكانات المادية للمجلس، ليستمر فى القيام بهذا الدور لخدمة الإسلام والمسلمين فى مختلف بلاد العالم، والتواصل مع المسلمين فى الخارج، فقد كان فى السابق أحد أدوات القوة الناعمة لمصر، وهذا يدفعنا للاستمرار فى القيام بنفس هذه الرسالة، ليظل دور المجلس الأعلى للشئون الإسلامية،