العسكرية المصرية شرف لكل مصرى وفخر لكل فرد التحق بصفوفها وخدم فى اسلحتها المختلفة، فلا يختلف اثنان على ان القوات المسلحة تصنع الرجال والابطال، فهى تهتم بالفرد وتقوم باعداده اعدادا جيدا من خلال الحياة العسكرية التى يعيشها اثناء خدمته بصفوفها سواء كان جنديا او ضابطا لتخلق منه فردا مقاتلا منضبطا صالحا لاداء مهامه الموكلة اليه بكفاءة عالية وهذه هى سمات القوات المسلحة المصرية، وكانت جولة «الأهرام» من قلب وحدات المظلات بانشاص حيث رصدت يوما كاملا فى حياة «فرد مظلي» . كثير منا لا يعلم الدور الذى تقوم به قوات المظلات داخل منظومة القوات المسلحة، فقوات المظلات لها دور حيوى ومهم لا يقل فى الاهمية عن قوات الصاعقة بسبب المهام والعمليات المتعددة التى تقوم بها فى كل الظروف، فهى مختصة بتامين نقل الافراد والمعدات خلف خطوط العدو وكذلك الابرارات الجوية للعمليات والاغارات على منشأته ومعسكراته وهى فرع من القوات البرية تدخل ضمن القوات الخاصة للقوات المسلحة، لها تاريخ عريق ومشرف، فهى تعد من اعرق الوحدات فى العالم، تأسست عام 1933، وفى الحرب العالمية ظهرت اهمية الحاجة اليها فتم تدشينها عام 1951، ومع قيام ثورة 23 يوليو فى عام 1952 كانت مصر اول دولة عربية تملك قوات مظلات، وتاسست مدرسة المظلات على يد الفريق سعد الدين الشاذلي، وكانت مقرها فى منطقة منشية البكري الى ان تم نقلها فى الستينيات الى وادى انشاص ببلبيس وتمثل وحدات المظلات على مستوى العالم، قوات الانتشار السريع القادرة على الوصول إلى الأهداف الاستراتيجية على مسافات بعيدة والتمسك بها لحين وصول القوات الرئيسية ضمن معركة الاسلحة المشتركة الحديثة، وقد حظيت وحدات المظلات باهتمام خاص ضمن منظومة التطوير والتحديث للقوات المسلحة، وتوفير جميع الإمكانيات والوسائل التى تحقق لهذه القوات القدرة القتالية العالية والاستعداد الدائم لتنفيذ المهام بكفاءة وتحت مختلف الظروف . ويعتبر الفرد المقاتل هو الركيزة الاساسية فى القوات المسلحة ولابد من الاهتمام بصحته ولياقته البدنية كى يستطيع ان يقوم بمهمته الموكلة اليه على اكمل وجه لان المهام فى غالبية الامور ليست عادية وتحتاج فردا يتصف بمواصفات محددة، وان فرد المظلات تحديدا لابد ان يكون ذا جلد معين ويتم تدريبه بشكل خاص ليتسق مع مواصفات قوات المظلات، كما ان المهام فى وحدات المظلة بصفة عامة تبدأ من المكان الذى تصل اليه قوات المظلات سواء كان برا او بحرا او جوا او ارضا وهى مهام خاصة وتنفذ خلف خطوط العدو ولذلك لابد من الاستعداد الجيد لها. وتتنوع وسائل اعداد وتدريب الفرد المقاتل داخل وحدات المظلات من خلال الانشطة والمهارات الاساسية للمجندين حديثى الألتحاق بوحدات المظلات واعدادهم بدنيا ونفسيا على التكتيكات الصغرى والمهارة فى الميدان وكيفية استغلال طبيعة الارض، ورفع معدلات الكفاءة العضلية والعصبية لمقاتلى المظلات، وقدرتهم على التغلب على الموانع الطبيعية والصناعية والصعود والانزلاق فى ميدان الجبال وتسلق الجدران والقفز من طائرة هيكلية والقيام بالنزول السريع وتنفيذ اعمال القتال وصولاً لأعلى مستويات الكفاءة والتدريب القتالي. كذلك ميادين التدريب التخصصية المتطورة مثل ميدان التدريب على الاقتحام الجوى (الجاكوب) حيث يتم التدريب على اعمال الاقتحام والاخلاء ومواجهة العناصر المعادية والسيطرة على الموقف بجانب محاكى القفز الحر والذى يتم فيه التدريب على انسب اسلوب لتحقيق الامان للقافزين اثناء الخروج من الطائرة وفتح المظلة و يستخدم عامود الهواء فى التدريب على القفز للعمليات والقفز الرياضى بما يتيحه من امكانية ممارسة العاب الهواء وعمل محاكاة واقعية لعملية القفز اثناء تنفيذ المهام و تأهيل القافزين المتدربين لمواجهة جميع الظروف الطارئة التى يمكن ان تواجههم اثناء القفز. ولتدريب الفرد على مهام القفز فقد تم تجهيز وحدات المظلات بأحدث المعدات التى تحقق له التدرج فى التدريب والتعود على الظروف التى يواجهها الفرد سواء أثناء تعلقه بالفضاء أو الهبوط والقدرة على التحكم فى المظلة واتخاذ القرار السليم فى التوقيت الصحيح إلى جانب تطوير مهمات ومعدات القفز من مختلف الارتفاعات وتطوير ميادين التدريب وتجهيزها بمساعدات التدريب الحديثة التى تحقق لها مستوى متقدما فى تدريب الوحدات، بالإضافة إلى التطوير فى الأسلحة ومعدات القتال خفيفة الحركة والتى تتناسب مع طبيعة مهام قوات المظلات. وعن التدريبات المشتركة مع الدول ومشاركة قوات المظلات فيها فإن قوات المظلات تشارك فى التدريبات المشتركة مع العديد من الدول العربية والاجنبية وكانت اول مشاركة لها فى مناورة النجم الساطع والتى بدأت فى الثمانينيات، كما شاركت قوات المظلات فى التدريب المصرى الروسى المشترك حماة الصداقة والذى حظى باهتمام كبير من قبل الجانب الروسي. وتهدف التدريبات المشتركة مع الدول الى توطيد اواصر الصداقة بين مصر والدول الاخرى ونقل الخبرات المختلفة سواء عن طريق المعدات او عن طريق الافراد، وايضا الاطلاع على تدريبات الاخرين، ويأتى ذلك فى مصلحة الفرد المقاتل إذ يعطية مزيدا من الثقة التى يكتسبها تمكنه من تطوير نفسه. وتستمر التدريبات المشتركة طوال العام وكذلك البعثات الخارجية والزيارات الميدانية والتى ينتج عنها فى النهاية رفع كفاءة التدريب واساليب العمل حتى نصل الى اخراج منتج بشكل جيد يتمثل فى تأهيل فرد قادر على القيام بمهامه بشكل جيد ويتحلى بالايمان والكرامة ولا يأتى ذلك الا بالروح المعنوية العالية لان ممارسة اى ضغوط نفسية على الفرد المقاتل لا تجنى الفائدة المرجوة منه او الاستفادة منه فى اى مهمة. والفرد المقاتل بقوات المظلات له مواصفات خاصة.. حيث يتم اختياره عن طريق فرع الانتقاء، فضلا عمن لديه الرغبة فى الانضمام إليها، فالشباب المصرى يعتبر من أكثر الشباب فى العالم لديه رغبة كبيرة للانضمام إلى قواته المسلحة سواء كان مجندا أو ضمن الكليات العسكرية. ويعتبر تأهيل الفرد المقاتل ركيزة أساسية داخل وحدات المظلات المصرية، فيبدأ يومه رياضيا، فهو يقوم بالجرى من 8 إلى 10 كيلو مترات يوميا من أجل تأهيله بدنيا، للقدرة على القفز بالمظلة، لأن الأمر يتطلب لياقة وقوة بدنية تسمح له بالقفز. ويخضع مقاتل المظلات إلى ساعتين ونصف الساعة لياقة يوميا منقسمة إلى ساعة ونصف لياقة مجمعة، وساعة لياقة حرة، ليبدأ مرحلة التدريبات وفقا لأحدث النظم والمعدات العالمية ، فالتطوير المستمر ركيزة أساسية من أجل الارتقاء بقدرات ومهمات الافراد داخل وحدات المظلات. كما يتم عقد لقاءات دورية للتواصل مع فدائى المظلات للرد على الشائعات والحرب النفسية التى تتعرض لها مصر. ويخضع فدائيو المظلات إلى تدريبات متنوعة وعلى بيئات مختلفة لتحقيق قدرة على التعايش والتعامل وتنفيذ المهام المكلفة له فى جميع البيئات وتحت كل الظروف. ويتم تدريب المستجدين لوحدات المظلات على الأرض، فهناك طرق محاكاة للطيران يخضع المستجد للتدريب عليها ،خوفا على سلامته ولا يسمح لأفراد المظلات بتنفيذ التعليمات والمهام عمليا إلا بعد التأكد بشكل كامل من قدرتهم على التنفيذ، وفى وجود مدربين مساعدين لهم فى البداية، حفاظا على حياتهم. وتعتمد وحدات المظلات أيضا على أحدث منظومات الملاحة الجوية، حيث يتم إعطاء المعلومات للفرد مقاتل المظلات بحركة الملاحة والرياح قبل القفز من الطائرة، لتكون لديه جميع المعلومات حتى لا يتعرض لأى مفاجأة فى الجو. ويوجد فرصة للفرد المقاتل بوحدات المظلات إلى التعرف على تاريخ وحدات المظلات، فهناك متحف كبير يملك تاريخ وحدات المظلات منذ نشأتها حتى الآن، وأقوى المهام التى قامت بتنفيذها، فضلا عن مكتبة علمية وتاريخية ضخمة، لتنمية المهارات وزيادة الوعى لدى الفرد المقاتل، فالاهتمام ليس بدنيا فقط، بل علميا وعقليا أيضا. ومن جانبه قال الجندى مقاتل «أحمد سيد»، أحد أبطال قوات المظلات، إن الالتزام والانضباط من أهم الأشياء التى اكتسبها منذ انضمامه لقوات المظلات. وفى ذات السياق، قال العريف مقاتل «محمد سعيد»، أحد أبطال قوات المظلات المصرية، إن وظيفته داخل وحدات المظلات المصرية، هى تدريب الجنود على اللياقة البدنية، وأهمية الالتزام بالأوامر والتعليمات العسكرية، وذلك فى إطار احترام متبادل بين الجميع، وأكد أن الإنضمام لصفوف القوات المسلحة، شرف لأى مصري، حيث إن جنود الجيش المصرى هم خير أجناد الأرض. وقال الجندى مقاتل «محمود إبراهيم»، أحد أبطال قوات المظلات المصرية، إنه يفتخر بانضمامه لصفوف القوات المسلحة، موضحا أن الحياة العسكرية علمته الكثير من الأشياء المهمة كإحترام الوقت والإنضباط والالتزام وتطوير الذات، بالإضافة إلى حماية أرض الوطن ضد التهديدات التى تحاك ضده. ويتم عقد لقاءات دورية للجنود للتواصل معهم لمعرفة مشاكلهم ومحاولة حلولها وذلك لتطوير الفرد المقاتل وتوضيح الحقائق والمفاهيم الصحيحة خاصة لدى البعض والذين لديهم مفاهيم مغلوطة وخاصة مع اختلاف وتفاوت المستويات التعليمية. وتفقدت الأهرام خلال الجولة بالمتحف التاريخى لقوات المظلات والذى سرد عن طريق لوحاته تاريخ قوات المظلات والمعارك الهامة التى شاركت فيه المظلات والبطولات التى انتصرت فيها على مدار التاريخ وايضا اسماء قادة قوات المظلات الذين قادوا هذه القوات خلال الاعوام الماضية منذ نشأتها، كما تم استعراض بعض المعدات التاريخية لقوات المظلات والزى الرسمى لجنود وضباط القوات على مدار التاريخ. كما شملت الجولة تفقد «ميس» الجنود وتم استعراض الوجبات التى يتناولها الجنود فيه، كما تم تفقد اماكن طهو الطعام للجنود والضباط، ومخازن السلع التى يستخدمها الجنود والضباط من شاى وسكر وخلافه، كما تفقدت الأهرام افران الخبز داخل مقر وحدات المظلات والتى توفر الخبز للضباط والمجندين. وخلال الجولة تمت مشاهدة بعض العروض التى نفذها مجموعات من ضباط وجنود قوات المظلات والتى تشمل تنفيذ عدة قفزات من الطائرات من ارتفاعات مختلفة والتمركز فى مكان محدد حيث ادى الضباط والجنود قفزاتهم بمهارة وكفاءة عالية، كما تم استعراض استخدام الطائرات الخفاش من طراز الدلتا وتنفيذ عدة طلعات جوية على مسافات مختلفة .