تشهد العلاقات بين القاهرةوبيروت فى الفترة الحالية حالة من الدفء والتقارب الكبير، يجسده تقدير القوى السياسية اللبنانية لدعم مصر السلم الأهلى والمؤسسات الدستورية اللبنانية، واحترام تلك القوى للدور الذى قامت به الدبلوماسية المصرية للمساعدة فى التوصل إلى التوافق المطلوب، الذى أدى إلى انتخاب الرئيس وتجاوز أزمة الفراغ الرئاسى، التى خيمت على الحياة السياسية فى لبنان لعدة سنوات. وقد أرسل أنطون عزام، المندوب الدائم المناوب لدى جامعة الدول العربية والقائم بأعمال السفارة اللبنانيةبالقاهرة، عبر كلمته خلال الاحتفال بالذكرى الثالثة والسبعين لاستقلال لبنان تحية احترام وتقدير للرئيس عبد الفتاح السيسى، مشيرا إلى أن التعاون القائم بين القاهرةوبيروت فى جميع القطاعات يؤكد دور مصر المحورى فى المنطقة العربية، واهتمام مصر بتثبيت السلم فى لبنان ودعم شرعيته، حيث تستضيف مصر سنويا ضباطا من القوات المسلحة اللبنانية لمتابعة دورات تدريبية فى أرقى المعاهد فى كلية الأركان والقادة وأكاديمية ناصر، إلى جانب الكليات لتعلم فنون السلم والحرب، وأضاف عزام أن طلابا لبنانيين يستفيدون من منح جامعية تقدمها وزارة التعليم العالى المصرية، إلى جانب العلاقات التجارية والمصرفية والزراعية والتدريب فى مجال النقل البحرى والخدمات كافة، حيث يعمل حاليا خبراء مصريون على تحديث مطار الرئيس رفيق الحريرى الدولى وشبكات الكهرباء فى لبنان. دعوة الرئيس كان وزير الخارجية سامح شكرى قد زار بيروت أكثر من مرة خلال الأشهر القليلة الماضية، آخرها فى السادس عشر من نوفمبر الجارى، حيث التقى خلال زيارته الرئيس اللبنانى العماد ميشال عون فى قصر بعبدا، وسلمه رسالة تهنئة وتضامن من الرئيس عبدالفتاح السيسى، تضمنت دعوة الرئيس اللبنانى إلى زيارة مصر فى أقرب فرصة ممكنة، وأكد شكرى خلال اللقاء سعادة مصر بما تم تحقيقه من نجاح على مسار استقرار الحياة السياسية فى لبنان وتطلعها إلى استعادة لبنان القيام بدوره العروبى باعتبار أن استقرار لبنان وسلامته يعد دعما لاستقرار الدول العربية والمنطقة التى تواجه العديد من المخاطر والتحديات. وقال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، إن الرئيس اللبنانى أعرب خلال اللقاء عن تقديره البالغ لكون الرئيس السيسى كان فى مقدمة المهنئين له على توليه المنصب، وتطلعه إلى إتمام زيارته إلى مصر في أقرب وقت عقب استكمال الاستحقاقات السياسية المتبقية والانتهاء من تشكيل الحكومة. تقدير الحريرى خلال الزيارة نفسها التقى الوزير سامح شكرى أيضا سعد الحريرى، رئيس الوزراء اللبنانى المكلف، حيث سلمه رسالة خطية من الرئيس عبد الفتاح السيسي تضمنت التهنئة بانتخاب الرئيس اللبنانى ميشال عون، وتأكيد دعم مصر للبنان واستقرارها، ودعوته لزيارة مصر فى أقرب فرصة، فيما أعرب رئيس الوزراء اللبنانى المكلف عن تقديره لمبادرة الرئيس الفتاح السيسى بإيفاد وزير الخارجية إلى لبنان، مؤكدا أن الجميع يلاحظ عودة مصر للقيام بدورها الريادى فى المنطقة، وأن ذلك يبعث الأمل فى الشعوب العربية لمواجهة التحديات المختلفة التى تواجه العالم العربى وتحقيق التضامن العربى المنشود، وعلى مأدبة الغداء التى أقامها الحريرى على شرف الوزير المصرى وحضرها أقطاب ورموز تيار المستقبل، وفى مقدمتهم رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة ووزير الداخلية الحالى نهاد المشنوق، تطرق الحوار حسب تصريحات للمتحدث الرسمى باسم الخارجية المصرية إلى الكثير من القضايا والموضوعات الإقليمية والتحديات التى تواجه العالم العربى، واتضح وجود رؤية مشتركة تجاه تلك التحديات وأولوية العمل لمواجهتها، وتقديرا للدور الذى تضطلع به مصر من أجل دعم القضايا العربية ودعم جهود مكافحة الإرهاب والحفاظ على الهوية العربية. جميع الأطياف وتأكيدا لحرص مصر أن تتواصل مع جميع القوى اللبنانية التقى سامح شكرى، وزير الخارجية، خلال زيارته لبيروت مع قيادات القوى السياسية اللبنانية، حيث التقى كلا من وليد جنبلاط، رئيس الحزب التقدمى الاشتراكى، والدكتور سمير جعجع، رئيس حزب القوات اللبنانية، والرئيس الأسبق أمين الجميل، رئيس حزب الكتائب اللبنانية، وأكد شكرى خلال لقاءاته دعم مصر للبنان حكومة وشعبا ولكل التيارات السياسية اللبنانية، وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية المستشار أحمد أبو زيد أن الحوارات التى أجراها الوزير شكرى مع القيادات السياسية اللبنانية عكست تقديرا بالغا للاهتمام الذى توليه مصر لدعم لبنان سياسيا فى المرحلة الحالية، وارتياحا عاما لعودة مصر للاضطلاع بدورها الإقليمى الرائد وحرصها علي تعزيز التضامن العربى، كما شهدت اللقاءات نقاشا مستفيضا وتقييما متبادلا للأوضاع التى تمر بها المنطقة والتحديات المختلفة المرتبطة بالأوضاع فى كل من سوريا و العراق وليبيا واليمن، وتأثيراتها الإقليمية، كما التقى شكرى خلال زيارته الأخيرة لبيروت نبيه برى، رئيس مجلس النواب اللبنانى، وخلال اللقاء أعرب برى عن امتنانه البالغ لزيارة وزير الخارجية ومبادرة الرئيس السيسى بإيفاده إلى بيروت فى هذا التوقيت المهم، مشيرا إلى تقدير لبنان الكامل لوقوف مصر إلى جانبه ومساعدته لجميع الأطراف اللبنانية للتوصل إلى التوافق المطلوب الذى أدى إلى انتخاب الرئيس وتجاوز أزمة الفراغ الرئاسى. وأكد رئيس مجلس النواب اللبنانى خلال اللقاء أن العالم العربى يحتاج دائما إلى مصر القوية الداعمة له، وأنه لا مجال للحديث عن العمل العربى المشترك وإعادة وحدة العالم العربى دون دعم مصر ووقوفها إلى جوار أشقائها العرب. زيارة أغسطس زيارة وزير الخارجية سامح شكرى الأخيرة لبيروت سبقتها زيارة له فى أغسطس الماضى، تركزت على دعم مصر للأطراف اللبنانية المختلفة لتشجيعها على تحقيق التوافق المطلوب الذى يضمن الخروج من مأزق الشغور الرئاسى الذى دام لعدة سنوات. وقد عقد شكرى خلال الزيارة لقاءات ثنائية مع عدد من قيادات التيارات السياسية المختلفة فى لبنان، شملت كلا من العماد مشيل عون، والدكتور سمير جعجع، وسامى الجميل، وأعقب ذلك لقاء مع الرئيس اللبنانى السابق ميشال سليمان، ثم لقاءً مع فؤاد السنيورة، رئيس وزراء لبنان السابق ورئيس كتلة المستقبل النيابية، وتركزت تلك اللقاءات على إجراء نقاش وحوار مفصل حول الأوضاع السياسية الداخلية فى لبنان، والأفكار والمقترحات المطروحة لتجاوز المأزق الخاص بفراغ المنصب الرئاسى، وإمكانات التوصل إلى توافقات بين التيارات السياسية المختلفة فى هذا الشأن. وأكد شكرى فى لقاءاته قلق مصر البالغ من استمرار حالة الفراغ الرئاسى وتأثيراتها المُحتملة على استقرار لبنان، ودعم مصر لكل جهد يستهدف تجاوز الأزمة السياسية فى لبنان تحقيق التوافق المطلوب بين القوى السياسية، وأن مصر مستعدة لتقديم كل أشكال الدعم والعون للأشقاء اللبنانيين، من خلال علاقاتها الإقليمية والدولية بما يسهم فى إنهاء الأزمة والحيلولة دون تحول الأوضاع السياسية إلى نفق مظلم من شأنه أن يؤثر على مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية. واستضاف شكرى خلال تلك الزيارة لقاء موسعا للقيادات السياسية اللبنانية خلال زيارته لبيروت، على عشاء عمل بمنزل السفير المصرى الدكتور محمد بدر الدين زايد، شارك فيه العديد من الرموز السياسية اللبنانية وممثلوهم من مختلف المكونات والتوجهات، وكان في مقدمة المشاركين الرئيس العماد ميشال سليمان، رئيس الجمهورية السابق، والرئيس أمين الجميل، رئيس الجمهورية الأسبق، و،دولة الرئيس فؤاد السنيورة رئيس الوزراء الأسبق، والوزير على حسن خليل وزير المال ممثلاً للرئيس نبيه برى، والعماد ميشال عون، والدكتور سمير جعجع، والوزير جبران باسيل، وزير الخارجية، والوزير ريمون عريجى وزير الثقافة ممثلا للوزير سليمان فرنجيه، وربما كان لهذا اللقاء الجامع لكل هذه القيادات دورا فى إنهاء أزمة الفراغ الرئاسى فى لبنان، حيث أكد شكرى خلال اللقاء للقيادات اللبنانية موقف مصر الثابت بشأن الأوضاع اللبنانية، واهتمامها البالغ بانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية يتفق عليه اللبنانيون فى أسرع وقت، رابطاً بين هذا الأمر وبين تفعيل عمل جميع مؤسسات الدولة اللبنانية وتجنيب لبنان مخاطر الصراعات والتجاذبات الإقليمية بغية ضمان استقراره وحفاظا على مصلحة شعبه.