«إن وفاته خسارة كبيرة للعالم وللحركة الثورية العربية فى وقت تحاك من حولها مؤامرات الإمبريالية.. بهذه الكلمات نعى فيديل كاسترو، الرئيس الكوبى عام 1970، الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، الذى شهد عصره مولد وتميز العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وهافانا، حيث كان الثوار الكوبيون يعتبرون ثورة يوليو 1952 والمقاومة المصرية للعدوان الثلاثى عام 1956 مصدر إلهام له قبل نجاح ثورتهم عام 1958. وبعد نجاح ثورتهم قرر الثوار الكوبيون إرسال بعثة برئاسة تشى جيفارا لزيارة مصر، للتعرف على تجربتها فى الإصلاح الزراعي، واستغرقت تلك الزيارة 15 يوما وكانت فى شهر يونيو عام 1959، ونقل خلالها جيفارا لعبد الناصر تحيات الكولونيل فيديل كاسترو قائد الثورة الكوبية، وحكى جيفارا أنه وكاسترو رفعا صورة عبد الناصر عندما سمعا بإعلان مصر تأميم قناة السويس، وهى أول بعثة رسمية ترسلها حكومة كوبا لدولة عربية بعد ثورتها. مفوضية هافانا عام 1958 افتتحت مصر مفوضية هافانا، وكانت بداية للعلاقات الدبلوماسية بين مصر وكوبا، وسرعان ما تم رفع مستوى التمثيل إلى سفارة عام 1959، وشهدت العلاقات بين البلدين زخما خاصا خلال عهد الرئيسين عبدالناصر وكاسترو، إلا أنها شهدت فتورا عقب عقد مصر معاهدة السلام مع إسرائيل، لكن رغم ذلك وقفت كوبا إلى جانب مصر، ورفضت دعوات تعليق عضوية القاهرة فى حركة عدم الانحياز خلال قمتها التى عُقدت وقتها فى العاصمة هافانا. وكان قد سبق لمصر التضامن مع كوبا فى عدة مناسبات، أبرزها دعم الرئيس عبد الناصر للوفد الكوبى إلى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك عام 1960 برئاسة كاسترو، حيث أرادت الإدارة الأمريكية إجبار الزعيم الكوبى على مغادرة الولاياتالمتحدة عن طريق حملة دعاية سلبية، فقد تعمدت إدارة فندق «شلبورن»، الذى نزل فيه كاسترو والوفد المرافق له، توجيه الإهانات لهم بطلبات تقديم ضمانات مالية. ونشرت الصحف الأمريكية قصصا تزعم أن غرف المندوبين الكوبيين امتلأت بريش الدواجن، التى قالوا إن الكوبيين كانوا يذبحونها فى غرفهم ويلتهمونها، وبسبب ذلك انتقل كاسترو للاقامة فى حى هارلم، وهو الحى الذى يقيم فيه وقتها الأمريكيون السود وكان يشتهر بأنه من الأحياء الفقيرة، وهناك توجه جمال عبد الناصر لزيارة كاسترو فى الحى المعزول لإبلاغه رغبته فى أن يقترح نقل الأممالمتحدة إلى بلد آخر إذا جعل الأمريكيون من المستحيل على كاسترو أن يشترك فى دورة الجمعية العامة. اللجنة المشتركة رغم البعد الجغرافي، والفتور الذى أصاب العلاقات المصرية- الكوبية فى عدة فترات، فقد شهدت العلاقات الثنائية عددا من الزيارات المتبادلة، كان من أهمها زيارة وزير الخارجية المصرى كوبا عام 2006، وزيارة نظيره الكوبى لمصر فى 2009، للمشاركة فى مؤتمر حركة عدم الانحياز. كما تم عقد اللجنة الوزارية المصرية الكوبية المشتركة بموجب اتفاق التعاون الاقتصادى والفنى والعلمى الموقع بين البلدين فى أكتوبر 2003، بهدف اقتراح أوجه للتعاون الثنائى فى مجال التعاون الاقتصادى والفني، وإجراء التقييم والإشراف على تنفيذ برامج التعاون، واقتراح التوصيات بشأنها . وجرى عقد الدورة الأولى للجنة المصرية الكوبية المشتركة فى هافانا، خلال يومى 18 و19 نوفمبر 2007، حيث وقع البلدان عددا من مذكرات التفاهم، من بينها بروتوكول للتعاون الاقتصادى والفنى والعلمي، ومذكرة تفاهم للتعاون فى مجال محو الأمية، ومذكرة تفاهم للتعاون فى مجال البحث العلمى والتكنولوجي، وعقدت الدورة الثانية بالقاهرة فى يناير 2010، حيث تم خلالها الموافقة على عقد آلية التشاور كل عام، بدلا من كل عامين، وعلى إثره تم عقد الدورة الثالثة بهافانا فى يناير 2011. صفحة جديدة وتتجه العلاقات المصرية الكوبية فى الوقت الراهن إلى صفحة جديدة، فى إطار التوجه المصرى لتوطيد العلاقات مع دول أمريكا اللاتينية، وقد سبق أن أكد لاوريانو رودريجز كاسترو، سفير كوبا فى القاهرة، أن الحكومة الكوبية تقدر ما فعله الرئيس عبدالفتاح السيسى عند إعلانه استعداد مصر الدائم وترحيبها بتوسيع العلاقات وتوطيدها بصورة اكثر فاعلية مع كوبا ودول أمريكا اللاتينية، مشيرا إلى ان هناك جذورا تاريخية يجب أن تستغل من أجل تنشيط العلاقات فى مختلف المجالات.