تأتى الانتخابات الامريكية فى توقيت يواجه فيه المواطن العربى مخاوف التقسيم والإرهاب وضياع حلم ما يسمى ب «الربيع العربي»، لتطرح سؤالا مهما هو : أيهما أفضل للتعامل بإنصاف مع القضايا العربية ؟ هل هى هيلارى كلينتون المعروفة بدعمها ومناصرتها لتيار الإسلام السياسي، وهو ما ظهر جليا خلال حكم الإخوان لمصر ودعمها لنفس التيار فى ليبيا وغيرها من الدول العربية؟ أم أنه دونالد ترامب الذى رفع شعار محاربة الإرهاب دون تعريفه بشكل واضح، واضعا المسلمين على رأس قائمة صانعى الإرهاب؟ فى البداية يقول السفير هانى خلاف مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون العربية إنه يتوقع فى حالة فوز هيلارى كلينتون أن تستأنف الولاياتالمتحدة الخطوط العامة لسياساتها الخارجية فى الشرق الأوسط على النحو الذى بدأ به الرئيس أوباما ولايته الأولى، أى أن تظهر واشنطن حضوراً سياسياً وميدانياً متعدد الأشكال، بحيث لا تترك المجال متاحاً أمام غريمها التقليدى روسيا ليتحرك بحرية فى العراق أو سوريا أو منطقة الخليج. وربما تمارس الإدارة الأمريكية قدراً من التأثير على دول كمصر والسعودية من أجل قبول التعامل مع إيران كطرف إقليمى يلزم استيعابه وتفهم ارتباطاته الجديدة مع الولاياتالمتحدة ودول أوروبا الغربية. أما فى حالة فوز ترامب فقد تشهد السياسة الامريكية تحولات نوعية لصالح إسرائيل وضد سياسات كل من إيران والسعودية، وقد لا يستبعد حدوث تدخل أمريكى ميدانى فى كل من سوريا وليبيا، كما يتوقع اتخاذ واشنطن إجراءات أكثر حزماً ضد أى ظهور جديد للإسلام السياسى وضد حرية انتقال الجاليات المسلمة عبر الحدود. ويشير خلاف إلى أنه فى كل الأحوال، لابد من التحسب لطريقة تقاسم المسئوليات بين البيت الأبيض والكونجرس، أى عدم الانصياع لطريقة التفكير العربى التى ترى أن من يتولى السلطة التنفيذية يمكنه أن يقرر منفردا ما يشاء فى صياغة السياسات واتخاذ القرارات. ومن جانبه، آكد السفير إبراهيم الشويمى مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الإفريقية أن نجاح أى من المرشحين لن يؤثر كثيرا على سياسات الولاياتالمتحدة تجاه العرب والقضايا العربية، فأمريكا دولة مؤسسات يتشارك فيها الكونجرس والبنتاجون ومراكز البحوث وغيرها. ويضيف السفير الشويمى أنه منذ ذلك الوقت وحتى الآن لم تغير الولاياتالمتحدة سياستها تجاه العرب التى تعتمد على خلق نزاع داخلى بين الدول العربية وبين أبناء الدولة الواحدة لتدمير نسيجها الداخلى المترابط والقضاء عليها بأيادى أبنائها كما فعلت مع الصومال، فهى تعمل على إسقاط الدول ذات الثقل لإحداث فراغ فى المنطقة، مثلما حاولت مع مصر وليبيا وسورياوالعراق واليمن. ويؤكد الشويمى أنه لا فارق بين رئيس جمهورى أو ديمقراطى لأمريكا، فالرئيس السابق جورج بوش الإبن مثلا، والذى جاء من الحزب الجمهوري، دخل العراق دون موافقة مجلس الأمن، كما أن السياسة التى تنتهجها الإدارة الأمريكية واضحة بعد ما سمى بالربيع العربي، والذى هو فى الحقيقة مؤامرة هدفها تفتيت الدول العربية، وسيستمر فى تنفيذها الرئيس الأمريكى القادم، سواء كان ديمقراطيا أو جمهوريا. أما الدكتور أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ومدير معهد الدراسات والبحوث العربية، فهو يرى أن السياسة الأمريكية تجاه القضايا العربية أمر مستقل عن توجه الرئيس الأمريكى لأنها محكومة بثوابت، والدليل مواقف تلك الإدارة تجاة القضية الفلسطينية على مر العصور، ورغم تعاقب رؤساء الولاياتالمتحدة، فسواء فاز أى من كلينتون أو ترامب سيستمر الفائز فى دعم وتأييد إسرائيل، وخير مثال ما حدث مع أوباما عندما تراجع بعد خلافه مع بنيامين نيتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وقدم له مساعدات عسكرية بقيمة 38 مليار دولار مؤخرا.