من المؤكد أن طرح المرحلة الأولى بواقع 500 ألف فدان من مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان يبعث ب«رسالة أمل» للشباب وصغار المزارعين والمستثمرين بأن الحكومة جادة فى طرق أبواب المستقبل وأنها تعمل بكل قوة لتوفير المحاصيل الإستراتيجية وتقليل فاتورة الاستيراد.. مشروع المليون ونصف المليون فدان حلم طال انتظاره، فإضافة مساحة كبيرة من الرقعة الزراعية بواقع 500 ألف فدان «حدث كبير» يجب أن يتوقف عنده الجميع، لما لهذا من أهمية كبرى فى قطاعات مختلفة. تنطلق المرحلة الأولى لمشروع المليون ونصف المليون فدان مقسمة بواقع 170 ألف فدان فى شمال الصحراء الغربية و120 ألف فدان فى منطقة غرب المنيا و110 آلاف فدان فى توشكي، و100 ألف فدان فى منطقة الفرافرة بأنظمة رى مختلفة. تنطلق المرحلة الأولى بأربع مناطق هى الفرافرة القديمة، وواحة المُغرة بمنطقة العلمين، ومنطقة غرب المنيا، بالإضافة إلى مساحات بتوشكي. وقسمت شركة «تنمية الريف المصرى الجديد» حصص المرحلة الأولي، التى جاءت بالنسبة لصغار المزارعين وللشركات، بواقع 50 ألف فدان لصغار المزارعين و450 ألف فدان للشركات. وقالت الشركة المسئولة عن إدارة مشروع استصلاح 1.5 مليون فدان، إنه سيتم تجهيز نظم الرى للأراضى المخصصة لصغار المزارعين والشباب قبل تسليمها، وذلك بهدف الحد من المخاطر والأعباء الاستثمارية وتذليل العقبات أمامهم، وإنه سيتم انتقاء المواقع المميزة والمجهزة لصغار المزارعين، مع الالتزام بطرح جديد للشباب على فترات متقاربة وفقاً لجدول الانتهاء من تجهيز الأراضى وأن صغار المزارعين بإمكانهم تكوين شركة تضامن لا تقل عن 10 أفراد ولا تزيد على 23 فردا، وقدر سعر الفدان بنحو 18 ألف جنيه، فى الصحراء الغربية، أما فى توشكى فسيكون 25 ألف جنيه نظرا لإقامة أعمال تجهيزات وبنية أساسية. محمد عبد التواب عضو مجلس إدارة شركة الريف المصرى قال: إن هناك 357 فدانا جاهزة للزراعة الآن ضمن المشروع، مشيرا إلى أن الأراضى المخصصة للشباب جاهزة تماما للزراعة، بعد توصيل جميع المرافق وحفر الآبار لها، فضلا عن توفير سكن فى منطقتى الفرافرة وتوشكى بنظام الإيجار. وأشار الى أن السكن سيزيد من سعر الأرض بالنسبة للشباب، لافتا إلى أن الأراضى التى سيتم طرحها للمستثمرين تم الانتهاء من استصلاح مساحات كثيرة منها، وتتبقى مساحات أخرى تنقصها البنية الأساسية وحفر الآبار. وأوضح أنه يوجد 1050 بئرا متاحة، تم الانتهاء منها حتى الآن، بجانب 450 بئرا، الواحدة منها تكفى لزراعة 238 فدانا، سيتم تسليمها قريبا، مؤكدا أن باقى مساحة ال500 ألف فدان جاهزة أيضا للزراعة «ولكنها متوقفة على حفر الآبار فقط، والقليل منها لم يتم عمل بنية أساسية له، حيث سيتولى المستثمر عمل كل ذلك». وشدد علي أن وزارة الزراعة قدمت دراسات فنية للمشروع، استغرقت الوقت الكافى وحددت نوع الرى بكل منطقة «سطحى أو بالغمر»، ونوع المحاصيل المناسبة لكل منطقة بجانب عمل محطات بحثية بتلك المناطق مشروع المستقبل قال السيد حسن موسى وكيل لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب إن مشروع المليون ونصف مليون فدان يعتبر «مشروع المستقبل» ويمثل نقلة مهمة فى استصلاح الأراضى بمصر، ولابد من استخدام التكنولوجيا الحديثة فى الزراعة وتحديد نوعية المحاصيل التى ستتم زراعتها فى كل منطقة وهل هى محاصيل للسوق المحلية أم سيتم تصديرها؟ كما تجب زراعة المحاصيل ذات الانتاجية العالية لتقليل الوارد من الخارج والاعتماد على الانتاج المحلى وإيجاد توازن بين الانتاج والتصدير. وشدد على أنه لابد من الاعتماد على علماء مراكز البحوث الزراعية فى زراعة هذه المناطق فهناك علماء أجلاء يريدون خدمة بلدهم دون مقابل، مشيرا إلى أنه لابد من توفير ميزانية جيدة للبحث الزراعي، لأن هذا المشروع أحد المشروعات القومية لمصر، وأضاف أنه لابد من انشاء شبكة طرق جيدة داخل الأراضى الجديدة حتى يتم التنقل لملاك المشروع بسهولة، ومن أجل تسويق المشروع دون عناء وحتى لا نكرر أخطاء مشروعات أخرى أنفقنا عليها المليارات. أهداف التنمية الدكتور عبدالغنى الجندى - عميد زراعة عين شمس السابق وعضو المجلس الاستشارى السابق بوزارة الزراعة قال: إن المشروع بصفة عامة يخدم اهداف التنمية الاقتصادية، لافتا الى أن الزراعة تعد اكبر نشاط اقتصادى يسهم فى توطين السكان بخلاف الصناعة والسياحة والتعدين وغيرها من الانشطة الأخري، وسيعمل على توزيع السكان توزيعا جيدا بما يتماشى مع مساحة مصر ، كما أن المحاصيل التى ستتم زراعتها فى هذا المشروع القومى سوف تسهم بشكل كبير فى سد الفجوة الغذائية التى وصلت الى 40% وفى بعض المنتجات الى 50%. وأشار الى أن هذا المشروع سيعمل على إنشاء مجتمع عمرانى متكامل مما يجعل لديه مقومات النجاح، وشدد على أن أساليب الزراعة فى هذا المشروع سوف تعتمد على الطرق الحديثة مثل الرش والتنقيط، فضلا عن اهتمام الزراعيين بمراعاة المحاصيل المناسبة للزراعة، والتى تتلاءم مع طبيعة المناخ وأساليب الرى الحديثة، لافتا الى أن هناك العديد من المحاصيل تعتمد على وفرة المياه مثل الأرز وقصب السكر والبرسيم، لذلك سوف يتم اللجوء الى المحاصيل التى تستخدم قدرا قليلا من المياه، وزراعة أنواع من الأرز لا تحتاج الى وفرة المياه. وأكد أهمية أن يصاحب الانتاج الزراعى وجود إنتاج صناعى بجانبه مما يساعد على زيادة سعر المنتج بقيمة 50% على الأقل، وتقليل كمية الهدر منه الى نسبة 5% ، فضلا عن انه أصبح جاهزا للتصدير. مميزات المشروع من جانبه أكد الدكتور الخولى سالم أستاذ الزراعة بجامعة الأزهر ان هذا المشروع يعمل على زيادة الرقعة الزراعية وهذا بالطبع شيء مطلوب وجيد، ويؤدى الى إحداث وفر فى الغذاء ويقلل من الاستيراد، الذى يعتمد فى الأساس على العملة الصعبة، واضاف أن من مميزات هذا المشروع ان الزراعة تعتمد فيه على المياه الجوفية وليس على نهر النيل، حيث إنه يوجد فى العديد من المناطق الصحراوية وهذا أمر جيد، مشيرا الى ان هذا المشروع يعد اضافة للاقتصاد القومي، ويعمل على زيادة الناتج المحلى الاجمالي، خاصة أن لدينا من الخبرات الزراعية والمراكز البحثية ما يؤهلنا لإنجاح المشروع. وشدد سالم على أنه لابد من وجود متابعة دائمة ومستمرة للمشروع من جانب الحكومة لضمان نجاحه، وأيضا العمل على تذليل أى معوقات تواجهه، مما يساعد على تكليله بالنجاح. واضاف انه منذ عام 1952 لم تزد الرقعة الزراعية فى مصر إلا بمساحة مليونى فدان، لافتا إلى أن مشروعا بهذا الحجم يعد إنجازا كبيرا، خاصة إذا تم الانتهاء منه فى سنوات معدودة. المياه الجوفية من جهته قال الدكتور عبدالعزيز شتا أستاذ الأراضى بجامعة عين شمس إن المشروع لا يمكن أن يتأثر بأى عجز قد يحدث فى مياه نهر النيل، لأنه معتمد كُليا على المياه الجوفية التى تخرج من خزان «الحجر الرملى النوبي»، الذى يمر ب«تشاد، وليبيا»، والمشروع يصلح لزراعة معظم المحاصيل، لكن المشكلة تتمثل فى ارتفاع نسبة الحديد فى المياه الجوفية، ما يجعلها تتأكسد حال تعرضها للهواء وتنتج «أكسيد الحديد الأحمر»، الذى قد يؤدى إلى سد شبكات الري، وبالتالى يجب ترسيب المياه قبل استخدامها. مئات الدراسات يقول الدكتور مغاورى دياب الخبير المائى إن مئات الدراسات أثبتت أن مصر تستطيع تنفيذ هذا المشروع، ولكى ينجح لابد من توفير المغريات والمقومات وعوامل الجذب للتعمير المتكامل فى هذه المناطق الصحراوية. وأضاف أن المشروع يعتمد بنسبة 80% على المياه من مصادر جوفية، وأكدت الدراسات أن العمر الافتراضى لمثل هذه المشروعات 100 عام بشرط أن تكون المياه المستهلكة ذات دورة زراعية صحراوية، وحجم استثمار جيد. وأوضح أن ترعة توشكى تستطيع توفير المياه لنحو 500 ألف فدان مستهلك منها 30، أو 40 ألف فدان فقط، وترعة السلام تستطيع تغطية 200 ألف فدان من المياه، وبهذا يتم توفير المياه لنحو 500 ألف فدان التى تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسى عن إضافتها للمشروع. مجتمع متكامل المهندس سامح صقر رئيس قطاع المياه الجوفية بوزارة الرى أكد أنه تم التنسيق بين وزارتى الرى والزراعة لاستصلاح ال500 ألف فدان، موضحاً أن «التخطيط العمراني» وضع التنسيق العمرانى للإمكانات الجديدة للمشروع، وهناك دراسات أكدت وجود مياه فى الأراضى المعلن عنها، وأن الدولة تحملت مسئوليتها فى وجود المياه، واستدامة التنمية لمدى الحياة فى الصحراء. وأضاف أن الزراعة فى المشروع ليست بالنمط التقليدي، وأن نحو ألف بئر تم الانتهاء من حفرها من إجمالى 1284 بئرا تعاقدت وزارة الرى مع وزارتى البترول والإنتاج الحربى والهيئة الهندسية للقوات المسلحة وعدد من الشركات الحكومية والخاصة للقيام بأعمال حفر هذه الآبار، بتكلفة تصل إلى مليار و878 مليون جنيه. وأوضح أن هذه الآبار بالكامل ستعمل بالطاقة الشمسية، التى ستحدد ساعات عمل البئر بمدة سطوع الشمس، التى تصل إلى 8 ساعات تقريبا وسيتم تزويدها بأجهزة تحكم عن بُعد تمكن المسئولين سواء فى شركة الريف المصرى أو وزارة الرى من إغلاق البئر أو وقف السحب منها إذا ما تجاوز الحد الأقصى المتفق عليه. وأشار إلى أنه تم الانتهاء من تنفيذ 102 بئر فى توشكي، بمحافظة أسوان، وجرى تزويد 50 بئرا منها بمستلزمات التشغيل بواسطة الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى الانتهاء من حفر نحو 450 بئرا فى منطقة المغرة، الواقعة جنوب مدينة العلمين، علاوة على ما يزيد على 150 بئرا بمنطقة غرب محافظة المنيا، كما تم الانتهاء من حفر 62 بئرا بمنطقة الفرافرة القديمة، ونحو 60 بئرا أخرى بمنطقة عين دالة بواحة الفرافرة الجديدة، بمحافظة الوادى الجديد.