تنفذ محافظة أسوان، حاليا، مشروعا متكاملا، وبرنامجا طموحا، يشمل تطهير المخرات، واقتراح إنشاء بحيرة صناعية؛ بالتعاون مع الحكومة اليابانية، واللجنة الوطنية المصرية لليونسكو، وبرعاية المحافظ اللواء مجدى حجازي، لدرء أخطار السيول المحتملة عليها، كضرورة حتمية على المستويات الحكومية والأهلية، باعتبار أن كل الدلائل تؤكد أن احتمالات وقوع سيول فى الشتاء بالمحافظة واردة، لا سيما أنها تعرضت لاجتياحات سيول من قبل، تسببت فى خسائر جسيمة. بدأ المشروع والبرنامج بحملات توعية مجتمعية مكثفة، فى الأسبوع الماضي، بعقد حلقة عمل للتوعية بأخطار السيول، شارك فيها نخبة من العلماء والخبراء والمتخصصين، وشهدت طرح العديد من السيناريوهات والتعريفات والتوصيات لمجابهة أخطارها، خاصة فى منطقة وادى أبو صبيرة، أهم مناطق السيول فى أسوان. وفى الافتتاح قال الدكتور ضياء الدين القوصي، المنسق الوطنى للمشروع: إن اختيار وادى ومخر سيل ومصرف أبو صبيرة ليكون هدفا للمشروع تم بناء على دراسة غاية فى الدقة، مشيرا إلى أن منطقة جنوب الصعيد تقع بين هضبتين يؤدى هطول الأمطار على إحداهما لحدوث أمطار على محافظاتالجنوب (أسوان وقنا وسوهاج والبحر الأحمر). وأضاف أن الدراسة نفسها تثبت أن احتمال مهاجمة السيول للمناطق الأخرى المجاورة واردة، وأن وادى أبو صبيرة تعرض لسيول جارفة فى عامى 1997, و2010م، وأنه تعيش فيه عشرات الأسر الفقيرة التى تحتاج للوقاية لتلافى أخطارها. وأردف أن المنازل بها مستوى بنائى ضعيف، ويمكن أن تنهار بسهولة جراء أى سيول قد تحدث، مشيرا إلى أن تلك المنطقة لها أهميتها الأثرية نظرا لوجود آثار من العصر الحجرى والأوانى والفؤوس المصنوعة من الحجر، كما أن بها مناجم الحديد والكاولين، لذا تولى وزارة الرى أهمية خاصة لها، ولديها من البيانات ما يفيد استخدامها فى درء أخطار السيول. التوعية المجتمعية وعن التوعية المجتمعية التى قادها كمنسق.. يقول الدكتور على عباس دندراوى، نائب رئيس جامعة أسوان السابق: تنطلق خطة التوعية المجتمعية من حيث انتهت إليه الدراسة العلمية التى قام بها فريق من العلماء والخبراء والباحثين والاستشاريين والتنفيذيين، التى وضعت خطتها بدقة، واشتملت على وضع خريطة للمخاطر المحتملة، والإجراءات الاحترازية، والدليل الاسترشادى، للحماية من مخاطر الفيضانات والسيول. ويضيف أن الهدف من الحملة هو تثقيف المجتمع بالسيول، وكيفية حدوثها وأسبابها ومخاطرها وأضرارها وكيفية التعامل معها والوقاية منها مستقبلا، مشيرا إلى أن الخطة تشمل شرائح المجتمع المدنى والهيئات الحكومية والتلاميذ كافة. ويحذر من أن الأضرار تشمل انهيار المنشآت والمساكن والممتلكات، ونفوق الحيوانات والدواجن، وانجراف التربة وإتلاف المحاصيل، لطمر الرمال القادمة للسيول لها، وتدمير الأشجار، وطمر المجارى المائية والآبار كليا وجزئيا، وانهيار وتلف الطرق المرصوفة والممهدة. مسح للمخرات وعن تفاصيل المشروع يقول الدكتور أحمد زكى أبو كنيز، استشارى الدراسات الميدانية للمشروع: بدأ المشروع فى العام الماضى 2015م بعمل مسح شامل لمخرات السيول بمحافظة أسوان خاصة منطقة وقرى وادى أبو صبيرة التى أظهرت افتقارها تماما للكثير من الخدمات المتمثلة فى عدم كفاية مياه الرى للرقعة الزراعية، وارتفاع القيمة الإيجارية للأراضى المسلمة من المحافظة للمزارعين، والافتقار للخدمات الصحية والبيطرية، وعدم وجود مدارس إعدادية أو ثانوية بالمنطقة، وعدم وجود موقف سيارات يربطها بأسوانالمدينة. ويتابع أنه كان لابد من أن تجذب الدراسة نظر المسئولين لتلك الاحتياجات الضرورية حتى يستجيب المواطنون لأى توجيهات خاصة بإدماجهم فى خطط مواجهة السيول. ويشير إلى أن وادى أبو صبيرة يمثل أيضا نموذجا متكررا لأودية مخرات السيول فى مصر العليا والوسطى التى تفتقر لتلك الخدمات. ويردف أن الدراسة اهتمت بتمكين الجمعيات الأهلية وإشراكها فى أنشطة إدارة كوارث السيول المقبلة. دراسة.. وتقارير ومن جهته، قدم الدكتور السيد عباس زغلول، استشارى الدراسات الجيولوجية للمشروع، دراسة جيومرفولوجية لمنطقة خور أبوصبير، قال فيها: منطقة الدراسة واحدة من مناطق ذات مناخ خاص، إذ تقع ضمن المنطقة شبه الاستوائية، مما يجعلها تتأثر أحيانا بالبحر الأبيض المتوسط فى الشمال وبحيرة ناصر فى الجنوب والصحراء فى الغرب والبحر الأحمر فى شرق البلاد. ويوضح أن هذا يؤدى إلى حدوث فيضانات عادة ناتجة عن الأمطار الغزيرة، التى تتراكم فى مناطق مستجمعات المياه أعلى الجبال ثم تنتقل المياه من منطقة التجمع ثم تندفع بقوة نحو الوادي، حاملة معها الأحجار والأجسام الصلبة، حيث تتسبب فى أضرار بالغة للمناطق المحيطة بها، مشيرا إلى أن منطقة وادى أبو صبيرة تتمدد على خزان مائى يقع أسفلها، ويصل إلى منطقة الكرابلة بغرب النيل، كما أن المنطقة لها أهمية تعدينية، لذا من الأهمية حمايتها وتأمينها من مخاطر السيول. ومن جانبه، نبه الدكتور محمد عيسى، رئيس هيئة الأرصاد الجوية الأسبق وعضو الفريق الاستشارى للمشروع، إلى أهمية متابعة تقارير ونشرات هيئة الأرصاد الجوية فقال: هذه التقارير تقوم بالتنبؤ بهطول الأمطار قبل وقوعها بفترة زمنية كافية، وتصل أحياناً مدة التنبؤ إلى نحو ثلاثة أيام أو أكثر. أخيرا، عن النتائج التى توصلت إليها الدكتورة كريمة عطية، استشارية دراسات أعمال الحماية للمشروع، تقول: بناء على نتائج المباحث الحقلية الفنية، خاصة الدراسات الجيولوجية والتحميلات الهيدرولوجية؛ توصلت الدراسة إلى أهمية تعميق وتطهير المنطقة أمام الهدر القائم، للاستفادة من الوضع القائم بتخليق بحيرة صناعية تستوعب كمية من مياه السيول، وكذلك الرسوبيات المصاحبة للسيول، إذ تقدر كمية التخزين بالبحيرة المقترحة نحو 751 ألف متر مكعب من المياه.