جاء قرار الدكتور عبد القوي خليفة محافظ القاهرة بتفعيل التجربة الناجحة التي نظمها حي المعادي, بعمل الترميمات اللازمة للشوارع, ورفع المطبات وإعادة الشوارع لأصولها بالتعاون مع الجمعيات الأهلية واللجان الشعبية لرفع كفاءة الطرق وتسهيل عملية المرور, وتوعية المواطنين بالآداب والسلوك العامة الواجب اتباعها بالشوارع, ليطرح المزيد من التساؤلات حول تراجع منظومة القيم الأخلاقية وتجاهل عامة الناس للآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي حفظت للطريق حقه, وفي ظل الفوضي المرورية وحالة الانفلات الأخلاقي التي تشهدها الشوراع, نبه علماء الدين إلي أن الطريق مرفق عام, وملك للناس جميعا, ولو اعتبر كل إنسان الطريق جزءا من بيته, لحافظنا عليه, مطالبين عامة المواطنين بالالتزام بآداب الطريق التي وردت بالشريعة الإسلامية, ونشر الوعي والالتزام بالسلوكيات الحميدة المرتبطة بالطريق بما يحقق الاستخدام الأمثل له ويحقق سهولة وسيولة المرور مع تحقيق اكبر قدر من الأمن والأمان للمشاة واحترام حرمات الطريق وحرمات الناس, وعدم إلقاء أي مخلفات تعوق الطريق أو قطعه بعمل مظاهرات أو اعتصامات تعرقل مصالح الناس. شريان الحياة يقول الدكتور نبيل السمالوطي أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر إن الطرق في الإسلام هي شرايين الحياة, والمواقع التي يقضي بها الناس مصالحهم, وبالتالي فلا يجوز أن يحدث بها ما يسد أو يعوق هذه الشرايين, ولذلك قال الرسول صلي الله عليه وسلم:(أعطوا الطريق حقه, قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر, وكف الأذي, ورد السلام, والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر), ويعتبر الإسلام أن تعويق الطرق التي يسلكها الناس جريمة بمعني الكلمة, ولذلك فلابد أن تؤمن هذه الطرق بواسطة الدولة والشعب نفسه بتعديل سلوكياتهم الخاطئة, فمهما وضعت الدولة القوانين لتنظيم الطرق والمرور وتوفير شركات النظافة, فلابد من معاونة جميع أفراد المجتمع معها, وألا يعوق الطريق بتنظيم المظاهرات والاعتصامات, أو قطع الطرق عن عمد لفرض مطالب معينة علي الدولة, كما يجب التوقف عن إقامة سرادقات للعزاء أو للأفراح بدون الحصول علي إذن من الجهات المعنية بالدولة,ولنا أن نتصور مثلا أن سيارة إسعاف تنقذ أرواحا كيف تسير وسط هذه المعوقات, ويضيف بأن الغرب فهم حق الطريق في الإسلام أكثر منا نحن المسلمين فعندما يقومون بمظاهرة فلا ينتهكون حقوق الآخرين, ويقفون في مكان محدد وغالبا ما يكون حديقة حتي لا يعيقوا سير المرور مع تحديد وقت التظاهر ومدته, واذا كان الإسلام يبيح حق الاعتراض والمطالبة بالحقوق فإن ذلك لا يعني تعطيل مصالح الناس, أو تهديد أمن المجتمع وترويع الآمنين. الالتزام بقواعد المرور ويوضح الدكتور نبيل السمالوطي أن من آداب الطريق أيضا احترام قوانين المرور والتوقف عن ارتكاب المخالفات والتي أصبحت تمثل ظاهرة في مجتمعنا تسهم بشكل واسع في ازدياد الاختناقات والأزمات المرورية, فأصبح أقل مشوار داخل القاهرة يستغرق ساعتين أو أكثر, كما يلفت الدكتور نبيل السمالوطي الي أن التجمعات الشبابية علي نواصي الشوارع لساعات متأخرة من الليل تمثل ظاهرة اجتماعية غير أخلاقية, ويكمن حلها في يد الدولة عن طريق توفير منتديات للشباب, ومراكز الشباب والنوادي, وفتح المدارس والجامعات التي بها ملاعب في فترة الإجازة الصيفية, وتوفير مرشد رياضي واجتماعي وعمل أنشطة رياضية وثقافية للشباب, وأضاف: أما عن ظاهرة القمامة المتفشية حاليا في مجتمعنا, فهي تعبر عن أمية دينية وثقافية ووطنية, ولكن لا يمكن إلقاء هذه المشكلة علي عاتق الدولة فقط لأن جميع أفراد الشعب مشترك فيها بالإضافة للمحليات ومجالس المدن, فنظافة الشوارع مسئولية مشتركة بين الجمهور وأجهزة الدولة المعنية. سلوكيات دخيلة ويري الدكتور الأحمدي أبو النور, عضو مجمع البحوث الإسلامية ووزير الأوقاف الأسبق, أن مصر في الماضي كنا نباهي بحدائقها وببحيرات الأسماك الملونة فيها, وبالعناية الفائقة بالقاهرة وباقي المدن وحتي الصعيد فكان سيارات الرش تمر في الشوارع لتلطف من حرارة الصيف, ودعا شباب مصر الي اطلاق مبادرة لتنظيف الشوارع من القمامة, والحفاظ علي البيئة من التلوث السمعي والبصري, يقول الرسول صلي الله عليه وسلم:( الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذي عن الطريق, والحياء شعبة من شعب الإيمان), وينبغي أن يكون السلوك المصري معبرا عن الحضارة الإسلامية التاريخية لمصر, حتي نكون قدوة للشعوب الأخري, ونصبح قوة جذب للآخرين يأتون إلينا وألا يخافوا سوءا, فالإسلام يربي أبناءه علي حسن الأخلاق وحسن الجوار. قوانين لتنظيم المظاهرات ويؤكد الدكتور مصطفي مراد أستاذ الدعوة بجامعة الأزهر أن من الحقوق التي أعطاها الإسلام للطريق, عدم تضييقه بأي طريقة كإشغاله بالاستفادة منه عن طريق البناء فيه مثلا أو أذية المارة بإلقاء المهملات فيه والقاذورات في الطريق والتسبب في الأذي والمشقة علي الناس, قال النبي صلي الله عليه وسلم:( اتقوا اللاعنين. قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله ؟ قال: الذي يتخلي في طريق الناس أو ظلهم), وأيضا منع المظاهرات ونحوها التي تضيق علي الناس طريقهم, وسن قوانين لتنظيمها وعقوبات رادعة لمن يخالف ذلك, يقول الرسول صلي الله عليه وسلم:( من قطع طريقا أو ضيق منزلا أو آذي مؤمنا فلا جهاد له) فمن منع الناس من طريقهم بأي وجه من وجوه الإيذاء فقد ضيع جهاده في سبيل الله وأبطل طاعته, يقول الله عز وجل: والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا, ولذلك فإن بعض الناس قد يكون ملعونا في طريقه أو مظاهرته أو نحو ذلك, ولعلنا نعلم مدي حق الطريق في قوله صلي الله عليه وسلم:( لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس). فالإسلام رسم قواعد الطريق, وبين القرآن الكريم في المقابل ذمه لقوم شعيب عليه السلام الذين كانوا يقطعون طريق المارة ويؤذونهم, فعاب القرآن عليهم هذا الصنيع, يقول الله عز وجل: ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين, فالقرآن جعل جلوسهم في الطريق لأذية المارة من الآثام العظام التي حذرهم منها نبي الله شعيب عليه السلام.