المتابع للحوارات الدائرة حول الانتخابات الرئاسية يجد اقتناعا واعتقادا جازما بين مؤيدي مرشح ما ان مصر ستتعرض لكارثة كبري إذا فاز المرشح الآخر. والاعتقاد نفسه موجود بين مؤيدي المرشح المنافس, وبحسبة بسيطة نعرف حجم الكارثة التي نحن في طريقنا اليها في كل الأحوال, بالطبع ليس بسبب نجاح أحد المرشحين ولكن بسبب تلك النوعية من التفكير التي تتنافي مع العمل السياسي فتجعل من الآخر ممثلا للشر وتصادر علي وجود أي خيار أو بديل غير الموافقة علي رأي واحد. العمل السياسي والاجتماعي لا يقف عند انتخابات أو فوز هنا وخسارة هناك وانما هو عمل مستمر من أجل تحقيق فكرة اعتقد بها ويشاركني فيها الكثيرون, فإذا تحولت الي حرب بين طرفين كانت الخسارة هي النتيجة الحتمية لكل المجتمع, وإذا كنا قد نعذر المنتمين لأي من الطرفين لتعصبهم فما عذر باقي المجتمع في أن يشارك في تلك المعركة فيهون من أخطاء هذا ويضخم في اخطاء ذاك.. أو يسكت عن أخطاء الطرفين أو يحاول إيجاد أخطاء للطرف الآخر حتي يصير الكل صاحب أخطاء وتتوه الحقيقة. اعتقد أنه في سبيلنا لإقامة دولة متقدمة يجب علي الأطراف الفاعلة في المجتمع من اعلام ومحللين ومختصين في جميع المجالات أن ينأوا بأنفسهم عن التحزب لمصلحة هذا أو ذاك, وعليهم العمل علي ذكر الحقيقة وتحليلها كما هي لا تبريرها كما هو الحال الآن. لقد أصبح الذين كانوا ينتقدون النظام السابق عاجزين عن توجيه النقد لأي سلوك يحدث في الشارع مخافة اعتباره ضد الثورة أو التعرض لسيل من الشتائم والاتهامات, وهو ما يشير الي تحولنا الي نوع جديد من الديكتاتورية هو ديكتاتورية الغدر, وإذا لم نستعد زمام الأمور ونغير طريقتنا في التفكير ونبدأ في تسمية الأشياء بمسمياتها وننتقد الأخطاء ونمتدح الصواب بغض النظر عن صاحبه فسوف نستمر في هذه المرحلة من عدم الاستقرار. د. محمد أحمد عبدالحي أستاذ الطب النفسي بجامعة طنطا