دخلت البيت الأبيض لأول مرة كزوجة الرئيس فى يناير 1993 وكانت حينئذ في ال 46 من عمرها. ويوم 26 من شهر أكتوبر الجاري ستحتفل «هيلاري» بعيد ميلادها ال69. وإذا تم انتخابها رئيسا للبلاد يوم 8 من شهر نوفمبر المقبل فان «هيلاري» ستدخل البيت الأبيض والتاريخ .. كأول رئيسة لأمريكا وذلك في يناير 2017. «هيلاري» على مدى نحو ال 25 السنة الماضية أثارت اهتمام أمريكا والعالم كله. كزوجة للرئيس الأمريكي قيل إنها كانت تشاركه في الحكم وتحديد السياسات. ثم صارت عضوا في مجلس الشيوخ الأمريكي إذ تم انتخابها لتمثل ولاية نيويورك. في وقت عاشت فيها نيويورك وعانت من هجمات 11 سبتمبر 2001. بعدها خاضت «هيلاري» المعركة الانتخابية الرئاسية التمهيدية الا أن «باراك أوباما» صار المرشح الديمقراطي في عام 2008. ثم كانت وزيرة الخارجية في ادارة أوباما في عهد شهدت فيه أمريكا تحديات عالمية كبري ووجدت نفسها أمام «خيارات صعبة وشاقة» لا يمكن تفاديها. بل يجب مواجهتها أو احتواء تبعاتها. وهكذا كانت الأمور تحديدا في الشرق الأوسط مع بدايات عام 2011.. ثم ما شهدته المنطقة من تطورات وتدهورات سياسية وأمنية لا يعرف حتى الآن مداها أحد. ........................................ لا شك أن الحديث عن «هيلاري كلينتون» أمر صعب البدء فيه لأنك لا تعرف من أين يمكن أن تبدأ حكي سيرتها وكيف تتناول تفاصيل أدوارها العديدة عبر سنوات طويلة. نعم «لها خبرة ولها تجربة».. ونعم «لها انجازات ولها أخطاء أيضا». كما أن هذا الحديث عنها أمر شاق أيضا لأنها شخصية مثيرة للجدل والنقاش وتحمل المتناقضات معها في أقوالها وأفعالها.. فإما هي محبوبة أو «مثار إعجاب» وإما هي مكروهة أو «مثار انتقاد» كشخصية عامة ومن ثم عليك أن تتحدث عنها بحذر ودقة معا حتى تعطي لها حقها .. ما لها وما عليها وأن تقرر أن تقول وتكتب ما تراه وما تعرفه مهما كانت ردود الأفعال «الزاعقة» و»الغاضبة»غالبا الراغبة في تصحيح مفاهيمك وتغيير كلماتك عنها.. ولذلك لم يكن بالأمر الغريب أن تجد مع بحثك عن رد فعل المواطن الأمريكي أو المواطنة الأمريكية أن تسمع وترى كل ما يخطر وما لايخطر على بالك من ألفاظ وأوصاف .. مدحا وغالبا قدحا في «هيلاري».. اللجوء لمحرك البحث «جوجل» يكشف «هول» هيلاري .. و»فظاعتها « و»أكاذيبها الدائمة» و»شيطنتها المتواصلة». وبالطبع ما ذكر وتردد عنها وأشيع عنها باللغة العربية بين أهل منطقتنا وحكامها وإعلامها ومجالسها ودردشتها شيئ يفوق الخيال. والأمر الأهم أن كل هذه الحواديت والأساطير إما تنسب لكتابها الأخير «خيارات صعبة» (الصادر عام 2014) واما لرسائلها الإلكترونية (عشرات الآلاف) بحيث أتساءل أحيانا وبسخرية متى تتم ترجمة كل ما ننسب الى هيلاري وكتابها الى الإنجليزية بحيث تطلع هي على ما لا تعرفه وربما تضيفه في الطبعات القادمة من مذكراتها وكتاب حياتها. وإذا كانت المناظرة الأولى بينها وبين المرشح الجمهوري «دونالد ترامب» أظهرت مدى استعدادها وإدراكها للمهمة الصعبة التي ستقوم بها إذا تم انتخابها. الا أن من لا يثقون فيها ولا يصدقون كل ما تقوله ( وهم ليسوا قلة) يرون فيها «ابنة واشنطن المؤسسة السياسية» التي تبتز المواطن العادي وأموال البلد من أجل مصالحها الشخصية ومصالح أصحاب السلطة والنفوذ. السماع لما قاله «ترامب» عن «هيلاري» كاف ل »شيطنتها» وضرورة التصدي لها وافشالها. والاطاحة بها ولذلك يحاول أنصار «هيلاري» دائما «أنسنتها» اظهار كم هي انسانة وليس شيطانة. هيلاري هي المرأة القوية التي شاركت منذ أيام شبابها في القضايا العامة وقالت كلمتها ودافعت عن حقوق المرأة والأم والطفل. والمرأة التي قطعت شوطا كبيرا في العمل العام وفي التواصل مع المرأة في كل مكان في العالم، حتى تنال حقوقها وتحقق أحلامها وتنهض بأسرتها. وهيلاري أيضا السياسية المتمرسة التي تعرف كيف تجمع أصحاب المصلحة المشتركة وكيف تتأقلم مع تغير الأجواء وكيف تدفع بأجندتها مهما كان الطرف الآخر مختلفا و «غير مرنا» و»غير مستعدا لتقديم تنازلات». هيلاري 1993 غير هيلاري 2003 وغير هيلاري 2008 وغير هيلاري 2012 وبالتأكيد ستكون «هيلاري» أخرى في عام 2017 إذا تم انتخابها. وبلا شك لم تتغير كثيرا في عنادها وإصرارها وعزيمتها و»براجماتيتها». وبسبب براجماتيتها وانتهازيتها فهي عادة لا تريد أن تحارب معارك الماضي من جديد أو أن تحاربها بنفس الوسائل والطرق القديمة. خاصة أنها تريد و»مصممة»و»راكبة دماغها» أن تنجز وأن تحقق وأن تنجح في كل الأحوال. هيلاري عرفها الأمريكيون في بداية التسعينيات من القرن الماضي أثناء خوض زوجها «بيل كلينتون» المعركة الانتخابية الرئاسية عام 1992 في مواجهة الرئيس الأمريكي آنذاك «جورج بوش» الأب. صاحب الخبرة والتجربة ومن كان رئيسا لأربع سنوات وقبله نائبا للرئيس لمدة 8 سنوات .. وأيضا مديرا ل CIA. وكان «بيل كلينتون» النجم الصاعد في سماء السياسة الأمريكية محافظا لولاية «أركنسو» .. «بيل كلينتون» عام 1992 ومعه آل جور كنائب للرئيس كان يمثل الأمل ودخول جيل جديد للبيت الأبيض خاصة أنه كان يأتي ومعه زوجته المحامية والناشطة «هيلاري». «هيلاري» من مواليد شيكاجو ودرست القانون في جامعة ويلسلي ثم أكملت دراستها في جامعة يل. تعارفت علي بيل (الذي لا يكبرها الا بعام واحد) في خريف 1970. وقد سرد الرئيس الأسبق في كلمته أمام المؤتمر العام للحزب الديمقراطي في يوليو الماضي تفاصيل اللقاء الأول واللقاءات التي تلت حتي اتفقا على أن يكونا معا في رحلة الحياة. وقد تم الزواج عام 1975. وابنتهما الوحيدة «تشيلسي» من مواليد 27 فبراير عام 1980. و»هيلاري» صارت «جدة» لأول مرة منذ عامين. وتحديدا يوم 27 سبتمبر 2014 اذ ولدت «شارلوت كلينتون مزفنسكي».. وهذا العام ولد حفيد لآل كلينتون اسمه «أيدن». وهو من مواليد 18 يونيو 2016. وآل كلينتون معا الثلاثة ( بيل ومعه هيلاري وتشيلسي) أسسوا وأداروا معا مؤسسة عالمية تحمل اسم كلينتون للمبادرة العالمية تقدر مواردها بأكثر من 220 مليون دولار لها نشاط عالمي متميز ومؤثر في مجالات التنمية والتعليم والصحة والمرأة والطفولة والبيئة. مؤسسة تتحرك وتبادر وتساهم وتشارك في مشروعات عالمية وتجد حلولا لها ولكل تحدياتها المادية. هذه المؤسسة كانت وما زالت موضع انتقاد من منتقدي «هيلاري» على أساس أنها كانت تستغل موقعها كوزيرة خارجية في تقديم خدمات وتسهيلات لمن قدموا مساهمات مالية لمؤسسة كلينتون. ويجب الاشارة هنا الى أن زوج «هيلاري» الرئيس السابق «بيل كلينتون» ظاهرة سياسية وانسانية فريدة من نوعها. فهو يعد الأكثر شعبية من ضمن الرؤساء السابقين. وهو السياسي المبدع والمتألق والمنطلق والمطلع والأستاذ في الحديث والاسهاب فيه والمعلم في التشويق بسرد الحواديت والاشارة الى تلميحات تكشف إلمامه بالتفاصيل وأدق التفاصيل.. وفي عهده حقق الاقتصاد الأمريكي نموا غير مسبوق. كما أنه بالرغم من فضائحه الجنسية ( وعلاقته مع المتدربة مونيكا لوينسكي) وسعى القيادات الجمهورية على انهاء رئاسته ودفنه سياسيا الا أنه عاش وتألق وتحدى الزمن وساهم في التصدي لمشاكل العالم. وحكايات «بيل كلينتون» مع عالمنا العربي ومصر تملأ صفحات كتب. ربما يهتم بعض الباحثين في تسجيل ما قاله وما عاشه الرئيس الأسبق. وأذكر في هذا الصدد أنه في لقاء مع أمريكيين وأمريكيات من أصول عربية كان كلينتون يتحدث معهم عن طبيعة تركيبة المجتمع الأمريكي وما فيها من تنوع وتعدد واختلاط وامتزاج. وكما هو معروف ولسنوات طويلة التوصيف المستعمل والمشاع كان «بوتقة الانصهار» .. ثم مع مرور السنوات وبما أن الأعراق والثقافات المختلفة نعم اختلطت وامتزجت ومع ذلك حافظت على ملامحها الخاصة والمتميزة فأطلق على أمريكا توصيف «طبق السلطة» و أحيانا «طبق سلطة الفواكه». ولذلك حرص «بيل كلينتون» أستاذ التواصل الشخصي والسياسي على القول وسط حضور أمريكي عريي بأن أمريكا صارت مثل ال »تبوله» اليوم. وفي أحد لقاءاته أشار الى قراءته لروايات ل»نجيب محفوظ». وبالمناسبة هو قارئ نهم حرص البيت الأبيض في خلال ولايته لمدة 8 سنوات أن تصدر من حين لآخر قائمة بأسماء الكتب التي أشتراها ليقرأها في إجازة رأس السنة أو إجازة الصيف. و «مائة عام من العزلة» هى روايته المفضلة. وفي المقابل «هيلاري» كزوجة الرئيس ثم كوزيرة للخارجية زارت والتقت بالعرب والمسلمين في كافة بقاع العالم . كوزيرة للخارجية ذهبت الى 112 دولة وقد قطعت بالطيران مسافة تقدر ب 956.733 ألف ميل. وكانت تتباهى بهذا الرقم كما أن الموقع الالكتروني للخارجية الأمريكية كان يتم تحديثه باستمرار بسفريات «هيلاري». وهي تتذكر في مذكراتها الصادرة عام 2003 بعنوان»أن تعيش التاريخ» قالت كيف أنها في خريف 1996 كانت مع بيل في جولة بالشرق الأوسط لحضور توقيع اتفاقية السلام بين اسرائبل والأردن وقاما بزيارة مصر. وتصادف وجودهما مع عيد ميلاد هيلاري يوم 26 أكتوبر. فقاما بزيارة الأهرامات في الصباح الباكر. وأقامت سوزان مبارك حفل افطار ومعه تورتة الميلاد. وأكل الجميع بحضور أبو الهول. هذا الكتاب في562 صفحة بيعت منه مليون نسخة في الشهر الأول لصدوره. وكانت هيلاري قد تلقت 8 ملايين دولار كمقدم من الناشر لكتابة الكتاب. والكتاب ترجم الى 12 لغة. «هيلاري» كأي سياسي محنك لا تعترف بالعداوات الدائمة وان كانت تعيد النظر أحيانا في الصداقات القائمة. وسواء وصفناها أو وصمناها ب «البراجماتية» أو «الانتهازية السياسية» فنحن أمام كائن سياسي .. تعرف جيدا قواعد اللعبة وضرورة ضمان المكسب للطرفين. «هيلاري» تعرف صناع القرار في العالم والمنطقة على مدى ال 25 السنة الأخيرة. ومن الطبيعي أن يتساءل البعض الآن هل حكام العالم وقادتهم ستكون لديهم مشكلة أو معضلة في التعامل مع رئيسة أمريكية خصوصا اذا كانت امراة قوية ومدركة و»فاهمة البير وغطاه» وحاسمة وحازمة في طرح القضايا والحديث عن حلول لها. هيلاري وهي تتعامل مع القضايا العامة مثلما هو الأمر مع القضايا الخاصة حريصة دائما على تعرف التفاصيل برمتها وأن تعرف كافة جوانبها وكافة الأطراف المشاركة أو المهتمة بإيجاد حل لها. هي «المحامية» التي تعرف كيف تحقق ما تريد أن تحقق. ولها دائما الفريق المساعد المقرب اليها بشدة ..عندما كانت زوجة الرئيس مشاوراتها وتحركاتها كانت دائما تتصف بالسرية التامة والكتمان الشديد حتى أنه تم وصف هذا الفريق المقرب ب»حزب الله». وهذا ما ذكره الصحفي «هوارد كيرتز» في كتاب له عن البيت الأبيض والاعلام صدر عام 1998. يتحدث فيه عن آليات وطرق الدعاية السياسية و»البروبجاندا» في ادارة بيل كلينتون.ولم تسلم هيلاري كلينتون من وقتها من انتقادات كبار المعلقين السياسيين وخاصة من لهم ميول وتوجهات يمينية. ف »ويليام سافاير» وصف السيدة الأولى بعد ما قالته وذكرته وبعد ما تم كشف النقاب عنه من فضائح جنسية أخلاقية فيما يخص زوجها الرئيس أن هيلاري «كذابة بالفطرة». هيلاري التي يبدو أنها تريد أن تكون «ماما أمريكا» بحق وحقيقي وتحكم العالم كله بعد أن تفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة تقول: بين محطات حملتها الانتخابية وقراءة أوراق ملفات الاحاطة وقصاصات الصحف. تحب أن تستريح بقراءة الروايات البوليسية. وإنها تعشق أكل الفلفل الحار .. وتضع السوس الحار على كل شىء. وتذكر أنها عندما كانت فتاة صغيرة كتبت رسالة الى وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) سألت فيها اذا كان في الامكان أن تكون رائدة فضاء. وجاء الرد في خطاب يقول بطريقة مهذبة بأنهم لا يقبلون الفتيات. وأنها قابلت الزعيم الأسود مارتن لوثر كينج عندما كانت في ال 14 من عمرها. قسيس الشباب بكنيستنا ذهب بنا الى حيث كان يخطب. وقد أتيحت لي فرصة مصافحته. وتعترف «هيلاري»: الشوكولاته هى نقطة ضعفي..!!. وعندما أصابتها وعكة صحية في نهاية عام 2012 عرفنا من المتابعة الإخبارية أن طبيبة «هيلاري» كانت د جيجي البيومي الأمريكية المصرية أحد الأطباء البارزين في مستشفي جامعة جورج واشنطن بالعاصمة الأمريكية. والبيومي تعد طبيبة خاصة لهيلاري وصديقة مقربة اليها منذ سنوات. كما أنها من قبل كانت من ضمن فريق أطباء ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي السابق. والأخير في كتاب له عن القلب وصحته أشار الى الطبيبة وامتيازها في ممارسة الطب ووجه التحية اليها. ........................................ هيلاري في مصر.. هيلاري كوزيرة للخارجية كانت بصحبة الرئيس أوباما أثناء زيارته لمصر في يونيو 2009 وإلقائه خطابه الشهير بجامعة القاهرة. وقد قاما قبل إلقاء الخطاب بجولة في مسجد السلطان حسن. وبعده كانت زيارة الأهرامات بصحبة د زاهي حواس. هيلاري زارت مصر أيضا في مارس 2011 ويوم 11 مارس تواجدت مع الوفد المرافق لها في ميدان التحرير والتقت هناك ببعض المصريين وصافحتهم. وفي نوفمبر 2012 توجهت الى القاهرة للقاء الرئيس المنتخب حينذاك «محمد مرسي» وأيضا قيادات سياسية وعسكرية. ولعل أبرز «فرقعة اعلامية» أثيرت في القاهرة أثناء وجود هيلاري بها وغالبا هي ممتدة حتى يومنا هذا ( وقد يتم مطها واضافة بهارات لها ونسج حكايات منها) انها «التغلغل الاخواني في الخارجية الأمريكية». وقد أثير الأمر خلال لقاء هيلاري مع ممثلي الأقباط نقلا عما تردد في مواقع يمينية متطرفة أمريكية تسعى لتشويه صورة هيلاري ومن ثم باراك أوباما على أساس أنه ( مسلم أصلا) ومعه هيلاري «متعاطفين» مع المسلمين وبالتالي يعملان ضد أمريكاالغربية المسيحية ومصالحها الوطنية. وقد خرج السناتور الجمهوري البارز «جون ماكين» عن صمته في تلك الفترة وتوجه الى قاعة مجلس الشيوخ ليعلن تنديده لما تردد وانتشر عن «هوما أبادين» مساعدة كلينتون والتي يعرفها هو شخصيا ويقدر عملها وخدمتها وولاءها للوطن. وقال أن مثل هذه الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة لا يجب أن تتبناها النائبة «ميشيل باكمان» ومن معها من أجل اجراء تحقيقات أمنية موسعة لمعرفة أبعاد هذه القضية. وكانت «باكمان» من خلال رسالة مكونة من 16 صفحة وزعتها في منتصف شهر يونيو 2012 تحدثت عن التغلغل الإسلامي أو الإخواني داخل الادارة الأمريكية وعن صلات لعائلة هوما الباكستانية الأصل (والدها المتوفي ووالدتها) بمنظمات اسلامية لها روابط مع الاخوان المسلمين. من لوحوا وحذروا من أمر «هوما» حتي اليوم ونحن في عام 2016 وخاصة مع اشتداد المعركة الانتخابية بين هيلاري وترامب لم يتوقفوا عن الحديث عن «هوما» والبعض منهم ذكر أنها هي التي ستقوم بنشر وتطبيق «الشريعة الاسلامية» في أمريكا اذا تم انتخاب هيلاري!!. وبما أننا نتحدث عن هيلاري وزيارتها الشهيرة لمصر في عهد الرئيس الأسبق مرسي. نأتي بذكر المصافحة بين هيلاري ومرسي. وقد ذكر حينئذ أن الرئيس مرسي لم يصافح باليد الوزيرة كلينتون أمام الصحفيين. ونقلت بعض الوكالات هذا الموقف قائلة لم تحدث المصافحة على أساس أن هذا الفعل يخالف عقيدته. وهذا التوصيف تناقلته بعض وكالات الأنباء ونشرته بعض الصحف ومنها الاسرائيلية.وهات يا تعليقات!!. في حين تم التأكد فيما بعد (حسب رواية مسئول أمريكي لوكالة اسوشيتدبرس) من مصافحة باليد حدثت بالفعل وراء الأبواب المغلقة مع كلينتون ومع من معها في الوفد المرافق. وذكر أن الرئيس مرسي قال لكلينتون بالإنجليزية « نحن حريصون جدا جدا (وقد قال كلمة جدا مرتين) أن نلتقي بك وسعداء أنك هنا». واللقاء الذي استمر أكثر من ساعة لم نعرف وقتها عما طرح فيه الا من خلال ما قالته كلينتون في ردها على أسئلة الصحفيين في مؤتمر صحفي عقدته مع نظيرها المصري محمد كامل عمرو. وخلال هذه الزيارة ذهبت هيلاري الى الإسكندرية وفي افتتاح القنصلية الأمريكية بها ردت هيلاري على العديد من القضايا المطروحة على الساحة عندما قالت: «أنا أفهم جيدا وسمعت اليوم من العديد من الأفراد أن وسائل الإعلام المصرية تستطيع أن تكون خلاقة أو مبتكرة للغاية في وصف بلدي. وأنا أعرف بعض المصريين لديهم شكوك حول موقفنا. وبالفعل سمعت أنه أثير الجدل حوله في ال 18 شهرا الماضية بأن أمريكا تكلمت بصوت عال جدا وأن أمريكا تكلمت بصوت ناعم جدا وأن أمريكا تكلمت مبكرا جدا وأن أمريكا تكلمت متأخرا جدا. ولقد سمعت أننا نساند فريقا ما في السياسة بمصر ثم بعد أسابيع قليلة سمعت أننا نساند فريقا آخر في السياسة بمصر. وأنا أريد أن أكون واضحة إن الولاياتالمتحدة ليست في «بيزنس» عملية اختيار الفائزين والخاسرين بمصر حتى لو استطعنا ذلك ونحن بالتأكيد لا نستطيع. ونحن على استعداد للعمل معكم بينما تخططون المسار وتبنون ديمقراطيتكم.» ثم أضافت:«إن الشعب المصري لديه كل الحق في هذه الديمقراطية الجديدة في أن ينظر لقادته ليحموا حقوق كل المواطنين وليحكموا بأسلوب نزيه وشامل للكل وليحترموا نتائج الانتخابات. نحن عادة نقول أن الانتخابات الأولى صعبة إلا أن الانتخابات الثانية أكثر أهمية لأن انتخابات واحدة لا تصنع ديمقراطية. يجب أن يكون هناك تسليم سلمي للسلطة. وما نؤمن به أن مبادئ الديمقراطية يجب أن يتم الحفاظ عليها بقدسية ليست فقط في الدستور وليست فقط في مؤسسات الدولة بل في القلوب والعقول». وكان مراسل «نيويورك تايمز» في القاهرة حينئذ «ديفيد كيركباتريك» قد ذكر أنه كان من المقرر حتى قبل يومين من اتمام الزيارة لمصر حسب ما قال له مسئولون بالخارجية الأمريكية أن تقوم كلينتون بالقاء خطاب هام بالاسكندرية ( غالبا في مكتبة الاسكندرية) عن الديمقراطية في مصر. الا أن هيلاري بعد أن رفضت ثلاث مسودات (على الأقل) للخطاب قررت في الليل السابق لوصولها للقاهرة الغاء فكرة الخطاب تماما. كما أن هيلاري عندما سئلت في نهاية جولتها (في حوار مع شبكة سي إن إن) عن استقبالها غير المرحب بها أو غير الدافئ (من القاء الطماطم والأحذية وترديد اسم مونيكا) قالت: «يوجد الكثير من عدم اليقين والقلق في مصر الآن. أنهم (أي المصريون) يفعلون شيئا لم يفعلونه خلال أكثر من 5 آلاف سنة من تاريخهم. كانت لديهم انتخابات واختاروا رئيسا ولكن ليست لديهم بعد حكومة. ولا يعرفون كيف ستكون آلية القرار. كما أنهم غير متأكدين من شرعية بعض من مؤسساتهم الجديدة. ويوجد قلق نتفهمه لدي العديد والعديد من المصريين. ولا أعتقد أن كل هذا يعد أمرا غير عادي». ........................................ «أن تعيش التاريخ» .. و«خيارات صعبة» وإذا كانت «هيلاري كلينتون» تناولت في مذكراتها الصادرة عام 2003 سنواتها في البيت الأبيض فإنها في مذكراتها الصادرة عام 2014 بعنوان «خيارات صعبة» تناولت سنواتها كوزيرة للخارجية. وهذا الكتاب أثار بمضمونه ضجيجا سياسيا واعلاميا .. وطوفانا من «قيل وقال» وتناول سنوات «هيلاري» كوزيرة للخارجية وما صاحبها من أحداث وتطورات وتدهورات في العالم العربي سماها البعض ب «الربيع العربي» وآخرون ب»الانتفاضات الشعبية العربية». و«هيلاري» كتبت ما كتبت ولكن بالتأكيد كانت حذرة ومتحفظة في التعامل مع تفاصيل الأحداث واللقاءات والمشاورات. قالت ما تريد أن تقوله .. وقالت ما تريد أن يعرفه الآخرون عن دورها ودور واشنطن في هذه الأحداث. وكيف أنها تخبطت وأخطأت أحيانا في الحسابات والتقديرات وكانت ما كانت. وطبعا «هيلاري كلينتون» كتبت هذا الكتاب وهي «بتشاور عقلها» وتستعد لترشح نفسها لخوض المعركة الانتخابية. ولذلك بالتأكيد لم تقل كل ما تعرفه أو كل ما تريد قوله .. فطالما حياتها السياسية مستمرة فلا يجب عدم خوض معارك الأمس اليوم. خاصة أن اليوم الحاضر فيه ما يكفيه من معارك ومواجهات. وبالتأكيد الغد المستقبل سيأتي بالمزيد منها. والكتاب يضم ستة أجزاء. والجزء الخامس منه ( 190 صفحة) يتحدث عن الشرق الأوسط ويضم فصولا عن عملية السلام والربيع العربى وليبيا وبنغازى وإيران وسوريا وغزة. وفى هذه الفصول نجد حكايات هيلارى ومواقفها وذكرياتها. وعن اختيارها لاسم الكتاب «خيارات صعبة» قالت هيلاري: «كلنا نواجه خيارات صعبة فى حياتنا. والحياة هى حول عمل مثل هذه الخيارات. إن خياراتنا وكيفية تعاملنا معها تشكلان ما سنكون فى المستقبل». فى هذا الكتاب وفى الصفحات الخاصة بمصر يتكرر من جديد ذكر موقف هيلارى من الاطاحة بحسنى مبارك وكيف أنها كانت تفضل «الانتقال المتدرج أو السلس» للسلطة تخوفا من تبعات الفراغ الذى سيخلق فى مصر. وفى هذا اختلفت كلينتون مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما والفريق الشاب معه فى مجلس الأمن القومي. وموقفها هذا شرحه وأيده أيضا روبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكي حينذاك في مذكراته المنشورة عام 2014. كما شرحت كلينتون فى الكتاب المخاوف التى ساورتها وهى تترقب قدوم الإخوان المسلمين وتفاصيل عن لقاءاتها مع محمد مرسى الرئيس المعزول خاصة عندما تفاوضت من خلاله بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار ما بين إسرائيل وحماس. هيلارى كلينتون فى كتابها هذا (656 صفحة) تفادت الدخول فى الجدل الذى أثير فى واشنطن حول «ثورة 30 يونيو» وهل هو «انقلاب» أم «ثورة» ..وما حدث بعدها.واكتفت بكتابة التالى فى صفحة 349 : «فى يوليو 2013 ومع تظاهر الملايين من المصريين من جديد فى الشوارع وهذه المرة ضد تجاوزات حكومة مرسي.. تدخل الجيش للمرة الثانية تحت قيادة من خلف طنطاوى وهو الجنرال عبد الفتاح السيسي. وقاموا بخلع مرسى وبدأوا فى حملة عنيفة جديدة على الاخوان المسلمين» ثم تستكمل حديثها بالنسبة للوضع عام 2014 وتبدى تحفظها لما يمكن أن يتحقق فى المستقبل القريب فتقول:«آفاق الديمقراطية فى مصر لا تبدو مشرقة .السيسى يخوض الانتخابات الرئاسية فى مواجهة معارضة رمزية ويبدو أنه سيقوم باتباع القالب الكلاسيكى للحاكم القوى فى الشرق الأوسط. ويبدو أن الكثير من المصريين أنهكتهم الفوضى وهم على استعداد للعودة الى الاستقرار» هكذا قالت هيلاري. وبما أنها كررت القول على امتداد صفحات الكتاب بضرورة وأهمية العمل المتواصل والمستمر من أجل بناء واقامة ديمقراطية فى العالم العربى تكتب هيلارى كلينتون:»فى النهاية الاختبار بالنسبة لمصر ودول أخرى على امتداد الشرق الأوسط سيكون عما إذا كانوا سيقومون بإقامة مؤسسات ديمقراطية ذات مصداقية ستستطيع أن تدعم حقوق كل مواطن مع توفير الأمن والاستقرار فى مواجهة أعداء قدامى عبر الانقسامات العقائدية والعرقية والاقتصادية والجغرافية. وهذا الأمر لن يكون سهلا، مثلما أوضح التاريخ الحديث، ولكن البديل هو مشاهدة المنطقة تواصل غرقها فى الرمال» ويذكر فى هذا الصدد أن كلينتون استخدمت تعبير «الغرق فى الرمال» لأول مرة فى مؤتمر بالدوحة عقد فى 13 يناير 2011. فى هذا الكتاب أيضا تحدثت هيلارى عن صدمتها مما سمعته من مرسى يوما ما إذ تكتب :«فى أحد لقاءاتى الأولى مع الرئيس المصرى الجديد محمد مرسى سألته «ماذا ستفعل لكى تمنع القاعدة ومتطرفين آخرين من زعزعة استقرار مصر وتحديدا سيناء؟ فكانت اجابته: « لماذا سيفعلون ذلك؟ نحن لدينا الآن حكومة اسلامية» وترى هيلارى أن اجابته كانت محيرة «واذا كان يتوقع تضامنا من الارهابيين فهو اما كان ساذجا جدا أو شريرا مخيفا» فتبين له هيلارى «لا يهمنى ما هى مواقفك. انهم سوف يطاردونك. وأنت عليك أن تحمى بلدك وحكومتك». وبالتأكيد هذه اللقطة أو اللفتة من هيلارى عن مرسي أثارت الكثير من علامات الاستفهام والتعجب حول ما كان يجرى فى مصر فى عهد الإخوان. ........................................ «هيلاري كلينتون» آخر يوم لها في الخارجية كان الأول من فبراير 2013 .. وطوت يومها صفحة من حياتها..ترى هل ستبدأ صفحة جديدة في حياتها وفي تاريخ أمريكا بعد يوم 8 نوفمبر القادم؟.. وهل ستكتب في البيت الأبيض؟.