ماذا بعد الحكم بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشعب؟ وهل سوف تظل الجمعية التأسيسية باقية؟ أم يتم حلها بالتبعية, خاصة أن المجلس العسكري لم يصدق علي قانون الجمعية التأسيسية بعد, ولم يتم نشر القانون في جريدة الوقائع المصرية؟ تساؤلات عديدة مطروحة الآن بشأن الجمعية التأسيسية ومستقبلها نطرحها في قضية الأسبوع, بالإضافة إلي رؤية الخبراء والمختصين وتصوراتهم للدستور المقترح بعد ما حدث من اعتراضات علي الجمعية التأسيسية ورفض المجلس الاستشاري لتشكيلها, ورفع دعاوي للطعن فيها قبل الحكم بعدم دستورية قانون مجلس الشعب وما صاحب ذلك كله من انسحاب لعدد من الأحزاب من تشكيل الجمعية التأسيسية. قضية الأسبوع فتحت باب المناقشة لاستطلاع آراء المواطنين وخبراء القانون والقوي السياسية المنسحبة. التأسيسية تدخل النفق المظلم إنجي البطريق فجر حكم المحكمة الدستورية العليا بحل المقاعد الفردية بمجلس الشعب لغطا عارما في الشارع السياسي ومزيدا من التكهنات بعودة من جديد لحل الجمعية التأسيسية للدستور واحتمالات العودة من جديد إلي البحث عن أعضاء للجمعية التأسيسية. بداية يؤكد الدكتور حمدي عمر أستاذ القانون الدستوري وعميد كلية الحقوق جامعة الزقازيق أن الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية قضي بالغاء المادة التي قضت بانتخاب مجلس الشعب والتي سمحت للأحزاب المتنافسة في نظام القائمة أن تقدم مرشحين للمقاعد الفردية, وبالتالي سيؤثر الحكم علي هؤلاء الأعضاء الذين دخلوا بالنظام الفردي وينتمون للأحزاب التي تقدمت بقوائم انتخابية وهؤلاء نحو110 أعضاء تقريبا وهم الأعضاء الذين يمسهم الحكم فقط أما أعضاء مجلس الشعب الذين نجحوا علي مقاعد الفردي مستقلين ولا ينتمون لأي أحزاب فالحكم لا يمسهم مطلقا وسيستمرون أعضاء للبرلمان أمثال مصطفي بكري وعمرو حمزاوي وغيرهم من المستقلين علي المقاعد الفردية. أما من يقع عليهم تطبيق القانون فبالنسبة لجميع أعمالهم السابقة قبل القانون فهي أعمال صحيحة مائة بالمائة. أما ما يتعلق باللجنة التأسيسية للدستور فإذا كان هناك عضو من أعضاء مجلس الشعب المسقط عضويته سبق أن تم اختياره كعضو في الجمعية التأسيسية للدستور فسيتم ستبعاده حيث إن اختياره تم بناء علي كونه عضوا في البرلمان وعلي ذلك لابد من اجتماع مجلسي الشعب والشوري من جديد بعد انتخاب الأعضاء الذين سيحلون محل الأعضاء المسقطة عضويتهم ويتم الانتخاب فيما بينهم بديلا لأعضاء الجمعية التأسيسية التي اسقطت عضويتهم كتأثير تبعي لحكم المحكمة ليكونوا ممثلين في الجمعية التأسيسية للدستور. .. بينما يشير الدكتور حمدي عبدالرحمن أستاذ القانون الدستوري والعميد الأسبق لكلية الحقوق بجامعة عين شمس إلي أن اللجنة التأسيسية للدستور لن تتأثر مطلقا بحكم المحكمة الدستورية لأن محكمة القضاء الإداري سبق أن حكمت بعدم قانونية اختيار أعضاء التأسيسية من بين أعضاء البرلمان باعتبارها هيئة منتخبين وليست هيئة ناخبين فكيف للفرد أن يحمل الصفتين بأن يكون ناخبا ومنتخبا. وبالنسبة للجنة الدستور فمن المفترض أن وجودهم بالبرلمان لن يؤثر علي وجودهم باللجنة ولكنهم دخلوا اللجنة لأنهم أعضاء في البرلمان مما يجعلنا نؤكد أن الموقف ملتبس قانونا فإن لم يكن هذا النائب عضوا في البرلمان فما تم انتخابه أي أن انتخابه تم بصفة عضويته في المجلس. ويوضح الدكتور أنور رسلان أستاذ القانون الدستوري والعميد السابق لحقوق القاهرة أن هناك زاويتين لهذا الموضوع, الأولي هي قرار البرلمان في المؤتمر المشترك بين مجلسي الشعب والشوري فكان قرارا سليما قانونا ولكن بعد صدور حكم الدستورية بحل ثلث مجلس الشعب فيستمر وضع اللجنة التأسيسية للدستور سليما إلا إذا كنا في حاجة إلي التعديل لاعتبارات سياسية, ولكن يبقي بين هذا وذاك ضرورة التزام الجميع بالحكم خاصة في ظل ما سمعناه من مبادرة المجلس العسكري بإصدار قرار البرلمان بحله كاملا, مما يجعل من الوارد جدا حل الجمعية التأسيسية للدستور إلا أنه في أي من هذه الأوضاع لابد من الإطلاع علي حيثيات حكم المحكمة الدستورية العليا, خاصة أنها من الممكن أن تكون قد تطرقت في هذا الصدد إلي أعضاء التأسيسية للدستور إلا أنه يجب احترام قرارات القضاء والالتزام بها في شتي الظروف. خبراء يحددون ملامحه دستور للجميع عصام الدين راضي يحلم جميع المصريين أن يكون الدستور الجديد معبرا عنهم بشكل حقيقي, وأن تتوازن فيه السلطات وأن يحدد صلاحيات واختصاصات رئيس الجمهورية, وألا يكون هذا المنصب الرفيع بابا مفتوحا علي مصراعيه لكل ما يريده الرئيس هو وأفراد أسرته حتي لا نوجد فرعونا آخر. في السطور المقبلة, نستطلع آراء أساتذة القانون الدستوري وخبراء السياسة عن أهم المواد التي يجب أن يتضمنها الدستور الجديد حتي يكون معبرا بشكل جاد عن أحلام وطموحات المصريين, وأن يشعر كل مواطن علي أرض مصر أن الدستور الجديد كتب من أجله ومن أجل مستقبل أفضل له. دستور الثورة الدكتور سيف عبدالفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة رأي أن الدستور القادم يجب أن يكون دستور ثورة بحق ويترجم هذه الثورة ويتحدث عنها, فالبعض يتحدث عن الدستور وكأنه من الممكن أن يتم إنجازه خلال24 ساعة, وهذه المسألة لا يمكن تحقيقها إذا كنا نريد دستور ثورة. وأكد عبدالفتاح أنه لابد أن نصوغ الدستور بروح الثورة منذ الديباجة الأولي, فبعض التيارات الموجودة تريد أن تطمس الثورة في الدستور الجديد إلي غير رجعة. وشدد عبدالفتاح علي أنه لابد أن يمثل الدستور الجديد كل أطياف المجتمع المصري بكل تنوعاته المختلفة, وأن يجد كل مواطن مصري نفسه بين حروف هذا الدستور, وأن تعقد جلسات استماع وحوار ممتد حتي يشعر كل مواطن أنه كتب هذا الدستور بخط يده, وأن تحدث توافقا حقيقيا بعيدا عن زرع الخلافات, فالبعض يتحدث عن توافق القوي المدنية, وهذه القوي تحاول الوصول إلي الخلاف من أقرب طريق, وأضاف عبدالفتاح قائلا: الدستور الجديد يجب أن يكون بعيدا عن الأغلبية وأن يحتوي علي حوار رصين يشجعه دستور الثورة,. صناعة دولة ديمقراطية الدكتور جابر جاد أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة, بدأ كلامه قائلا: أريد من الدستور الجديد أن يأتي معبرا عن صناعة دولة ديمقراطية تتوازن فيها السلطات وتتلازم فيها السلطة مع المسئولية, بما يؤدي إلي ضمان حقيقي للحقوق والحريات.وأضاف جاد: يجب أن يسهم الدستور الجديد في صناعة المؤسسات الدستورية وحفظ استقلالها وبيان اختصاصاتها الدستورية, فالنظام الديمقراطي الحقيقي هو الذي يصنع للدولة كيانها ويحافظ علي ثرواتها. وشدد جاد علي أنه لابد أن يحافظ الدستور الجديد علي توزيع عوائد التنمية الاجتماعية بصورة تحترم مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية, وبما يحقق أهداف ثورة25 يناير. وأكد جابر جاد أن الدستور يجب ألا يقتصر علي الصفوة فقط ورجال القانون, بل يجب أن يكون معبرا عن كل أفراد الشعب المصري, فالدستور أمر يتعلق برغيف الخبز والمسكن والدواء. الدكتور رأفت فودة رئيس قسم القانون الدستوري بجامعة القاهرة أكد أنه لابد أن يتضمن الدستور الجديد إقرارا للحقوق والواجبات التي لم تكن موجودة في دستور1971, مثل الحق في الإضراب, وعدم إعطاء أي ميزة لوزارة الدفاع أو أي وزارة أخري, وترك أمر القضاء للمجلس الأعلي للقضاء تعيينا وتأديبا وعملا وأحكاما. وأضاف فودة: يجب أن يعطي الدستور الجديد استقلالا كاملا للإعلام دون النص علي أن تكون سلطة رابعة, ويتولي الإعلاميون أمور مهنتهم وتتولي إدارتها هيئة مستقلة ذات كادر خاص, وشدد رأفت فودة علي أن يتضمن الدستور الجديد الأخذ بالنظام المختلط خلال الفترة الراهنة حتي نتعود علي الديمقراطية الحقيقية, فالنظام البرلماني الذي يريد البعض العمل به لا يتحقق بين يوم وليلة. المنسحبون: حتي لاتتكرر الأخطاء مرة أخري أحمد الزهيري ... بيان رقم(1) ... إلي الشعب المصري العظيم: بسم الله.. قررنا نحن حزب التجمع.. وحزب المصريين الأحرار.. والحزب الديمقراطي الاجتماعي.. الانسحاب من الجمعية التأسيسية للدستور إدراكا منا إلي عدم المساواة في نسب المشاركة وتقسيم المقاعد.. واعتراضا منا علي سيطرة التيار الإسلامي بنسب تتجاوز ال50% مما يضمن تفردهم وسيطرتهم علي كتابة وصياغة الدستور مما لا يحقق العدالة والمساواة بين جميع طوائف المجتمع. ونحن بما أننا نمثل الطرف الآخر قررنا الانسحاب ودعوة الجماهير والشخصيات العامة للالتفاف حولنا لنشكل قوة ضاغطة سلمية لاستعادة التوازن في كتابة الدستور. والله الموفق والمستعان توقيع أحزاب مصرية كان هذا قبل حكم المحكمة الدستورية بحل البرلمان واحتمال فشل التأسسية, وحتي لاتتكرر الأخطاء مرة أخري تضع الأحزاب التي انسحبت خريطة طريق للتأسيسية الجديدة. يقول الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع.. أحد الأحزاب التي أعلنت انسحابها من تأسيس الدستور: إننا قررنا الانسحاب حتي لا نترك الفرصة للأحزاب الدينية.. أن تغير هوية مصر المدنية وتجعلها دولة دينية.. ولن نترك لفئة بعينها أن تفرض هيمنتها علي باقي الشعب المصري.. فالشعب ليس الإخوان أو السلفيين علي حد قوله.. وإنما الشعب هم العمال والفلاحون.. النساء والرجال.. الأقباط والمسلمون.. فلا يعقل أن يكتب دستور ويفصل علي فئة وتترك باقي الفئات واحتياجاتها الحياتية والقانونية خارج حدود الدستور. وأضاف السعيد: أننا الآن في المرحلة الأولي من الصدام.. وهي إعلان الاعتراض وحشد كل القوي الليبرالية والثورية ومختلف فئات الشعب المصري لنقف صفا واحدا في جميع الميادين والمحافظات في وجه التيار الديني ومن يسانده في سرعة طبخ الدستور الفئوي وسوف نواصل المعركة بغض النظر عن الأطراف التي سنواجهها.. فتشكيل الدستور بهذه الطريقة غير دستوري.. فنحن الآن في مرحلة الحشد.. وقد نما إلي علمي منذ قليل انسحاب وفد الدستورية العليا من اللجنة التأسيسية للدستور, وأتوقع أنه في الأيام القليلة المقبلة أن تقوم مجموعات أخري غير منتمية إلي التيار الإسلامي وبعض الأحزاب بالانسحاب من هذه الجمعية التأسيسية خاصة بعد العديد من الشخصيات العامة المعترضة علي تأسيس الدستور مثل عمرو الشوبكي.. وحمزاوي ومصطفي النجار والعديد من الشخصيات العامة التي تقدر خطورة الموقف الذي آلت إليه الجمعية التأسيسية للدستور. دستور للشعب ويضيف رفعت السعيد.. أن الدستور يكتب للشعب المصري وليس للإسلاميين من الشعب المصري.. وإلا سوف نقوم بكتابة دستور مواز لباقي الفئات وتوقع السعيد أن تشهد الأيام القليلة المقبلة الصدام علي الدستور. وأشار السعيد أن اللجوء إلي القانون والمحكمة الدستورية ربما يكون الخطوة المقبلة في التصعيد ضد الذين يكتبون دستورا غير دستوري. اتفاق وهمي ومعه في الخندق نفسه عماد عطية من حزب التحالف الشعبي الذي أعلن رأيه علي الملأ ممثلا للأحزاب المنسحبة من تأسيسية الدستور.. ويؤكد دائما أن هذا التوافق الذي تم بتخصيص نسبة50% للأحزاب والقوي و50% للتيار الإسلامي هو اتفاق وهمي وأن الغرض الأصلي غير معلن. فلا يعقل أن تحصل التيارات الإسلامية ممثلة في النور والحرية والعدالة وبعض الأحزاب الإسلامية ذات التمثيل المحدود وذات التمثيل النسبي الضعيف بالشارع علي50% مقابل أن تحصل علي النسبة نفسها50% كل الأحزب العريقة ذات العشرات من السنين والقواعد الكبيرة في الشارع المصري ويدخل معها في هذه النسبة القضاة والعمال والفلاحون والأطباء وكل قوي الشعب الليبرالية.. بالإضافة إلي مؤسسة الأزهر والكنيسة المصرية.. والغريب أنهم يعتبرون أن الأزهر مؤسسة غير دينية وبالتالي لم تدخل ضمن ال50% من التيار الإسلامي.. فهذه معايير لا ترقي إلي الموضوعية ولا تصل إلي درجة الشراكة في المواطنة.. فنحن لا نريد دستورا خاصا يكتبه الجزء للكل, ولكن نريد دستورا متوازنا يضمن العدل ويحقق العدالة الاجتماعية والقانونية وهي من أهم الأهداف التي قامت من أجلها الثورة التي لم تقم من أجل فئة بعينها تسيطر علي دستور مصر وتنقض علي البلاد, بل ثارت الدولة بكل طوائفها علي الظلم وعدم المساواة.. وها نحن الآن نسكت علي الظلم في تمثيل فئات المجتمع في كتابة الدستور, بل ويراد منا أن نشارك فيه, لكن نحن نرفض خيانة الثورة, ولذلك نرفض وننسحب من تأسيسية الدستور. وطالب عماد عطية بالحرص علي تشكيل جمعية تأسيسية تحقق أهداف الثورة وتحافظ علي توازن القوي كما هي في مصر.. وأكد أن الكتلة البرلمانية لحزب مصر الديمقراطي سوف تسعي بكل قوة إلي تحقيق التوازن في الجمعية التأسيسية بالضغط علي جميع الأطراف بكل الوسائل الشرعية حتي يتم إنتاج دستور يليق بثورة25يناير المجيدة. وأكد عطية.. أننا فضلنا أن نقاتل ونخوض معركتنا من خارج اللجنة التأسيسية عن طريق الضغط الذي أسفر حتي الآن عن انسحاب7 أحزاب ونحو100شخصية وطنية وبعض أعضاء حزب الوفد.. وأننا لن نلجأ إلي ساحات القضاء لتوسيع المعركة.. فنحن لا نريد أي صخب إعلامي, أو أن ندخل الوطن في دوامة جديدة.. بل نريد أن نشرك المجتمع كله في صياغة دستوره كل شخص يبدي رأيه.. ولا نريد أن نوقع علي دستور مكتوب سلفا.