إصابة 9 جنود من جيش الاحتلال فى انفجار داخل قاعدة عسكرية بالنقب    اختراق حسابات شركات ومشاهير على "تيك توك"، والشركة المالكة للتطبيق تعلق    3 عقوبات أمريكية في انتظار «الجنائية الدولية».. فما هي؟    أمريكا عن مقترح السلام: نريد ردًّا من حماس    ملف يلا كورة.. تدشين مشروع القرن.. عقوبة أفشة.. وموعد عودة فتوح    الأهلي ليلا كورة: وقعنا عقوبة مالية على أفشة.. ولم نقرر تجميده    المصري البورسعيدي يكشف موعد الإعلان عن الملعب الجديد في بورسعيد    تعادل إيطاليا مع تركيا في مباراة ودية استعدادًا ليورو 2024    فجور عصابة العسكر ..الشارع المصري يغلى بسبب العيش والحكومة تستعد لرفع أسعار الكهرباء والبنزين    النائبة مها عبد الناصر تطالب بمحاسبة وزراء الحكومة كل 3 أشهر    «هنلعبوا السنيورة».. أحمد فهمي يطرح بوستر فيلم «عصابة الماكس» استعدادًا لطرحه في عيد الأضحى    برلمانية: نحتاج من الحكومة برامج مٌعلنة ومٌحددة للنهوض بالصحة والتعليم    استعلم الآن.. نتيجة الصف الثالث الاعدادي محافظة أسيوط الترم الثاني برقم الجلوس (الرابط والخطوات)    جورجيا تعتزم سن تشريع يمنع زواج المثليين    «الأهلي» يرد على عبدالله السعيد: لم نحزن على رحيلك    «زي النهارده» في 5 يونيو 1967 .. نكسة 67    الإفتاء تحذر المصريين من ظاهرة خطيرة قبل عيد الأضحى: لا تفعلوا ذلك    وفد «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية يصل القاهرة لاستعراض الأوضاع الحالية في غزة    نبيل عماد يكشف حقيقة خلافه مع حسام حسن    السعيد: حب جماهير الزمالك أعادني للحياة.. وسبب الاعتزال الدولي واعتبار تجربة الأهلي    إعلام فلسطيني: شهداء ومصابين في قصف مدفعي إسرائيلي استهدف منزلا وسط غزة    مودي يعلن فوزه في الانتخابات الهندية لكن حزبه سيخسر الأغلبية    أحمد كريمة: من يعبث بثوابت الدين فهو مرتد    الوكالة الدولية للطاقة الذرية تبحث ملف تطوير البنية التحتية للطاقة النووية في مصر    إبراهيم عيسى: المواطن يشعر بأن الحكومة الجديدة ستكون توأم للمستقيلة    استغلالا لزيادة الطلب، ارتفاع أسعار سيارات شيري تيجو 7 المجمعة محليا والتطبيق اليوم    متى يبدأ صيام 10 ذي الحجة 2024؟.. تعرف على فضلها عن سواها    طريقة عمل البرجر، بخطوات سهلة ونتيجة مضمونة    برلمان سلوفينيا يوافق على الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة    «شديد السخونة».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم وتكشف موعد انخفاض درجات الحرارة    البابا تواضروس: بعض الأقباط طلبوا الهجرة خارج البلاد أيام حكم مرسي    البابا تواضروس يروي كواليس زيارته للفاتيكان في عهد الإخوان    سم ليس له ترياق.. "الصحة": هذه السمكة تسبب الوفاة في 6 ساعات    محافظ المنوفية: تفعيل خدمة المنظومة الإلكترونية للتصالح بشما وسنتريس    دونجا: جمهور الزمالك بيفهم كورة.. ودا سبب عدم انضمامي لمنتخب مصر    أفريكسيم بنك يدعو مصر للمساهمة في بنك الطاقة الأفريقي لتمويل النفط والغاز    البابا تواضروس ل"الشاهد": بعض الأقباط طلبوا الهجرة أيام حكم مرسي    البابا تواضروس يكشف كواليس لقائه الأول مع الرئيس السيسي    عيار 21 الآن بالمصنعية بعد الانخفاض.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء 5 يونيو 2024 بالصاغة    علماء الأزهر: صكوك الأضاحي لها قيمة كبيرة في تعظيم ثوابها والحفاظ على البيئة    متى تنتهي الموجة الحارة ؟ الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأربعاء 5 يونيو 2024    الأهلي يوقع اتفاق «مشروع القرن»    متى تنتهي خطة تخفيف الأحمال؟ الحكومة تحسم الجدل    البابا تواضروس: التجليس له طقس كبير ومرسي أرسل رئيس وزراءه ذرًا للرماد    حظك اليوم برج الجدي الأربعاء 5-6-2024 مهنيا وعاطفيا    حمو بيكا يهدي زوجته سيارة بورش احتفالا بعيد ميلادها (فيديو)    حظك اليوم| الاربعاء 5 يونيو لمواليد برج الثور    حظك اليوم| الاربعاء 5 يونيو لمواليد برج الميزان    إعدام 3 طن سكر مخلوط بملح الطعام فى سوهاج    عقار ميت غمر المنهار.. ارتفاع أعداد الضحايا إلى 5 حالات وفاة وإصابة 4 آخرين    "تحريض على الفجور وتعاطي مخدرات".. القصة الكاملة لسقوط الراقصة "دوسه" بالجيزة    إمام مسجد الحصري: لا تطرد سائلا ينتظر الأضحية عند بابك؟    «التموين» تكشف احتياطي مصر من الذهب: هناك أكثر من 100 موقع مثل منجم السكري (فيديو)    وزارة الصحة: نصائح هامة يجب اتباعها أثناء أداء مناسك الحج    مع اقتراب عيد الأضحى.. 3 طرق فعالة لإزالة بقع الدم من الملابس    عيد الأضحى 2024 : 3 نصائح لتنظيف المنزل بسهولة    مؤسسة حياة كريمة توقع اتفاقية تعاون مع شركة «استرازينيكا»    أول رد من الإفتاء على إعلانات ذبح الأضاحي والعقائق في دول إفريقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شخصيات وتواريخ:يحيى المتوكل 1942- 2003
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 10 - 2016

يحيى المتوكل هو واحد من الشخصيات السياسية المرموقة فى تاريخ اليمن الحديث. بدأ نجمه يصعد خلال الثورة التى قادها الفريق عبد الله السلال فى عام 1962. إذ كان عضوا فى حركة الضباط الأحرار التى خططت للثورة وقامت بتفجيرها. وهى الثورة التى أطاحت بحكم الإمامة فى اليمن وأعلنت قيام الجمهورية العربية اليمنية. وظل المتوكل يصعد وهو يتولى مواقع عسكرية وينفذ مهمات عسكرية ذات صلة بتوطيد دعائم الجمهورية ضد خصومها القدامى والجدد، إلى أن بدأ يتولى مناصب مدنية، فى الحكومات وعلى تخومها، إلى أن استقر به المقام فى موقع الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبي. وهو الحزب الذى أسسه الرئيس السابق لليمن على عبد الله صالح ليكون حزب السلطة الحاكمة بقيادته. وكان هو، أى صالح، الرئيس الدائم للحزب. فى حين احتل لفترة طويلة موقع الأمين العام الدكتور عبد الكريم الأرياني. وفى عهد الدكتور الأريانى فى موقع الأمين العام للحزب أصبح المتوكل الأمين العام المساعد. وإذ تميز الدكتور الأريانى على الدوام باهتمامه الفائق بالفكر وبالثقافة عموما، فإن يحيى المتوكل كان من موقعه كمساعد للأمين العام أكثر اهتماما بالجانب السياسى والجانب التنظيمى فى الحزب. وقد برز اسمه فى الأعوام التى سبقت استشهاده فى حادث سيارة مفجع كواحد من الشخصيات السياسية المرموقة فى اليمن التى كانت المؤهلة للعب دور كبير فى البلاد. وكان من أهم السمات التى عرف بها دماثة خلقه وسعة اطلاعه ومرونته فى التعامل مع القضايا الشائكة. وهى سمات كانت تساعده فى موقعه كأمين عام مساعد فى حزب المؤتمر الشعبي، ومسئول بشكل خاص عن كل ما يتصل بالعلاقات السياسية الدخلية والخارجية. وربما لهذه الأسباب سرت شائعة قوية فى اليمن وخارجه لدى وفاته فى الحادث المشار إليه أن الحادث كان مدبرا من قبل الرئيس صالح وأركانه للتخلص منه. لكن أحداً لم يجرؤ فى حينها على تحديد الجهة صاحبة المصلحة فى التخلص منه، وتحديد الأسباب الحقيقية لذلك.
وهى الشائعة التى ترافقت مع حادث اغتيال الشخصية اليمنية المرموقة جار الله عمر، الذى كان أحد أبرز وجوه الحزب الإشتراكى اليمني، والذى كان من أبرز صفاته وسماته أنه كان المحاور الأساسى مع كل مكونات الحياة السياسية فى اليمن، اليسارية منها والقومية والإسلامية، بما فى ذلك مع أوساط الحكم، ومع الرئيس على عبد الله صالح بالذات.
ولد اللواء يحيى المتوكل فى عام 1942 فى مدينة شهارة فى محافظة حجة. وكان والده يعمل كحاكم شرعى فى مدينة أخرى. يقول المتوكل فى حديث مطول معه تناول سيرته إنه نشأ فى بيئة غريبة. إذ كان معظم الرجال من سكان المدينة يعملون فى مدن أخرى، إما جنودا أو موظفين أو عمالاً. ولم يكن يعيش فى المدينة إلا الأطفال والنساء والشيوخ. أول علاقته بالتعليم كانت فى أحد كتاتيب مدينته شهارة. واقتصر التعليم فى ذلك الكتّاب كالعادة فى كل الكتاتيب، على قراءة القرآن وتعلّم مبادئ الدين. وحين بلغ الثامنة من عمره انتقل إلى مدينة المحايثة التى كان يعمل فيها والده.
ذهب يحيى مع أخيه الأكبر محمد إلى صنعاء فى عام 1954، حيث انتسب فيها إلى المدرسة التحضيرية. وقد وجد ضالته فى المدرسة من خلال النقاشات التى كان يجريها المدرسون المصريون فيما بينهم ومع تلامذتهم. وهى كانت نقاشات ترمى إلى الانطلاق نحو العلوم الحديثة التى كان ينشد يحيى الوصول إلى امتلاكها. فى عام 1957 انتقل إلى المدرسة الثانوية. وفى تلك المدرسة بدأت تتكون اهتماماته العامة بالتدريج. وكان يساعده فى ذلك اختلاطه بالطلاب المتقدمين عليه فى السن وفى الدراسة. وكان أولئك الطلاب يناقشون فيما بينهم كل ما كان يتصل بالقضايا العامة فى اليمن وفى سائر البلدان العربية، لا سيما ما كان يجرى فى مصر من أحداث ومن تحولات كبرى. وكان أهم حدث بالنسبة إليه وإليهم فى تلك المرحلة هو العدوان الثلاثى على مصر، حيث شارك المتوكل فى أول مظاهرة احتجاجا على اعتقال على عبد الغنى الذى صار فى مرحلة لاحقة واحدا من الوجوه الوطنية الأساسية فى البلاد، بصفته أحد أهم أركان حركة الضباط الأحرار.
اختار المتوكل بعد انتهاء دراسته الثانوية وبعد تردد كبير الانضمام إلى الكلية الحربية. وفى تلك الكلية، قسم الطيران، أتيحت له فرصة التعرف إلى الضباط السوفييت الذين كان الإمام قد استعان بهم فى تأسيس وتدريب القوات المسلحة على الأسلحة التى كان قد عقد صفقة مع تشيكوسلوفاكيا على شرائها فى ذات المرحلة التى أقدم فيها الرئيس جمال عبد الناصر على إتمام صفقة مثيلة لها. ثم بدأ المتوكل نشاطه السياسى داخل القوات المسلحة. وساهم فى إنشاء خلية من عدد من زملائه للاهتمام بالشأن الوطني. وكانت تلك هى البداية فى تشكيل حركة الضباط الأحرار التى قامت بالثورة فى عام 1962، كما أسلفت.
لم تكن كل الأمور الخاصة بالثورة واضحة عندما تقرر القيام بها فى أعقاب الوفاة المفاجئة للإمام يحيى، واستلام ابنه بدر السلطة بعده. لكنها قامت. وواجهت صعوبات كبيرة بعد قيامها. وكان عليها أن تخوض معارك عديدة استمرت طويلا. وتدخلت القوات المسلحة المصرية لدعم الثورة التى كان التخطيط لها فى الأساس يجرى فى مصر. الأمر الذى جعل الضباط المصريين، كما يقول المتوكل، يتدخلون فى الصغيرة والكبيرة، فيما يشبه إبلاغ قادة الثورة أنهم ملزمون بالإستماع إلى إرشادات هؤلاء الضباط وتنفيذ ما يطلبونه منهم . ونشأت بعد ذلك حساسيات وصلت إلى حد اعتقال عدد من قادة الثورة فى القاهرة عندما ذهبوا لتقديم شكوى من التدخلات التى كانت تجري. ويقول المتوكل، الذى كان بين المعتقلين، إن الرئيس جمال عبد الناصر لم يكن على علم بكل ما كان يجري، وإن الذين كانوا مكلفين بدعم الثورة كانوا هم الذين يتصرفون على هواهم، كل منهم لأغراض تتعلق به، ولمصالح خاصة، من دون أن يكون همهم مساعدة أركان الثورة وأركان الجمهورية الجديدة فى ترسيخ سلطتها، والقضاء على العناصر المعادية لها من بقايا جماعات الإمام، ومن القبائل التى كان يستنفر ابنه بدر غرائزها البسيطة ضد الثورة وضد قادتها.
بعد استقرار النظام الجمهورى فى البلاد، وبدء الحياة الطبيعية فى ظل هذا النظام، بدأ المتوكل يتنقل أولا فى المناصب العسكرية، بعد أن كان فى أعقاب الثورة مسئولا عن قيادة المنطقة الشمالية فى البلاد، ثم مديرا للمنشآت التعليمية فى القوات المسلحة حتى عام 1966. وفى العام التالى عيّن عضوا فى مجلس الدفاع ومديرا لمكتب القائد العام للقوات المسلحة، ثم نائبا للقائد الأعلى. إلا أنه بعد عام 1970 بدأ يغادر العمل فى القوات المسلحة بعد أن كان قد أصبح لواء. فتسلم وزارة الداخلية. ثم دخل السلك الدبلوماسي. وتنقل فى منصبه كسفير بين عدة بلدان مهمة بالنسبة لليمن، لا سيما فى الولايات المتحدة الأمريكية وفى مصر. ثم عاد إلى البلاد ليحتل مناصب أساسية فى الإدارة السياسية، فى وزارة الداخلية مرتين، ثم فى المجلس الإستشاري، ثم فى منصب مستشار لرئيس الجمهورية فى عهد الرئيس على عبد الله صالح، ثم عضوا فى مجلس الشورى. لكن الموقع الذى استقر فيه حتى وفاته فى عام 2003 كان المؤتمر الشعبي، فى موقع الأمين العام المساعد.
سيرة نصف قرن من حياة يحيى المتوكل تلخص مسار تطور اليمن فى تاريخه الحديث، قبيل انهيار سلطة الإمامة، وفى أعقاب انتصار الثورة التى أقامت نظاما جمهوريا لأول مرة فى تاريخ شبه الجزيرة العربية.
ويعتبر المتوكل أن قضية الوحدة اليمنية كانت على الدوام حلم اليمنيين فى شطرى البلاد. لكنه يرى، بالمقابل، أن الآراء والمواقف والخطط لتحقيق تلك الوحدة كانت تختلف دائما باختلاف القوى السياسية فى السلطة وخارجها، وباختلاف الاتجاهات التى كانت تمثلها، سواء فى صنعاء أم فى عدن. ولا يقتصر هذا الاختلاف بالنسبة إليه بين يسار هنا ويمين هناك، إذا صحت التسمية وصح التوصيف. بل هو يتجاوز ذلك إلى ما يعتبره مصالح لم يوضح رأيه بالكامل فى تحديدها. إلا أنه اعتبر أن تحقيق الوحدة بين عدن وصنعاء، فى أول التسعينات، كان بمعنى ما مغامرة انخرط فيها الطرفان كل منهما لغرض عنده، وذلك تحت الشعار الشعبى العام المتمثل بضرورة السعى لتحقيق وحدة اليمن. إذ إن هذه الوحدة، فى الشكل الذى تحققت فيه وفى الظروف العامة التى كانت سائدة فى كلا شطرى البلاد، قد قامت، فى الواقع، على شيء من الزغل. لذلك فهى قد جاءت ربطاً غير محكم بين نظامين مختلفين، وغير متوافرة الشروط للاندماج الحقيقى بينهما. وهو ما دلّت عليه الانتكاسة التى وقعت للوحدة. وكان فى مرحلة التوحيد التى تشكلت فيها حكومة الوحدة الائتلافية عضوا فى تلك الحكومة. وكان فى أفكاره يميل إلى الحزب الإشتراكي، برغم وجوده تنظيميا وسياسيا فى قيادة حزب المؤتمر. لكنه، فى كل الأحوال، كان يعتبر أن الحرب التى خيضت ضد الانفصال وضد الانفصاليين كانت واحدة من أكبر الكوارث التى عرفتها اليمن، رغم أنه ظل يؤيد فكرة الوحدة، ويدافع عنها، ويعمل لترسيخ قواعدها وأسسها.
من خلال متابعة سيرة يحيى المتوكل يتبين للذى يتابع هذه السيرة أن الرجل كان دائما صادقا فى وطنيته، وأمينا لتاريخه، وملتزماً بالمواقف السياسية التى نشأ عليها، والتى قرر على أساس اقتناعه بها أن يختار مكانه السياسى للنضال دفاعا عنها. وكان ذلك فى حزب المؤتمر الشعبى الذى خدمه على امتداد وجوده فيه بكل طاقاته. ولأنه لم يكن موالياً لأشخاص، بل لقضية وطنه، فإنه استمر فى مواقعه برغم كل الأحداث التى مرت على اليمن على امتداد الحياة السياسية للمتوكل التى تجاوزت الأربعين عاما. وإذ يتوجه إليه صاحب الحوار معه، وهو يحاوره حول سيرته فى آخر سؤال ضمن هذا الحوار، عما إذا كان نادما على شيء فعله أو لم يفعله، يجيب المتوكل بالكلمات التالية: «إن ندمت على شيء فإنما أندم على الفرص التى أتيحت لى فى مناسبات عديدة لأن أسهم فى القيام بعمل من شأنه خدمة هذا الوطن، ولم أستطع ذلك، أو أننى ترددت وتراجعت فيه. ومهما بلغت شجاعة الإنسان أو عدم مبالاته لا يمكن أن يذكر بالتحديد نقاط ضعف عاشها. ولا شك فى أن هناك مواقف ندمت عليها».
هذا هو يحيى المتوكل، الذى تعرفت إليه قبل عام من استشهاده فى ذلك الحادث المروع الذى أنهى حياته. كان ذلك فى عام 2002 عندما زرت اليمن مع صديقى نديم عبد الصمد، بدعوة من المؤتمر الشعبي. وكانت لنا لقاءات عديدة مع الأمين العام للمؤتمر الدكتور عبد الكريم الأريانى ومع الأمين العام المساعد يحيى المتوكل، ومع العديد من شخصيات المؤتمر ومن قيادات الأحزاب اليمنية التى حرصت قيادة المؤتمر الشعبى أن تعد لنا لقاء موسعا معها.
تغيّرت اليمن بعد غياب يحيى المتوكل لا سيما بعد الثورة التى قامت فيها، ثمّ بعد انتكاسة الثورة. ودخلت البلاد فى حرب أهلية لا يمكن التكهن فى كيفية الوصول بالبلاد إلى نهاية لها فى مصلحة وحدة اليمن بمكوناته المختلفة وفى الصيغة التى يحددها لها أبناء اليمن. ومن المؤكد أن للرئيس السابق على عبد الله صالح المسئولية الأولى فيما وصلت إليه اليمن.
وإذ أستحضر اليوم سيرة يحيى المتوكل كإحدى الشخصيات المرموقة فى اليمن، فلكى أستحضر معه تاريخا طويلا، أخص بالذكر الحديث منه لكى أستنتج بأن عند الشعب اليمنى فى شماله وجنوبه قوى ديمقراطية حقيقية لا بد أن تجد طريقها لتحقيق ما قامت من أجله الثورة قبل خمسة أعوام.
لمزيد من مقالات كريم مروَّة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.