وصفه الإسرائيليون بالرجل الحكيم، ووصفه المجتمع الدولى بالثعلب العجوز، لكننا بالتأكيد لم نعه فى ذاكرتنا الحزينة سوى بسفاح قانا. كان دوما وعلى مدى ستة عقود الصقر الذى ارتدى مسوح الحمائم، أو هكذا روج لنفسه مع لعبه دور المفاوض السرى فى مفاوضات أوسلو والذى كان وقتها وزيرا لخارجية الكيان الصهيونى وانتهت بتوقيع الاتفاقية فى سبتمبر 1993. رحل الرجل «أيا كانت تسميته» وفى عنقه دماء العشرات من أطفال مخيم قانا، الذين قضوا تحت جثث أو أشلاء أهاليهم العزل فى قانا، فيما اطلق عليها «عملية عناقيد الغضب»، والتى امتدت ما بين 11 الى 27 إبريل 1996حيث خرقت اسرائيل اتفاقها فى 1993 بعدم التعرض للمدنيين. ولضرب المقاومة اللبنانية, قامت إسرائيل بغارات جوية على الجنوب اللبنانى (أكثر من 1100غارة)، مما دفع الآلاف من أهل القرى إلى مراكز قوات الحماية التابعة للأمم المتحدة, وفى مقر كتيبة «الفيجية» التابعة للأمم المتحدة, لجأ إليه أكثر من 800 مدنى لبناني، تم قصف المقر، مما أسفر عن مقتل أكثر من 250 قتيلا وجريحا، منهم 18 قتيلا تناثرت أشلاؤهم ودفنوا تحت مسمى «مجهول». تحت علم السلام الدولي, منح «رجل سلام نوبل» الأوامر للقوات الإسرائيلية بقصف مقر الأممالمتحدة، فاحترق أكثر من مائة إنسان أعزل، وعشرات الأطفال. أجرت الأممالمتحدة تحقيقا رسميا فى موقع المجزرة فى مايو 1996 ورفع وقتها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بطرس غالي، وبطبيعة الحال فقد نفت القيادات الإسرائيلية أنها كانت على علم بوجود المخيم التابع لليونيفيل, وان ما حدث ليس سوى خطأ تقني. وفى الوقت نفسه تولت عدة هيئات ومنظمات دولية التحقيقات حول المجزرة، وانتهت التحقيقات بأن ما حدث فى قانا كان بعلم من القيادات الإسرائيلية بوجود مدنيين. وقد رفضت الخارجية الإسرائيلية مثل هذه النتائج ووصفتها بالمنحازة، ودعم وقتها الرئيس الأمريكى بيل كلينتون، وأعلن عن اقتناعه بأنها كانت خطأ غير مقصود، فى 25 إبريل 1996 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن إسرائيل انتهكت القوانين الدولية المتعلقة بحماية المدنيين خلال الحرب. مع الضغوط الدولية اضطر بيريز للاعتراف بمسئوليته ومسئولية ضباطه عن المجزرة، وان ظل متمسكا بأن الجيش لم يكن يعلم بوجود مدنيين، وبخبرة الثعلب العجوز حاول بيريز وقتها قلب الحقائق، موجها أصابع الاتهام الى الأممالمتحدة نفسها وقال: «كانت فضيحة ألا تبلغنا الأممالمتحدة بوجود 800 لاجئ تحت سقف من الصاج».