أخشي أن نعود اليوم إلي المربع صفر إذا أصدرت المحكمة الدستورية حكمها بعدم دستورية قانون انتخابات مجلسي الشعب والشوري, وكذا بطلان إحالة قانون العزل من اللجنة القضائية إلي المحكمة الدستورية, وهو مايترتب عليه حل مجلسي الشعب والشوري, وإلغاء الانتخابات الرئاسية لتعود المرحلة الانتقالية برمتها إلي المربع صفر. البعض يفضل هذا السيناريو اعتقادا منهم أنه الأسلم والأكثر أمانا لاستمرار الدولة المدنية, ولتعود خارطة طريق المرحلة الانتقالية إلي جادة الصواب كما كان مقررا لها قبل استفتاء مارس الشهير, لتكون البداية هي اعداد الدستور الذي تجري علي أساسه الانتخابات البرلمانية والرئاسية لتكتمل بعدها ولادة مؤسسات الدولة بشكل طبيعي بعيدا عن الولادات القيصرية المتعثرة التي تتم الآن. رغم وجاهة هذا الرأي إلا أنه يحمل مخاطر عديدة ينساها هؤلاء لأنه يلغي الفترة الانتقالية التي بدأت في11 فبراير1102 واستمرت حتي الآن لنبدأ إعادة السنة من جديد, ونبدأ من أول السطر مرة أخري, ولتبدأ فترة انتقالية جديدة بحلوها ومرها مليئة بالتوترات والانقسامات والشعارات والهتافات وتعطيل مصالح العباد وقد يصل الأمر إلي صدامات خاصة مع تيار الإسلام السياسي الذي يمكن أن يشعر أنه فقد كل أوراقه وبالتالي قد يتصرف بعصبية تدفع الوضع إلي الصدام وإراقة الدماء من جديد. لن يتوقف الرفض عند تيار الاسلام السياسي وحده لكنه سيمتد إلي العديد من القطاعات التي ترفض استمرار حكم العسكر وتطالب بتسليم الحكم إلي سلطة مدنية, وبما أن خيار الصندوق سوف يتأجل فإنه لابديل من وجهة نظر هذا التيار عن فكرة المجلس الرئاسي التي ينادي بها أنصار هذا التيار الرافض لاستمرار المجلس الاعلي للقوات المسلحة في تسيير أمور البلاد. هذا الرأي قد يكون هو المنقذ لكنه يواجه مشكلة قانونية متمثلة في الإعلان الدستوري الذي لايعرف المجلس الرئاسي والذي بموجبه تم نقل صلاحيات رئيس الجمهورية إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة, وبالتالي فإن المجلس الرئاسي يحتاج إلي إعلان دستوري جديد واستفتاء جديد في وقت نتعجل فيه الانتهاء من الدستور الدائم, والاستفتاء عليه, ولايعقل ان يتم إصدار اعلان دستوري مؤقت وفي ذات الوقت يتم تجهيز واعداد الدستور الدائم. في رأيي أن سيناريو العودة إلي المربع صفر بالغ الصعوبة والتعقيد خاصة فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية التي جرت مرحلتها الاولي وبدأت مرحلتها الثانية والأخيرة, وتم الانتهاء من تصويت المصريين بالخارج, ولم يتبق سوي التصويت في الداخل يومي السبت والأحد المقبلين لتعلن النتيجة يوم الاثنين ونعرف من الرئيس القادم بعد ماراثون عنيف من الانتخابات لم تشهده مصر من قبل في تاريخها الحديث ولا القديم معلنا ولادة الجمهورية الثانية التي تتعلق بها الآمال في ان تكون جمهورية ديمقراطية مدنية تتسع للجميع وتستوعب كل المصريين علي اختلاف إنتماءاتهم السياسية والدينية والعرقية وتكون فيها المواطنة هي الأصل, والفيصل هو الكفاءة والجدارة. المشكلة أننا لم نوطن انفسنا بعد علي ثقافة الاختلاف والتعايش الديمقراطي ومازال الخلاف السياسي والفكري يتحول إلي خلاف شخص وعدائي لدي الكثيرين بمن فيهم من يسمون أنفسهم النخبة السياسية والفكرية, فهؤلاء لايطقيون إلا أنفسهم ولايؤمنون إلا بافكارهم, ويريدون ديمقراطية حسب مقاسهم فقط, وهم يؤمنون بها ويدافعون عنها طالما اتفقت مع أمنياتهم ورغباتهم, ويكفرون بها ويرفضونها إذا جاءت لمصلحة المنافس. أتمني أن يمر هذا اليوم بهدوء وأن نستكمل الإنتخابات الرئاسية ليكون لدينا رئيسا منتخبا يتحمل مسئوليته أمام شعبه وأمام التاريخ, وطره لن تكون بعيدة علي أحد بعد اليوم, ومن لايتعظ فليذهب إلي الجحيم. المزيد من مقالات عبدالمحسن سلامة