الدكتور محمد أبو الغار هو الرئيس السابق للحزب المصرى الديمقراطى، والسياسى البارز الذى لمع اسمه خصوصا بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، واشتهر بآرائه ومواقفه الجريئة، فى حواراته السياسية التى أدلى بها للصحافة والإعلام، حول شتى الأزمات والمنعطفات التى مرت بها مصر منذ الثورة. لكن الدكتور أبوالغار أيضا هو أستاذ طب النساء والولادة بجامعة القاهرة، ورائد طب أطفال الأنابيب، حيث أن فكرة إنشاء أول مركز فى مصر والشرق الأوسط لأطفال الأنابيب كان قد جاءت على يديه منذ 30 عاما. وهذا الحوار الذى أجراته «الأهرام» معه هو حوار طبى وعلمى بعيدا عن السياسة، حيث قال إنه يتفرغ حاليا للعمل البحثى والعلمى خاصة بعد انتهاء مدة رئاسته للحزب المصرى الديمقراطى. وهو هنا أيضا - فى هذا الحوار- لم تغب عنه الجرأة فى آرائه، حيث يكشف عن أن النسبة الحقيقية لنجاح أطفال الأنابيب لا تتعدى 40 %، وذلك على عكس ما تعلنه المراكز المتخصصة، التى تبث الدعاية المضللة، فتلعب بعواطف المصريين، بالاضافة إلى آراء ومعلومات أخرى يكشف عنها فى الحوار. .......................................................... بعد 30عاما من إنشاء أول مركز فى مصر والشرق الأوسط لأطفال الأنابيب.. كيف ترى تقبل المصريين لهذا المجال؟ منذ أول يوم، كان المصريون متقبلين للفكرة، لكنهم كانوا لا يريدون الخوض فيها فى العلن، بسبب الحرج من نظرة المجتمع لهم، ولهذا فالغالبية منهم كانوا يطلبون السرية، بالإضافة إلى تخوف البعض من حرمة أطفال الأنابيب دينيا، حتى خرج الشيخ جاد الحق شيخ الأزهر رحمة الله عليه بفتواه بأن أطفال الأنابيب حلال ما دام لا يوجد طرف ثالث بين الزوج والزوجة, وكان لهذه الفتوى الأثر الكبير فى تقبل المصريين لأطفال الأنابيب، وكان هناك عامل ثالث وهو أن الأطباء كان لديهم قلق من هذا التكنيك فى بدايته. من خلال خبرتك الطويلة فى هذا المجال ما هى الأسباب الشائعة لضعف الانجاب والعقم فى مصر؟ 40 % يرجع إلى قلة الحيوانات المنوية أو عدم وجودها بالكامل فى السائل المنوى، وحوالى 60 % بسبب السيدات، ولكن عندما يكون السبب من المرأة فيمكن أن يكون هناك علاج غير الأنابيب. هل هناك توقيت محدد لعمل تجربة أطفال الأنابيب؟ العلاج يتم فى يوم معين من الدورة الشهرية، وهذا ما يحدده الطبيب المختص ، أما بشكل عام فإن سن السيدة التى ترغب فى إنجاب أطفال كلما كانت صغيرة كلما كانت نسبة نجاح الحمل أكبر، ولكن نحن نطالب الأزواج بأن يعطوا لأنفسهم فرصة الحمل الطبيعى وألا يتعجلوا فى عمل أطفال الأنابيب إلا بعد مرور ثلاث سنوات أو أكثر من الزواج. ما هى أهم الصعوبات التى تواجه أطفال الأنابيب فى مصر؟ أهم الصعوبات تتمثل فى الفقر، خاصة أن هذا النوع من العلاج مكلف جدا، فعلى الرغم من أن مثل هذه المراكز موجودة بوزارة الصحة لكنها مكلفة نسبيا. ولهذا فقد نصحنا السيدات المقتدرات اللائى يحملن أول مرة من خلال أطفال الأنابيب بأن تتبرع كل منهن لأخرى فقيرة لعمل أطفال أنابيب، كنوع من التكافل الاجتماعى، وبالفعل كان هناك تقبل لهذه الفكرة حتى وصلت النسبة إلى 10 % من السيدات الغنيات تكفلن بعلاج الفقراء لعمل أطفال الأنابيب. هل استطاعت التكنولوجيا الحديثة تفادى حدوث أمراض وراثية لأطفال الأنابيب؟ التكنولوجيا الحديثة سهلت علينا عملية سحب البويضات، كما أنها مكنتنا من تجنب ولادة أطفال مصابين بأمراض وراثية ، خاصة أنه فى الولادة الطبيعية تكون نسبة ولادة أطفال مصابين بأمراض وراثية من 1 إلى 2 %، وتكون شدتها مختلفة، ولكن فى أطفال الأنابيب قد تزيد نسبتها إلى 3 بالمائة،إلا أن التقنيات الجديدة مكنتنا من تقليل ومنع حدوث التشوهات والأمراض الوراثية خاصة لدى الأزواج الحاملين لمرض أنيميا البحر المتوسط، وتكون نسبة تفادى حدوث تشوهات فى أطفال الأنابيب أفضل منها فى الولادة الطبيعية. ما هى طموحاتك فى هذا المجال بعد ثلاثين عاما من نجاح تجربة أطفال الأنابيب فى مصر؟ النسبة الحقيقية لنجاح أطفال الأنابيب لا تتعدى 40 %، وذلك على عكس ما تعلنه المراكز المتخصصة، والتى تبث الدعاية المضللة، فتلعب بعواطف المصريين، لكننى أتطلع إلى تحسين هذه النسبة، برغم أنها نسبة جيدة، خاصة أن هذه النسبة تختلف من حالة لأخرى ذلك يرجع إلى السن، حيث أن النسبة تزداد فى السن الصغيرة فعندما يتم عمل التجارب فى سن صغيرة خاصة حتى سن 32 سنة تكون نسبة النجاح مرتفعة ولكنها تقل أكثر بعد الأربعين. هل انشغالك بالعمل السياسى كان له تأثير مباشر على عملك كطبيب؟ العمل السياسى لم يؤثر على عملى كطبيب، فهو عملى اليومى والروتينى، ولكنه أثر على عملى البحثى، ولكن بعد انتهاء مدتى لرئاسة الحزب المصرى الديمقراطى تفرغت تماما للعمل البحثى والعلمى. ما هى الأبحاث التى تعكف عليها حاليا؟ أنا مهتم بالبحث فى مجال الطب القائم على الدليل، خاصة فى مجال النساء والولادة وأطفال الأنابيب، حيث أن العديد من الأدوية ليس لها أدلة مؤكدة على قيمتها وفاعليتها، كما أن هناك عمليات لا تفيد المريض، ومن ثمّ فإننى أعكف حاليا على عمل دراسات فى مجال النساء والولادة لبحث ما هو المفيد وغير المفيد، وهذه الدراسات معقدة، خاصة أن العديد من الأدوية والجراحات والاجراءات القائمة لا أدلة قاطعة على صحتها، لذا فإننى أطالب بأن تكون هناك دراسات أفضل من خلال الطب القائم على الدليل، والعلاج القائم على الدليل، لحماية المرضى.