هل يعاني المصريون من غياب هويتهم أو ضياعها أو نقصانها أو تهديد لها؟ هل الدولة المصرية كشخص معنوي تعاني أزمة هوية؟ هل الرابطة أو الجامع الديني هو أساس بناء الأمة الحديثة والمعاصرة, وتكوينها أم أن تشكيلها يعتمد علي عديد المصادر والتجارب والنظم الثقافية والسياسية والاجتماعية والرمزية, ومن ثم علي تركيبة من الموحدات القومية تتجاوز الروابط والانتماءات الأولية؟ هل المواطن المصري من شرائح اجتماعية شتي لا ينام الليل, لأنه مصاب بأعراض مرض الهوية الضائعة أو الملتبسة؟! هل نغير المادة الثانية في دستور1971 وتعديلاته, أم نضيف إليها, أم نعيد صياغتها علي هوي بعض القوي الإسلامية السياسية أم وفق آراء بعض القوي شبه الليبرالية وشبه اليسارية أو الناصرية أم نتركها كما هي للتوازن؟ هل يختار أعضاء مجلسي الشعب والشوري المنتخبين أعضاء اللجنة التأسيسية المنتخبة وفق انتماءاتهم الإيديولوجية والدينية والسياسية؟ هل الدساتير توضع بمنطق الغلبة والاستعلاء والاستحواذ وتهميش القوي الاجتماعية الأخري خارج البرلمان؟ هل مشروعات الدساتير والمبادئ الدستورية العامة المطروحة علي المصريين هي تعبير عن دراسة لتطور الثقافة السياسية والدستورية وتطبيقات الوثائق الدستورية تاريخيا طيلة تطور الدولة والنظم الدستورية والقانونية والسياسية والاجتماعية من محمد علي إلي إسماعيل باشا, إلي المرحلة شبه الليبرالية إلي المراحل الجمهورية التسلطية؟ هل هذه المبادئ وغالب مشاريع الدساتير بعضها يمثل إعادة إنتاج نصوص قديمة وصياغات تفتقر إلي الدقة والأحكام ويعتريها الغموض تصلح لنقل ثقافة الدولة والمجتمع التسلطيين إلي ثقافة الحرية والكرامة والديمقراطية والخروج من معتقلات الطغيان وفقه استباحة الحريات الشخصية والعامة وأجيال حقوق الإنسان؟ هل عملية وضع الدساتير لا تعدو أن تكون محض منظومة من النصوص حول الحريات وشكل الدولة والعلاقة بين السلطات؟ أم أنها أكبر وأخطر وأعقد من أن تترك لأساتذة القانون العام أو بعض المحامين ورجال القضاء وبعض الحزبيين والنقابيين والفنانين؟ الدساتير مركب معقد من الثقافة السياسية والصياغة الفنية الرفيعة, واستيعاب تاريخ من التطور السياسي, والتقاليد القضائية والدستورية والهندسات الاجتماعية وأنماط الحياة الحداثية وما بعدها, إنها أيضا جزء من تطور كوني في الأنظمة الدستورية المقارنة وتطبيقاتها في الحياة السياسية للدول والمجتمعات, وفي الأحكام والمبادئ القضائية التي تشكل جزءا محوريا في مرجعيات التطبيقات التي تستعار مبادئها الأساسية الأنظمة القضائية المختلفة العريقة والأكثر تطورا؟ هل الخبرات الدستورية في إطار الثقافة السياسية التسلطية والطغيانية والبطريركية السياسية, وطرائق تعامل المحاكم معها تحت بصر بعض فقهاء القانون العام والقضاة والمحامين والحزبيين..! إلخ؟ هل هناك دراسات سوسيو قانونية وسياسية, وسوسيو قضائية, وسوسيو دستورية تضع استخلاصات عامة يمكن استيعابها كخلفيات سوسيولوجية وسياسية استرشادية أثناء وضع الدستور القادم للبلاد؟ هل لجوء الأغلبية البرلمانية ومن والاها من بعض الأحزاب الهامشية لوضع قانون بمعايير اختيار أعضاء لجنة المائة هو أمر مشروع دستوريا؟ أي وضع أغلبية قد تكون عارضة في لحظة تاريخية وسياسية معايير تحكم اختيار من سيحددون ملامح الدستور القادم الذي يحكم الدولة وسلطاتها وحقوق وحريات وواجبات المواطنين.. إلخ؟ هل هذا مشروع أم محاولة لتجاوز حكم القضاء الإداري؟ أم أن ذلك تعبير عن غلبة وهيمنة واستحواذ؟ هل التركيبة الحزبية, وما وراؤها من جماعات أو تعدد في مراكز القوة الناطقة باسم الإسلام عموما, والسياسي علي وجه الخصوص يمثلون وحدهم تركيبة مصر وتعددياتها في إطار موحدات وطنية تتآكل ولا تزال؟ هل الأحزاب السياسية الراهنة تعكس قوي اجتماعية أساسية في البلاد؟ أم نحن إزاء تركيبة سياسية ونقابية.. إلخ هشة وانتقالية؟ هل النقابات المهنية والعمالية في المرحلة الانتقالية الأولي ونقباؤها وأعضاء مجالسها يعبرون عن مصر الجديدة, وعن الذين دفعوا الثمن استشهادا وإصابة من أجل أن يحدد هؤلاء مستقبل مصر وشعبها وحريات أبنائها الشخصية والعامة؟ هل النقباء وأعضاء النقابات التي تنتمي إلي جماعة الإخوان أو السلفيين يعبرون عن الطيف النقابي بكل حساسياته؟ هل القوي شبه الليبرالية وشبه اليساروية والقومية تعبر بالفعل عن الكتل الاجتماعية الكبري في مصر علي اختلاف أطيافها وانتماءاتها علي اختلافها؟ هل التعددية المصرية تمثلها هذه الخريطة من الأحزاب القديمة من هامشيي الحياة الحزبية وبعض قادتها من الموالين لأجهزة الدولة العميقة! وقادة الحزب الوطني المنحل وبعض الأحزاب الصغيرة الجديدة؟ ما الذي يكمن وراء هذا الصخب داخل البرلمان والهجوم علي السلطة القضائية والقضاة, والاعتداء علي مبدأ الفصل بين السلطات؟ والتعليق والهجوم السياسي علي الأحكام القضائية وقبل الإطلاع علي حيثياتها؟ ألا يعكس هذا التخبط السياسي حول عدم دستورية بعض القوانين الأساسية, أن الأهداف السياسية الآنية للأغلبية وبعض الأقلية في البرلمان, هي التي تقود السلطة التشريعية, وليس مسألة الشرعية القانونية؟ ألا يعد هجوم مجلس الشوري علي الصحف القومية تعبيرا عن نزعة لترويع الصحافة وإحلال بعض الموالين للأغلبية السياسية في مواقع المسئولية داخل مؤسسات تعاني غالبها مشكلات هيكلية!. يبدو أن بعض ما نراه هو تعبير عن بعض النخب التي لا تري سوي مصالحها الآنية والضيقة, ولا تنظر إلي المصالح القومية العليا لمصر! بعض من نخبة شرهة إلي السلطة والشهرة والهيمنة علي روح البلاد والعباد؟ إنها روح الطغيان والأنانية والمصالح المباشرة لبعض من يديرون القوي السياسية علي اختلافها ومعهم الدولة العميقة وأياديها وأتباعها! إنها المصالح وليست العقائد والأديان والأخلاق والأيديولوجيات والشعارات الكبري وعلي رأسها الحديث باسم مصر! المحجوبة وراء صخب ودخان الشعارات والمال السياسي الحرام وطوفان الأكاذيب! المزيد من مقالات نبيل عبدالفتاح