الرئيس السيسي يشهد الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من طلبة أكاديمية الشرطة (فيديو)    زحام من المرشحين على أسبقية تقديم أوراق انتخابات مجلس النواب بالأقصر    سعر الفراخ بالأسواق اليوم الأربعاء 8-10-2025 فى المنوفية    سعر الدينار الكويتى اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025 فى البنوك    قطع مياه الشرب عن مدينة أسوان لمدة 12 ساعة.. اعرف المواعيد    وزيرا الصحة والتخطيط يناقشان معدلات الإنجاز بملف الاستثمارات وحجم الإنفاق على المشروعات والبرامج الصحية    مصدر فلسطينى ل موقع Ynet الإسرائيلى: زوجة مروان البرغوثى وصلت القاهرة    بوتين: القوات الأوكرانية تتراجع على طول خط التماس القتالي بأكمله    بن غفير يقود اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى فى عيد العرش    محمد صلاح يهدد عرش حسام حسن من بوابة جيبوتى وغينيا بيساو    غموض مصير عماد النحاس من البقاء مع الجهاز الفنى الجديد للأهلى    طقس مائل للحرارة بكفر الشيخ الأربعاء 8 أكتوبر 2025 وفرص لسقوط الأمطار    توقف قطار بسبب مشاجرة بين عائلتين في دشنا بقنا    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    دبلوماسيون: اختيار مصر لرئاسة "اليونسكو" تتويجٌ سياسى لمكانتها وريادتها    فادي عن مشاركته الأولى في عمل مصري: «ذاكرت السكربت بالفرانكو» (فيديو)    ماذا قال رئيس الوزراء عن زيادة البنزين والتضخم؟.. فيديو    تزوجت بقصد الإنجاب عبر الحقن المجهرى دون جماع والطلاق بعده.. ما حكم الدين    صافرة مصرية تدير أولمبيك اسفي المغربي الملعب التونسي في الكونفيدرالية    عاجل- إحالة رئيسة وزراء إيطاليا ووزيري الدفاع والخارجية للمحكمة الجنائية الدولية    عاجل- وزير البترول: رفع أسعار البنزين سيكون الأخير والدولة مستمرة في دعم السولار    تامر حسني يحيي حفلا في الساحل الشمالي الجمعة المقبل    محمد سعيد محفوظ ل "الفجر الفني": مهرجان الإسكندرية السينمائي قدم جرعة سينمائية متميزة    بعد "الصمود"، إسرائيل تستعد لاعتراض "أسطول الضمير" قبل وصوله إلى غزة الليلة    توصلوا إلى مفتاح القتل، "علاج ثوري" قد يُنهي عذاب حصوات الكلى    الخارجية المصرية: إجراءات إثيوبيا الأحادية على النيل تسببت في غرق أراضي مصرية وسودانية    اعرف اسعار الدواجن اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    وزير التعليم للرئيس السيسي: 88% من طلاب الثانوية التحقوا بالبكالوريا    ترحيل عصام صاصا وآخرين لقسم شرطة دار السلام بعد إخلاء سبيلهم    باسم يوسف يكشف سبب عودته للظهور الإعلامي في مصر    ضبط المتهم بالتعدي على شقيقتين أثناء سيرهن بأحد شوارع القاهرة    «كنت أسير خلفه».. كيف بشر نبي الله الراحل أحمد عمر هاشم بمستقبله    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 8 أكتوبر    زلزال بقوة 5.1 درجة يضرب تايوان    ابنة أحمد راتب: أشهد الله أنك يا حبيبي تركت في الدنيا ابنة راضية عنك    نائب رئيس الزمالك: «مفيش فلوس نسفر الفرق.. ووصلنا لمرحلة الجمود»    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    مواقيت الصلاة في الشرقية اليوم الأربعاء 8102025    في اليوم العالمي للفتاة.. كوبتك أورفانز تحتفي بفتياتها المُلهمات    «صحح مفاهيمك» تنشر الوعي وتتصدى للظواهر السلبية بالمنوفية    افتتاح أول نادي للفتيات بالرزيقات قبلي بالأقصر.. خطوة جديدة نحو تمكين المرأة في الصعيد    بروتوكول تعاون بين جامعة القاهرة و«حماة الأرض» لتعزيز البحث العلمي    «تعابين متعرفش تمسكها».. 3 أبراج بارعة في الكذب    باسم يوسف: فقدت أهلية إني أكون طبيب.. من 15 سنة ما حطّتش إيدي على عيّان    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    مباحث أسوان تكثف جهودها لكشف ملابسات مقتل أم وابنتها داخل منزلهن    العثور على جثة طفل داخل المقابر في قنا    «حرام عليكم الجمهور.. ادوا للنادي حقه».. ميدو يوجه رسائل بشأن الزمالك    مستقبل وطن يدفع بعدد 5 مرشحين على المقاعد الفردية بالمنوفية    الخريطة الكاملة لأماكن ومواعيد قطع الكهرباء عن محافظة الدقهلية «اعرف منطقتك»    لمنع احتراق البقايا والحفاظ على طعم المأكولات.. خطوات تنظيف الفرن بلا مجهود    الأكثر العادات الغذائية ضررًا.. كيف يفتك هذا المشروب بصحتك؟    عاجل- قوائم تبادل الأسرى تكشف أسماء بارزة.. ومصر تكثف تحركاتها لضمان نجاح اتفاق خطة ترامب وتهدئة الأوضاع في غزة    فيريرا يخطر أجانب الزمالك بموعد الانتظام في التدريبات تجنبا للعقوبات    "هزم السرطان".. سائق بالبحيرة باكيًا: ربنا نجاني بدعوات الأهالي وقررت أوصل المواطنين أسبوع بالمجان (فيديو)    صراع ثلاثي على صدارة هدافي الدوري الإيطالي قبل التوقف الدولي    د. عمرو عبد المنعم يكتب: الإخوان والمزايدة الرخيصة على حماس    وجبات عشاء صحية في لمح البصر.. حضّرها في 10 دقائق فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة الثقافة الدستورية‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 04 - 2012

إن عودة السياسة في مصر بعد‏25‏ يناير‏2011‏ قد لا تعني مباشرة عودة الروح الدستورية والتغير السريع في مكونات أزمة الثقافة الدستورية الممتدة‏.‏ وذلك علي الرغم من أنه لا سياسة حقيقية علي الواقع الفعلي إلا من خلال الدستور والثقافة الدستورية كإطار كلي لتنظيم الدولة وسلطاتها, وللحقوق الرئيسية للمواطنين العامة أو الشخصية إلا أن المشكلات الموروثة للواقع المصري التاريخي السوسيو ثقافي, والسوسيو سياسي, والسوسيو ديني, مستمرة, وذات طابع بنيوي ومتشعب الأبعاد والمكونات في النظم السياسية والدستورية وتقاليدها, وكذلك في أنظمة التنشئة الاجتماعية والتعليمية والسياسية البطريركية التقليدية والمحدثة , ولايزال بعضها فاعلا في إعاقة إنتاج الثقافة الفردية, والفرد في عديد القوي والشرائح الاجتماعية والمناطقية, وذلك كنتاج لعديد من الأسباب, ومنها تمثيلا لا حصرا ما يلي:
أ- هيمنة بعض من التأويلات الدينية الفقهية واللاهوتية محافظة تركز علي ثقافة الخضوع والاتباع والنزعة النقلية علي ثقافة الحرية والنقد والإبداع, سواء في قرارات وسلوكيات الفرد المعاق والمبتسر , وذلك بهدف سيطرة بعض رجال الدين ومؤسساته وسلطاته علي أتباعهما من المؤمنين أيا كان هذا الدين أو المذهب داخله. لا شك أن صعود وسطوة بعض رجال الدين المسلمين والمسيحيين في المجال العام والسياسي يعود إلي سيادة هذه الثقافة الاتباعية التي تعوق الحضور الفاعل للفرد وقراراته وحريته ومطالباته بحقوقه سواء في المجالين العام والخاص في مصر, وهي حالة تبدو غالبة في عديد من المجتمعات العربية طيلة العقود الماضية ولا تزال.
ب- بروز تهديدات لحقوق المرأة والطفل من تصورات أيديولوجية دينية/ فقهية ترفض الثقافة الجنوسية الكونية النوعية أو الجندرية التي تسود الثقافة القانونية الإنسانية الكونية, والتي تعتمد علي ثقافة ومواثيق ومنظومات حقوق الإنسان, لاسيما اتفاقية منع التمييز ضد المرأة, بالإضافة إلي حقوق الطفل. هذا الرفض الديني الوضعي التأويلي يعتمد علي إيديولوجيا الخصوصية الثقافية, والهوية, أو تفسيرات اجتماعية/ دينية وضعية ذكورية.
ج- بروز بعض تصورات فقهية وضعية تضع قيودا علي حرية التدين والاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية, بما يؤثر علي المواطنين من المنتمين إلي مذاهب أقلوية داخل ذات الديانة أو إلي أديان أخري.
لا شك أن حالة الاحتقان الديني ومحمولاته الطائفية والتمييزية تؤدي إلي إضعاف الثقافة الدستورية وقيم ومبادئ المواطنة لدي الأقليات الدينية الذين يرون أن النصوص والمبادئ الدستورية لا تعدو أن تكون شعارات لا ظل لها علي أداء الدولة وسلطاتها وأجهزتها, لاسيما في إطار ثقافة ضد دستورية.
نظرة الطائر إلي السجالات الدستورية والسياسية, تكشف عن عديد من الاختلالات سواء علي مستوي الفكر أو الخطابات الدستورية والدينية, وذلك علي النحو التالي:
أ- تفاقم الصراع حول الشرعيات السياسية في البلاد وهي, شرعية البرلمان والمجلس العسكري السلطة الفعلية في البلاد , وشرعية العملية الثورية. أدي ذلك إلي بروز فجوات بين جماعة الإخوان المسلمين والقوي السلفية التي حازت علي الأغلبية البرلمانية, وتوافقهم ثم توتر علاقاتهم بالمجلس العسكري, وصراعهما مع القوي الجيلية الثورية الشابة. هذه الوضعية الصراعية كشفت عن لجوء بعض الأطراف إلي أدوات غير دستورية في استراتيجيات التضاغط السياسي الفظ والعنيف والمتبادل بين الأطراف الرئيسية في معادلة القوي السياسية ومشاهدها علي اختلافها.
ب- غياب الرؤية الدستورية والسياسية المنفتحة علي المدارس والتجارب الدستورية والسياسية المقارنة, بما كشف عن تراجع مستويات المعرفة والثقافة الدستورية العالمة والتطبيقية المقارنة لدي بعض رجال الفقه والفكر الدستوري والسياسي, بل ولدي النخبة السياسية علي اختلاف أطيافها, وكذلك لدي الفريق القانوني للسلطة الفعلية في البلاد. إذا كان هذا هو وضع المعرفة النظرية والتطبيقية للثقافة الدستورية العالمة, فما بالنا بحالة الثقافة الدستورية لدي غير المتخصصين وغالب المتعلمين والجمهور العام.
ج- كشفت السجالات التي تتم حول الدستور ورغبة بعض القوي الإسلامية السياسية أن تستحوذ علي عملية اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية المنتخبة, والاستبعادات للعناصر الوطنية المستقلة, عن غياب المعايير الموضوعية وعدم تمثيل جميع مكونات الأمة علي تعددها واختلافها, وهو ما أدي إلي بطلان تشكيلها قضائيا. هذه النزعة وما وراءها من تفكير تشير إلي أزمة في الفكر الدستوري لهذه القوي, والأخطر النزعة الإقصائية, والرغبة في إصدار دستور سابق التجهيز في سرعة وخفة وعجلة لا تتلاءم مع طبيعة العمل الدستوري التي تتطلب وقتا وجهدا وحوارا مستفيضا, وتوافقات حول القيم المؤسسة.
هذه الحالة الثقافية الدستورية والسياسية بما تنطوي عليه من أزمات واختلال بنيوي, لن تستمر طويلا لاسيما بعد عودة السياسة نسبيا إلي مصر, وبدء مؤشرات علي عمليات اجتماعية وديناميات قد تساعد في عملية كسر بعض القيود علي ميلاد الفرد والفردانية في المجالين العام والخاص بكل آثار ذلك المستقبلية علي الوعي بالحقوق والحريات الشخصية والعامة ومن ثم بالقيم والمعايير الدستورية.
المزيد من مقالات نبيل عبدالفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.