كثيرا ما يقع حجاج بيت الله فى بعض المحظورات الممنوعة فى أثناء الإحرام بالحج أو ما يعرف بالتحلل الأصغر والتحلل الأكبر. ويتساءل كثير من الحجاج عن ضوابط الإحرام بالحج والمواقيت ومكان الإحرام والمناسك، كما يقع بعض الحجاج فى كثير من الأخطاء التى تجعلهم فى حيرة من أمرهم حول صحة المناسك ومتى تجب عليهم الفدية، وهل يجوز الإحرام من جدة لو لم يحرم المسافر من بلده؟ يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: إنه لا يجوز لمن أراد الحج مجاوزة ميقات البلد الذى حاذاه (أى المكان المحدد الذى ينوى الحج ويحرم منه), أو ميقات البلد الذى أنشأ منه السفر لأداء الحج, بدون إحرام, فإذا جاوزه بدون إحرام لزمه الذهاب إلى ميقات البلد الذى أنشأ منه السفر وأحرم منه, ولا يجوز الإحرام من جدة, فمن بلغها بدون إحرام لزمه الذهاب إلى ميقات البلد الذى أنشأ منه سفره, وأحرم منه, إلا إذا كان يخشى فوات الحج, أو انقطاع الرفقة, أو عدم الاهتداء إلى الطريق, أو خاف على نفسه إذا عاد إلى الميقات, فإن له الإحرام من موضعه الذى وصل إليه ويمضى فى نسكه, إلا أنه يلزمه هدي, وهذا ينطبق على الوافدين إلى جدة بقصد أداء الحج أو العمرة, إذا لم يحرموا من ميقات بلدهم, لما روى عن ابن عباس رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من ترك نسكا فعليه دم, وكذلك يلزمه هدى إذا أحرم بعد مجاوزة الميقات ومضى فى إحرامه، ولم يعد إلى الميقات, وذلك لأنه أدخل النقص فى إحرامه, فإن رجع من جاوز الميقات بدون إحرام فأحرم منه, سقط عنه الدم عند جمهور الفقهاء, لأنه قضى حقه بالإحرام, ولمن أراد الحج إذا كان يستقل سيارة أو حافلة أو طائرة أو سفينة, أن يحرم بالحج عند محاذاة وسيلة الانتقال للميقات وإن لم ينزل منها. استعمال العطور يحرص الكثير من المسافرين لأداء فريضة الحج، على استخدام أنواع من الطيب عند الإحرام، وذلك فى ظل ارتفاع درجات الحرارة أو غيرها من الأسباب، وحول حكم استعمال العطور فى أثناء ارتداء الإحرام.. يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس: إنه اختلف فى حكم تطيب مريد الإحرام قبل إحرامه, إذا بقى أثر الطيب أو عينه بعد الإحرام, فالذى عليه جمهور الفقهاء أنه يستحب لمن يريد الإحرام أن يتطيب فى بدنه خاصة, وإن بقى عين الطيب أو أثره بعد الإحرام, لحديث السيدة عائشة رضى الله عنها قالت «كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه حين يحرم, ولحله قبل أن يطوف بالبيت»، كما روى عنها رضى الله عنها قالت: «كنا نخرج مع النبى صلى الله عليه وسلم إلى مكة, فنضمد جباهنا بالسك المطيب عند الإحرام, فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها, فيراه النبى صلى الله عليه وسلم فلا ينهانا». ومريد الإحرام حين وضع الطيب كان مباحا له ذلك, لأنه وضعه فى غير حال الإحرام, وبقاء الطيب لا يسمى طيبا, فلا يكره, وذهب فريق من الفقهاء إلى كراهة استعماله، لمن أراد الإحرام بالحج أو العمرة, لما روى أن «رجلا جاء النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف ترى فى رجل أحرم بعمرة وهو متضمخ بطيب؟, فسكت النبى صلى الله عليه وسلم ساعة, فجاءه الوحي, فلما سرى عنه, قال: أين الذى سأل عن العمرة؟ فأتى بالرجل, فقال: اغسل الطيب الذى بك ثلاث مرات, وانزع عنك الجبة, واصنع فى عمرتك كما تصنع فى حجتك», وإن كان الراجح، هو ما ذهب إليه الجمهور, لأن من وضع الطيب وضعه فى حال لم يحظر عليه استعمال الطيب فيه. محظورات الإحرام وحول محظورات الإحرام قال الشيخ عطية صقر رحمه الله من كبار علماء الأزهر، فى حديثه الاذاعى المسجل لشبكة القرآن الكريم، خلال شرحه مناسك الحج والعمرة: إن المحظورات الممنوعة تكون فى مدة الإحرام، وبعد التحلل منه أزيحت بعض هذه المحظورات أو أزيح كلها، بما يعرف بالتحلل الأول والتحلل الثاني، والتحلل الأول يسمى التحلل الأصغر يكون بفعل أمرين من ثلاثة وهي: رمى جمرة العقبة الكبرى وحلق أو تقصير الشعر والطواف بالبيت، أما التحلل الثانى فيسمى التحلل الأكبر فيكون بفعل الأمر الثالث، وإليك البيان: يحرم على المحرم لبس المخيط من الثياب المفصل على قدر العضو، كالجلباب والقميص والسروال والحذاء العادى الذى يغطى القدم كلها، وما يغطى الرأس كالعمامة أو الطاقية وهذا بالنسبة للرجال، أما النساء، فلا يحرم عليهن من الملابس شيء ولكن يحرم عليهن تغطية الوجه والكفين إلا عند خوف الفتنة، ومن المحظورات التعطر بالبدن أو الثوب بما يقصد به التزين والتعطر، ويجوز استعمال الصابون ذى الرائحة ومعجون الأسنان، كما يحرم لبس الثوب المصبوغ بما له رائحة طيبة، ومن المحظورات إزالة الشعر من أى مكان فى الجسم، وتقليم الأظافر، وكذلك المعاشرة بين الجنسين ويحرم التعرض لصيد الحرم كالحمام وقطع الشجر وعقد الزواج لنفسه أو لغيره. وأضاف الشيخ عطيه صقر رحمه الله فى تسجيله الإذاعي، قائلا: إذا فعل الحاج شيئا من هذه المحظورات، بأن لبس المخيط أو تعطر أو أزال الشعر أو قلم الأظافر، لزمه واحد من ثلاثة، إما ذبح شاة وإما إطعام ستة مساكين لكل مسكين قدح او ثمنه، وهذان يكونان فى الحرم، وإما صيام ثلاثة أيام فى الحرم، ولا يبطل الحج بشيء من هذه الأمور، ومن تعرض للصيد فعليه جزاؤه، وكذلك قطع الشجر، وعقد الزواج يبطل، ومن فعل شيئا من هذه المحظورات ناسيا غير عامد أو جاهلا غير عالم بالحكم، فلا شيء عليه، لكن قتل الصيد يجب فيه الجزاء على كل حال، وهذا الحكم محله قبل التحلل الأول، وهو فعل أمرين من ثلاثة، أما فعله بعد التحلل الأول فلا حرج، ما عدا المعاشرة الزوجية فلها حكم خاص، لأنها إن وقعت قبل الوقوف بعرفة فسد الحج وعليه الاستمرار فى أعماله، مع وجوب ذبح بدنة أى جمل أو ناقة وعليه القضاء فى العام التالي، وهذا يكون على الزوج والزوجة إن كان لها رضا فى هذا الموضوع، وإن وقعت المعاشرة الزوجية بعد الوقوف بعرفة، فإن كانت قبل التحلل الأول فالحج فاسد أيضا كما لو كانت قبل الوقوف بعرفة، وإن وقعت بعد التحلل الأول وقبل التحلل الثاني، لم يفسد الحج ولكن تجب الفدية وهى البدنة، وقال الإمام مالك تجب شاة فقط، وقال أبو حنيفة: إن المعاشرة بعد الوقوف بعرفة وقبل التحلل الثانى لا تفسد الحج وتجب الفدية وهى بدنة.