اتفق الفقهاء على أن للحج أركانا وواجبات وسننا ومبطلات, إلا أنهم اختلفوا فيما يعد ركنا أو واجبا أو سنة, أو مفسدا للحج, مع اتفاقهم على أن الركن لابد من الإتيان به, وإلا فسد الحج, ولا يجبر تركه بشيء, وأن واجبات الحج لا تفسده, ويجبر تركها بدم, وأن سنن الحج لا يجب بتركها شيء, ولا يترتب على تركها فساد الحج, وأن مبطلات الحج لا يجبرها إلا إعادة الحج من عام قابل, وتصير هذه الإعادة فرضا على من أفسد حجه. ويوضح الدكتور مجدى عاشور المستشار الأكاديمى لمفتى الجمهورية، سنن مناسك الحج والعمرة، قائلا: يستحب لمن يريد الحج أو العمرة أن يقوم عند إرادة الإحرام أولا بالاغتسال. ثانيا بالتطيب: وقبلهما يقوم بتقليم أظفاره، وقص شاربه، وتمشيط شعره، ونتف إبطه، وحلق عانته، ونحو ذلك مما قد يتأذَّى المُحْرِم ببقائه بعد الإحرام، ويستحب أن يغتسل المحرم -رجلا كان أو امرأة، حتى لو كانت المرأة حائضا أو نفساء- قبل الإحرام مباشرة، ولا يفصل بين الاغتسال والإحرام بفاصل طويل، وتحديد ذلك الفاصل يُقَدَّر بالعرف، فيقدر الآن باثنتى عشرة ساعة، وينوى بالاغتسال سُنَّة الإحرام. ثالثا التلبية: التلبية سُنَّةٌ لو تركها صحَّ حجُّه وعمرتُه، ولا شيءَ عليه، لكن فاتته فضيلة عظيمة، وصيغتها المعروفة «لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك». رابعا طواف القدوم: طواف القدوم مسنونٌ لكلِّ مَن قدم مكة سواء كان معتمرًا أو حاجًّا أو غير ذلك، وسواء كان حلالا، أو أحرم من الحل -يعنى خارج حدود الحرم المكي- ولم يخشَ بفعله فواتَ الوقوف بعرفة؛ لضيق الوقت بأن كان دخوله مكة قبيل فجر النحر مثلًا، كما أن استحباب طواف القدوم إنما هو لِمَنْ لَمْ يردف الحج على العمرة وهو بالحرم، فإن أردف الحج على العمرة -وقد خرج بعد العمرة من حدود الحرم- استُحِبَّ له طواف القدوم مرة أخري. خامسا المبيت بمنى ليلة عرفة: بعد أن يصل الحاج إلى منى ظهر يوم التروية -الثامن من ذى الحجة- يقيم بمنى يومَه، ويسن له البيات بمنى ليلة التاسع إلى أن يصلى الصبح بمني، ثم يسير الحاج من منى إلى عرفة بعد طلوع شمس يوم التاسع. سادسا تمام المبيت بالمزدلفة: يستحب للحاج أن يتم المبيت بالمزدلفة بقيَّةَ ليلة العاشر من ذى الحجة، وأن يقف بالمشعر الحرام للدعاء والذكر بعد صلاة الفجر حتى يُسْفِرَ الصبح جدًّا، ومن العلماء من قال إن أصل المبيت بها سنة لا شيء فى تركه أصلًا. ما يفسد به الحج الحج لا يَفْسَد إلا بالجماع قبل التحلل الأول، سواء فى القبل أو الدبر، لقوله تعالي: «...فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِى الحَجِّ...،» والرفث الجماع، لكن لا يَخْرُج الشخص من أعمال الحج إذا فعل ذلك، بل عليه إكمال المناسك، وقضاء الحج، والهدْى فى العام المقبل، أما لو جامع بعد التحلل الأول وقبل التحلل الثاني، فلا يفسد حجُّه، بل يصحُّ وعليه الكفارة، والمضى فى العبادة الفاسدة خاصٌّ بالحج والعمرة، أما غيرهما من العبادات فلا، أما مَنْ فاته الوقوف بعرفة فقد فاته الحج؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الْحَجُّ عَرَفَةُ، وعليه أن يتحلل بعمل عمرة، وعليه القضاء والهدْى فى العام المقبل». تقبيل الحجر الأسود وفى سياق متصل يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن استلام الحجر الأسود معناه (أي: مسح الإنسان له بيده)، وتقبيله سنة فى حق المحرم وغيره, فمن عجز عن استلامه وتقبيله أشار إليه بيده أو نحوها وقبل يده بعد, وتقبيل الحجر يكون فى ابتداء الطواف, وفى كل شوط من أشواطه, وبعد ركعتى الطواف, إن أمكنه ذلك من غير مزاحمة أو إيذاء لأحد, فإن عجز عن ذلك أشار إليه باليد أو العصا أو نحوهما, وقبَّل ما استلمه به, ومن السنة أن يدنو الطائف بالبيت من الحجر فى أول الطواف, مهللا مكبرا رافعا يديه كما فى الصلاة, ويسن استلام الركن اليمانى فى كل شوط من أشواط الطواف, بوضع اليدين عليه إن أمكن ذلك, وإلا أشار إليه عند العجز عن الوصول إليه, والجمهور على أنه لا يسن تقبيله, ويستحب الإكثار من الذكر والدعاء فى الطواف, ومن الدعاء المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند استلام الحجر: « باسم الله والله أكبر, إيمانا بالله وتصديقا بما جاء به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم» , ومنه ما كان يدعو به بين الركنين اليمانى والذى فيه الحجر: « ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار », ورفع ابن عباس دعاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو به بين الركنين: « رب قنعنى بما رزقتني, وبارك لى فيه, واخلف على كل غائبة لى بخير », ومذهب الجمهور أنه لا بأس بقراءة القرآن فى الطواف, ويستحب الدنو من البيت عند الطواف, إذا لم يكن فيه مزاحمة أو إيذاء لأحد, فإذا فرغ منه وصلى ركعتى الطواف عاد إلى الحجر فاستلمه, ثم خرج بعد ذلك إلى باب الصفا للسعى بين الصفا والمروة سبعا.