فى الوقت الذى تسعى فيه الدولة لإقرار مبدأ تكافؤ الفرص والقضاء على جميع أشكال التمييز وعدم حرمان ذوى الإعاقة من حقهم فى التعلم الذى وصفه طه حسين بأنه كالماء والهواء، نجد المجلس الأعلى للجامعات يضع اشتراطات لقبول الطلاب ذوى الإعاقة ببعض الجامعات، تتمثل فى عرضهم على لجنة طبية دون غيرهم من الطلاب، والسماح لبعض الجامعات برفض دخولهم بعض التخصصات، مما يعد انتهاكاً صريحاً لمواد الدستور المصرى وكافة الاتفاقيات الدولية التى تعتبر التعليم حقا أصيلا من حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة. أعلنت النائبة الدكتورة هبة هجرس - وكيل لجنة التضامن الاجتماعى والأسرة والأشخاص ذوى الإعاقة بمجلس النواب – منذ أيام عن رفضها القاطع لإصرار المجلس الأعلى للجامعات على وضع عراقيل جديدة أمام دخول الطلاب ذوى الإعاقة للجامعات بما يعد مخالفة صريحة وانتهاكا للدستور المصري، وبما يخالف ما اتفقت عليه النائبة مع الدكتور اشرف حاتم الأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات خلال لقاء تم خصيصا لبحث هذه المشكلات مؤخرا. وأشارت النائبة – فى بيان لها - إلى أن المجلس الأعلى للجامعات مازال مصرا على أن يشترط لقبول الطلاب ذوى الإعاقة عرضهم على لجنة طبية دون غيرهم من الطلاب، والسماح لبعض الجامعات برفض دخولهم بعض التخصصات مثلما حدث فى جامعة عين شمس حيث رفضت كلية الآداب بالجامعة التحاق الطلاب ذوى الإعاقة بأقسام الإعلام والدراما وهو ما يعد تمييزا سلبيا ضد الطلاب ذوى الإعاقة وهو ما يخالف نص الدستور المصرى وينتهك حقا أصيلا من حقوق هؤلاء الطلاب. وطالبت النائبة المجلس الأعلى للجامعات بإلغاء فورى لاى شكل من أشكال التمييز السلبى ضد الطلاب ذوى الإعاقة فى خطوات الالتحاق بالجامعات وإتاحة الفرصة الكاملة لهم للالتحاق باى تخصص يؤهلهم مجموعهم لدخوله ويرغبون فيه، موضحة انه فى حال عدم تدارك المجلس الأعلى للجامعات لقراراته السلبية التى تقيد التحاق الطلاب ذوى الإعاقة بالجامعات بما يخالف بشكل واضح نصوص الدستور فسوف تستخدم كامل أدواتها البرلمانية فى محاسبة المسئولين عن هذه القرارات وتقديمهم للتحقيق وعزلهم إذا استلزم الأمر والإصرار على تنفيذ نصوص الدستور فى حق الطلاب ذوى الإعاقة بما يسمح لهم بدخول الجامعات المصرية بذات الشروط التى يلتحق بها غيرهم من الطلاب. توفير الوسائل التعليمية أما إبراهيم عمارة – مدرس مساعد قسم الإعلام كلية الآداب جامعة طنطا- فيقول: يتم وضع الكثير من العراقيل أمام ذوى الإعاقة من طلاب العلم، الذين نجدهم محرومين من دخول بعض الكليات قصرا بسبب إعاقتهم التى ليس لهم أى ذنب فيها، وإذا أراد ذوو الإعاقة الحصول على مادة دراسية تلائم قدراتهم فلن يجدوا لأن تلك المؤسسات التعليمية لا تعترف بنا، والدليل على ذلك ليس حرماننا من دخول بعض الكليات فقط، بل لم يتم توفير كتب دراسية مطبوعة بخط كبير لضعاف البصر أو بطريقة بريل لفاقدى البصر، ولم توفر لنا وسائل معينة لذوى الإعاقة الحركية أو لغة الإشارة للمعاقين، سمعيا علاوة على التحدى الأكبر الذى نواجه نحن كذوى الإعاقة أثناء أداء الامتحانات، حيث يفرض هذا النظام أن يمتحن ذوو الإعاقة البصرية بمرافق أقل منهم فى التعليم، بمعنى أن يرافق المعاق فى الامتحانات سباك أو طالب إعدادى أو دبلوم وهذا ليس تحقيرا من تلك المهن النبيلة، ولكن لماذا لا يكتب لهم فى الامتحانات خريجون جامعيون، وما يثير الضحك أن عددا كبيرا من الكليات لا توفر للمعاقين مرافقين يساعدونهم فى الكتابة أثناء الامتحانات حتى لو تكرموا بتوفير مرافق للكتابة فسيكون موظفا خارج نطاق الخدمة فوق الخمسين أو عاملا أو نحو ذلك, لذا أطالب جميع الجهات المسئولة فى الدولة بإعادة النظر فى القوانين التى تحرم ذوى الإعاقة البصرية من دخول بعض الكليات والالتزام بما تنص عليه الاتفاقيات الدولية والدستور المصرى. طه حسين نموذجاً وتقول رشا أبورجيلة إن قرار جامعة الإسكندرية بعدم قبول الطلاب ذوى الإعاقة فى أربعة أقسام بكلية الآداب هى: الاجتماع والجغرافيا وعلم النفس ووثائق ومكتبات بحجة أن الدراسة بهذه الأقسام بها جزء عملى لا يتوافق مع قدرات ذوى الإعاقة يعد انتهاكا واضحا للدستور المصرى، وليس من حق متخذ هذا القرار أن يحجب قسم عن طالب، وليس من حقه أيضا أن يفترض عدم قدرة ذوى الإعاقة على أداء الشق العلمى، ويتخذ من ذلك ذريعة للمنع بهذا الشكل الصارخ. وأضافت: عندما أراد عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين دراسة الجغرافيا، صنع له مجسمات لخريطة العالم مكنته من محاكات واقعه المختلف، ولم تقف إعاقته أمام إرادته، فكيف نمنع اليوم ذوى الإعاقة ونحن فى عصر العلم الذى يتسم بالتقدم والتهافت على المعرفة، وكان من باب أولى على من يتخذون قرار المنع أن يمهدوا الطريق أمام ذوى الإعاقة لدراسة الفرع العلمى الذى يفضلونه. وتكمل: أنا إحدى النساء ذوات الإعاقة، ومستخدمته للكرسى المتحرك، وتخرجت فى قسم وثائق ومكتبات جامعة الأزهر ( الممنوع حاليا بجامعة الإسكندرية)، فهل يتم وقف انتهاك حقوقنا وتقبل عقولنا وجودنا فى الحياة. واستقبلت صفحة «صناع التحدى» الكثير من الشكاوى لطلبة يعانون من انتهاك واضح لحقوقهم، ومنها حقهم في التعليم باعتباره من الحقوق الأساسية التى كفلتها جميع المواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية والإعلان العالمى لحقوق الإنسان، وتتضمن الشكاوى تحديد أقسام معينة يحظر على المكفوفين دخولها ومنها: الإعلام والجغرافيا والآثار الإسلامية والمصرية واليونانية وعلم النفس والوثائق والمكتبات، وحددت بعض الجامعات السماح للمصابين بإعاقة شلل الأطفال فقط قبولهم بقسمى اللغتين الانجليزية والفرنسية، وحظر قسم اللغات الشرقية على المكفوفين. الدستور المصرى ( المادة 81) تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والأقزام، صحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وترفيهيًا ورياضيًا وتعليميًا، وتوفير فرص العمل لهم، مع تخصيص نسبة منها لهم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم، وممارستهم لجميع الحقوق السياسية، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين، إعمالاً لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص.