اعرف طريقة الاستعلام عن معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    20 لاعبًا بقائمة الاتحاد السكندري لمواجهة بلدية المحلة اليوم في الدوري    مصرع أكثر من 29 شخصا وفقد 60 آخرين في فيضانات البرازيل (فيديو)    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلًا شمال رفح الفلسطينية إلى 6 شهداء    تركيا تعلق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل    سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالتزامن مع إجازة البنوك وبداية موسم الحج    الخضري: البنك الأهلي لم يتعرض للظلم أمام الزمالك.. وإمام عاشور صنع الفارق مع الأهلي    جمال علام: "مفيش أي مشاكل بين حسام حسن وأي لاعب في المنتخب"    "منافسات أوروبية ودوري مصري".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    10 أيام في العناية.. وفاة عروس "حادث يوم الزفاف" بكفر الشيخ    كاتبة: تعامل المصريين مع الوباء خالف الواقع.. ورواية "أولاد الناس" تنبأت به    اليونسكو تمنح الصحفيين الفلسطينيين في غزة جائزة حرية الصحافة لعام 2024    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    هل يجوز الظهور بدون حجاب أمام زوج الأخت كونه من المحارم؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    العثور على جثة سيدة مسنة بأرض زراعية في الفيوم    أيمن سلامة ل«الشاهد»: القصف في يونيو 1967 دمر واجهات المستشفى القبطي    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    بركات ينتقد تصرفات لاعب الإسماعيلي والبنك الأهلي    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    مصطفى شوبير يتلقى عرضًا مغريًا من الدوري السعودي.. محمد عبدالمنصف يكشف التفاصيل    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    الإفتاء: لا يجوز تطبب غير الطبيب وتصدرِه لعلاج الناس    محمد هاني الناظر: «شُفت أبويا في المنام وقال لي أنا في مكان كويس»    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    انخفاض جديد مفاجئ.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالبورصة والأسواق    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    الأرصاد تكشف أهم الظواهر المتوقعة على جميع أنحاء الجمهورية    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    الغانم : البيان المصري الكويتي المشترك وضع أسسا للتعاون المستقبلي بين البلدين    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    هالة زايد مدافعة عن حسام موافي بعد مشهد تقبيل الأيادي: كفوا أيديكم عن الأستاذ الجليل    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دماء على ثوب عرس
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 07 - 2016

في هذا البلد الطيب الأمين الذي اسمه مصر .. والذي ولد فيه قبل الزمان بزمان فجر الضمير الإنساني كله .. وصحا وتعلم وتنور هنا.. ليعلم الدنيا مالم تعلم.
فضمير الانسانية كلها كما قال المؤرخ العظيم جيمس هنري بريستد - ولد هنا علي ضفاف هذا النهر الذي اسمه نهر النيل .. وتحت ربي الأهرامات وحارس الحضارة الذي يحفظ السر ولا يبوح به أبدا.. والذي اسمه أبو الهول.. وهي نفس كلمات المؤرخ العظيم التي قالها صريحة: في هذا البلد الذي اسمه مصر.. ولد فجر الضمير الانساني قبل الزمان بزمان..
في هذا البلد الذي شهد بزوغ فجر الضمير الانساني كله .. وثب عمنا خالد وهذا اسم حفيد الإله ست إله الشر عند المصريين منذ بزوغ شمس الحضارة المصرية.. علي صديق عمره في ليلة زفافه وطعنه طعنات غدر بسكاكين شر وخداع في بيته ثم دفنه في حفرة تحت السرير!
ليه؟ وعشان أيه؟
أنتم تسألون؟
الجواب عند الصديق الذي غدر بصديقه في ليلة عرسه لكي يستولي علي أمواله التي يحملها في محفظته .. كم كانت بالذمة؟
أنتم تسألون؟
الجواب أقل من خمسة آلاف جنيه كانت في جيب العريس الذي يادوب باق علي جلوسه في الكوشة بجوار عروسه أقل من ساعة زمان واحدة..
ولكن يد صديقه الوحيد حفيد الإله ست إله الشر عند المصريين منذ فجر التاريخ الإنساني كله .. كانت هي الأقرب إليه!
..........
..........
كيف غدر الصديق بصديقه ليلة زفافه ؟ كما يحكي لنا الزميلان نور أبو سريع وهيثم ماهر من موقع الجريمة إن العريس السيئ الطالع الذي شاء له قدره التعس أن يصاحب شيطانا في ثوب إنسان كان موجودا طول الوقت في يوم زفافه علي عروسه التي ذهبت إلي الكوافير ... والأهل يستعدون بالموائد للمعازيم ... والأهل فرحون مزقططون إلا أم الفتي سيئ الطالع.. فقد كانت منقبضة الصدر ساهمة النظرات... تدرك في أعماقها ككل أمهات الأرض اللاتي يشعرن باقتراب الخطر وتسلل الأحزان كما الأفاعي حتي قبل وقوعها.. قالت لابنها العريس مرارا: يا بني ما تروحش بعيد .. خليك هنا جنبنا .. لكن الابن طيب القلب سليم النيات ذهب مع صديق عمره ليعيش ليلة العمر وهو تعبير بين الأصدقاء ليلة عرس زميلهم الذي سوف يدخل دنيا ما بعدها دنيا بعد ساعات قليلة.. والليل مازال سهرانا في الانتظار
ولكن أحقاد الإله ست إله الشر في الأرض منذ بدء الخليقة كانوا في انتظاره في صورة أعز صديق له.. لكي يقتله بالسكين ويدفنه في حجرة نومه - نوم القاتل طبعا - ويعد لنفسه كوبا من الشاي يرتشقه في هدوء مع سيجارتين معمرتين.. ثم يذهب إلي بيت العريس الذي قتله يسأل عنه!
يعني بعبارة أخري تنير لنا الطريق.. في هذا البلد العظيم الذي خرج من ترابه أول من امسك بالقلم وأول من علم الدنيا مالم تعلم...
في هذا البلد بعد قرون بلا عدد صحي غراب الغدر في صدر محمد الصديق ليثب علي صديقه كما الذئب الغادر .. ليقتله ويحبس بسيجارتين وكوب شاي صنعه بيده وهو يستعد لدفن صديقه في غرفة نومه!
..........
..........
اسمحجو لى ان اقول: وأنا اخطو بثقة واصرار خطواتي الأولي في بلاط صاحبة الجلالة.. شاء قدري الطيب وحسن طالعي أن التقي بعالم فاضل وإنسان قدم لمصر وللعالم وللدنيا كلها أكبر خدمة وأعظم كتاب للنور والتنوير في زمان الضباب والعتمة وهى الظلمة التي تسبق إشراقة العقل والفهم والتحضر والتنور .. والذي اسمه د. سيد عويس رئيس المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية أيامها وأعظم أستاذ باحث في قلب واحشاء ونوايا وتواكب المجتمع المصري أيامها... وكم تعلمت منه.. وكم قادني وأنا في أيامي الأولي في سنة أولي صحافة وسنة أولي أهرام إلي طريق النور .. عندما عرفت منه وتعلمت أن الشر يسبق الخير دائما .. ولكن الخير ينتصر في النهاية ولو بعد حين!
سألته أيامها: لماذا يا معلم - برفع الميم ونصب العين - يغدر الصديق بصديقه؟
قال: ألم يقتل ست إله الشر أخاه أوزوريس وألقي به في النيل .. وظلت أيزيس زوجته زمانا بلا عدد تبحث عنه هي وأبنها حورس ... هكذا بدأت الخليقة.
قلت له: تماما كما فعل قابيل بأخيه هابيل.. قتله وحمل جثمانه علي كتفه وهام به في البراري والغابات حتي أرسل الله له غرابا علمه كيف يواري سوءة أخيه!
قلت له أيامها وكأنني أتحدث معه عما يحدث هذه الأيام: ولكن ها هو الصديق يغدر بصديق عمره .. لماذا؟
قال: لأن الإله ست إله الشر مازال يعيش بيننا لم يمت بعد .. صدقني قد تجده في صورة أقرب الناس إليك.. ألم يقل بديع السماوات والأرض في محكم آياته: ومن ازواجكم واولادكم عدو لكم فاحذروهم... فما بالك بالصحاب والأصدقاء؟
..........
..........
دعني اسألك سؤالا.. المعلم والأستاذ يتكلم: ألم يحدث وأنت ذاهب إلي مدرستك أو جامعتك في الصباح أن قالت لك أمك: استني يا حبيبي لما أرقيك - بنصب الألف وسكون الراء وكسر القاف والياء -؟
قلت: نعم كثيرا ما حدث!
قال قولته الرائعة الذي يقتل أخاه يسهل عليه قتل صديقه!
ولما رأني ساهما مبلما قال: سأعطيك كنزا صحفيا وإنسانيا لم ابح به ولم أعطه لأحد من قبل!
قلت له أيامها: كشف علمي جديد يضع اسم مصر في العلالي؟
قال: أكثر من ذلك .. الناس البسطاء في القري والنجوع عادة يذهبون إلي مقام الإمام الشافعي الذي يعتبرونه منقذهم وشفيعهم .. ويلقون داخل مقامه الكريم خطابات باعترافاتهم الخطيرة بجرائم ارتكبوها في حياتهم .. ولم يكشف عنها الستار..
اسأله: جرائم إيه يعني؟
قال: جرائم سرقات ونصب وقتل أحيانا.
كان حراس المقام يجمعون هذه الخطابات المكتوبة بخط اليد ويعطونها لي في كل مرة أذهب إلي المقام أو يجمعونها لي في الليل وأخذها أنا في الصباح حتي جمعت اعترافات خطيرة جدا بجرائم ارتكبها أصحابها قبل سنين طالت أو قصرت حتي يريحوا ضمائرهم.. ظنا منهم أن مولانا الإمام الشافعي وهو في الملكوت الأعلي سوف يقرأها ويشفع لهم عند رب العالمين!
مازلت اذكر - لو تطاوعونني استرسالا في حديث الأستاذ والمعلم سيد عويس سيد الزمن الجميل ومعلم الأجيال ومفسر المعضلات ما كان يقوله لي تفسيرا لغدر الصديق ووثوبه علي صديقه وقرة عينه في لحظات لكي يسفك دمه .. لالتهام غنيمة لا تتجاوز الأربعة آلاف جنيه.. وسلبه حياته كلها وهو يستعد لأجمل ليلة في عمره كله ليلة زفافه إلي عروسه التي مازالت تمشط شعرها وتدهنه بالعطور وتلبس فستانها وتصلح من جمالها عند الكوافير وزغاريد الأهل والصحاب وفرحة البنات وضحكاتهن..
ولكن الأم التي تشعر دبة النملة وتستشعر الأحزان قبل وقوعها رادار الأم الخفي كانت قلقة لا يهدأ لها بال .. حتي جاءها الخبر الحزين ابنها قرة عينيها وشقي عمرها كله .. اختفي من فوق شاشة رادار الزمان!
قال الأستاذ والمعلم يومها إن لم تخني الذاكرة : الغدر قبل الحب أحيانا.. في لحظات زمان لا نعرفها تغلق السماء أبواب رحمتها وحمايتها وعطفها وحنانها ... ليتسلل طائر الغدر والموت لينقض علي حمل شارد أو عصفور تائه مازال في العراء لم يشبع بعد..
من هذه العصافير كان صاحبنا الذي غدر به صديق عمره.. طائر مثله ولكن في صورة غراب أسود الخلقة كئيب السحنة سيئ النوايا يخفي في صدره كل شرور الأرض من أيام إله ست حتي آخر حفيد له علي الأرض.. إنه صديق العريس منكور الطالع!
وهو ليس أول من غدروا به.. ولن يكون آخرهم!
اذكر أنني قلت له أيامها: إذا كان الحلاج في مسرحية صلاح عدالصبور الخالدة .. قد لقي ظلما وهوانا انتهي به إلي مذبح الحرية الذي تحول إلي اللون الأحمر من دم عمنا وسيدنا الحلاج فإن الغدر في الأرض باق حتي قيام الساعة.
مرورا بأدهم الشرقاوي البطل التي مازالت تعيش سيرته بيننا من أيام أوزويس وما فعله به إله ست إله الشر في الأرض عند الأقدمين!
..........
..........
إذا كانت مصر هي البلد الذي ولد فيها الضمير الانساني كله .. وإذا كان المؤرخ العظيم جيمس هنري بريستد له كتاب عظيم الشأن والشنشان كما يقولون اسمه فجر الضمير .. فإن كاتب هذه السطور له كتاب متواضع اسمه فجر الضمير المصري .. حاولت أن أقول فيه أن فجر الضمير الانساني كله قد خرج من هنا.. لأنه ولد هنا قبل الزمان بزمان.. فهل يا تري في آخر الزمان ضاع منا الضمير؟
هل أصبح الإنسان المصري أوحتي نفر منه حقا وصدقا بلا ضمير؟
وقد نكون محقين في هذا السؤال الصعب من كثرة البلاوي السوداء التي تحيط بنا كل يوم... وتجعلنا في النهاية نقول : لقد ضاع منا الضمير وهرب إلي أعالي الجبال وإلي شواشي الشجر!
وقبل أن نقرأ ما جاء في اعترافات أناس صحا ضميرهم فارسلوا رسائل إلي مولانا الإمام الشافعي اعترفوا فيها صراحة بالاسم والساعة والواقعة ما ارتكبوه ولم ينالهم عقاب بعد علي الدنيا..
سألنا استاذا في تنمية الموارد البشرية هو الدكتور عبدالله اسعد سؤالا واحدا: هل بقي للإنسان المصري بعضا من ضمير؟
قال: تتردد هذه المقولة كثيرا في السنوات الأخيرة عقب بعض الأحداث التي تشهدها البلاد، وهي كثيرة، ومثال ذلك انهيار بعض العقارات الحديثة، أو اكتشاف أطنان من اللحوم والكبدة الفاسدة، أو إهمال بعض الأطباء والممرضات، مما يسفر عن موت بعض المرضي، وغيرها من حوادث الأسفلت والتي تعتبر مسلسلا يوميا، أو حادث قرية الخصوص الذي قتل فيه أحدهم صديق عمره في ليلة زفافه.
ولكننا هنا نحاول إثبات عدم صحة هذه المقولة لعدة أسباب نوضحها فيما يلي:
أولا: أننا عادة نتعامل مع النتائج ولا نتعامل مع الأسباب، وهو أحد أنماط التفكير التي يجب أن نعمل علي تغييرها، فإذا كان الطالب يرسب، فهذه نتيجة، ويجب التعامل مع السبب الذي قد يكون عدم الاستذكار
وإذا كان المبني ينهار، فهذه نتيجة، وقد يكون السبب عدم سلامة مواد البناء، أو إهمال الجهات المعنية في الرقابة علي البناء.
ثانيا: قد يقول أحدهم أن إهمال البعض في الرقابة علي البناء هو ما نقصده بأن المصري يحتاج إلي بعض الضمير، ولكننا نقول لهم، علينا أن نبحث عن السبب في تقاعس البعض عن ممارسة دوره علي النحو المطلوب، أي أن علينا أن نبحث مرة أخري عن السبب.
ثالثا: تشير الدراسات العلمية إلي أن سلوك الإنسان ليس رشيدا بطبعه، والدليل علي ذلك أن الملايين يدخنون رغم أن علبة السجائر مدون عليها عبارة »احترس من التدخين يدمر الصحة ويسبب الوفاة«، كما أن الجميع يعلم أن السرعة الزائدة في قيادة السيارات قد تؤدي إلي هلاكه، ورغم ذلك فإن مسلسل حوادث السيارات مسلسل شبه يومي طوال العام، وجميعا نعرف أن الكذب حرام، يعني يودي النار، ورغم ذلك فالكثيرون يكذبون حتي دون مبرر.
رابعا: طالما أن السلوك الإنساني ليس رشيدا بطبعه، فإن المجتمعات التي ترغب في ترشيده توصلت إلي ما يعرف بالنظام System، ويمثل النظام في بعض القواعد والإجراءات التي تحميها نصوصا قانونية وتشريعية معينة، والأهم من ذلك كله أن يتم تطبيقها علي المخالف بصرف النظر عن شخص مرتكب المخالفة تطبيقا عادلا، وأن يتسم تطبيقها بالاستمرارية مما يرسخ لدي المواطن اليقين بتعرضه للمخالفة حال القيام بها، لكننا في الواقع نمارس عكس ذلك مما يرسخ لدي المواطن يقينا بأنهم ليسوا جادين في التطبيق لأنهم هم الذين يسمحون بمخالفة ماينهون عنه.. ونعني »بأنهم« و »هم« في العبارة السابقة نعود الي« القائمين والمسئولين عن تطبيق النظام.
وأقرب مثال علي ذلك أن مباريات كرة القدم المفروض أنها بدون جمهور الآن، ويكرر المسئولون ذلك كل مباراة رغم أنهم يشاهدون بأم أعينهم وجود المئات، بل الألوف في بعض المباريات، إن تجاهل المخالفة يؤدي بكل أسف إلي اليقين بعدم الجدية من قبل القائمين علي تطبيقها، مما يساعد بدرجة أكبر علي ضعف ترشيد السلوك الإنساني.
خامسا: نخلص مما سبق أننا لا نعاني من قصور في ضمير المصري، ولكننا نعاني من قصور في توفير النظم، والرقابة وإن توافرت فإنها تفتقد إلي جدية التطبيق، العلاج واضح لا يحتاج إلي بحث، وإلا لماذا يلتزم المصري عندما يسافر إلي أي مجتمع آخر خارج نطاق المجتمع المصري.
..........
..........
انتهي كلام خبير الإنسان المصري عن الضمير .. ولكننا مازلنا في حيرة مابعدها حيرة... لماذا قتل هذا الصديق صديقه في ليلة زفافه.. هذا السؤال لن نجد له جوابا فيما يبدو إلا يوم القيامة... صدقوني!
ولكن سيبقي في المقام .. ونحن نتحاور ونتشاور رسائل اعترافات المذنبين والجناة والمغتصبون والقتلة عن جرائمهم فى خطابات بايديهم التي ذهبوا بها إلي مقام الإمام الشافعي رضي الله عنه.. حتي يشفع لهم عند رب العالمين..
ولكن ذلك إن شاء الله حديث آخر{!
حتى الإغراء فى السينما المصرية.. كانت له قواعد وأصول!
H تعالو نخلع ثوب الحزن الاسود ونحاول ان نخرج ولو قليلا قليلا الى عالم السينما المصرية فى زمانها الجميل الذى لن يعود فيما يبدو.. لنقلب فى شرائط افلام زمان الابيض والاسود عن اجمل نجمات مصر حلاوة وطلاوة واغراء.. يحدثنا عنهن الناقد الكبير كمال رمزي بقوله:
نجمات الاغراء الأهم، تمثلن في البداية في خمس ممثلات: تحية كاريوكا، سامية جمال، كاميليا، برلنتي عبد الحميد وهند رستم.
من الملاهي الليلية جاءت كل من تحية كاريوكا وسامية جمال، كل منهما عملت كراقصة قبل أن تظهر علي شاشة السينما بعد عدة ادوار ثانوية حققت تحية كاريوكا نجاحها الكبير في فيلم «لعبة الست» لولي الدين سامح 1946، أمام نجيب الريحاني، فبدت كامرأة شديدة الطموح، شرهة للشهرة والمال، عنيفة، جريئة، صارخة الجمال، علي استعداد لتحطيم كل شئ في سبيل تحقيق ما تريده من مال . ولعل كلمات الكاتب المبدع ادوارد سعيد عنها تكون الأعمق والأدق في الوصول إلي جوهر ما تجسده تحية كاريوكا فبعد أن يعبر ادوارد عن أحاسيسه المشبوية يقول عنها: «كانت شعارا لكل ما هو غير خاضع للارادة والضبط والانضواء»!
وبينما تطالعنا تحية كاريوكا، في أفلامها ، كنمرة شرسة، تعصف بها الرغبات، فتعصف هي بمن حولها، تبدو سامية جمال اكثر نعومة وأقل وحشية. انها ذات طبيعة مراوغة، لها وجه طفلة علي جسم امرأة ناضجة في أول افلامها «أحمر شفايف» لولي الدين سامح 1946، تعمل كخادمة لأسرة نجيب الريحاني الذي تستيقظ حواسه ورغباته تجاهها وعلي طول الفيلم، لايدري ولا ندري معه هل هي تقوم باغوائه حقا؟
ان شقاوة عينيها وجاذبية ابتسامتها ودلال حركاتها أمور تتضمن معني الرغبة، لكن شيئا ما، يمنعه من التقدم نحوها، لقد نجحت سامية جمال هنا، في أن تمزج الاغراء بالبراءة والدعوة بالتحذير مثل الشهب.
كاميليا.. سيجارة بين شفتين!
ثم تظهر في الأفق فاتنة لاتباري قالوا عنها انها ريتا هيوارث مصر عندما ظهرت لأول مرة.. انها كاميليا التي اكتشفها أحمد سالم دون جوان السينما المصرية في عصرها الذهبي.. ويقال انه نافس الملك فاروق نفسه في حبه لكاميليا.. التي عاشت حياة فنية قصيرة جدا.. ما ان ظهرت كاميليا، وخطفت الأبصار حتي اختفت إثر حادث طائرة أليم، بعد أربع سنوات من انطلاقها قامت خلالها ببطولة 16 فيلما كان أولها «القناع الأحمر» ليوسف وهبي 1947، وآخرها «آخر كدبة» لأحمد بدرخان 1950 والتي رحلت قبل أن تحضر حفل افتتاحه تماما كما فعل نجيب الريحاني في فيلم غزل البنات، وكما فعلت اسمهان في فيلم «الفنان العظيم» مع يوسف وهبي وأنور وجدي!
قال عنها الفنان الكبير زكي طليمات عندما شاهدها أول مرة، انها عطر يتنفس عنها فيلهب الحواس، وسيجارة بين الشفتين القرمزيتين، ثلاث جمرات تلسع من به فيض من الحيوية والاحساس، وتعلقت عيني بهاتين الشفتين الممتلئتين البارزتين. انهما اشبه بشفاء كأس الهوي التي اذا وقعت علي الجسم أنشبت حوافيها في أديمه، كنت استمتع لها وعيني تنتقل بين شفتيها ، ثم بين ذلك الشعر الغزير اللامع الذي كانت تطرحه من وقت لآخر وهي تتكلم فتثير السحر حولها، واتضح لي ان نقطة الارتكاز في جمالها انما تتألف من الشفاء ومن الشعر.
بهذه الفتنة الطاغية اقتحمت كاميليا عالم السينما، لتعبر عن قدرة المرأة علي أن تجعل الرجل ألعوبة في يدها، تسيطر عليه وتحوله إلي مجرم عندما تشاء، كما يحدث في فيلم «فتنة» لمحمود اسماعيل 1948، أو علي الأقل، تورطه في أكثر من جريمة كما في «امرأة من نار» ليجاني فيرنيشتو 1950!
القطة هند رستم
ثم تظهر قطة السينما المصرية السيامية الدلوعة هند رستم، ولقد ورثت هند رستم الكثير من الفاتنة كاميليا.. بشرة بيضاء، شفتين مكتنزتين، عينين ناعستين، شعر أصفر ، نظرات واعدة توحي بأنها قريبة الوصال!
كانت بدايتها مجرد كومبارس وأدوار ثانوية ثم قدمها المبدع حسن الامام في عام 1955 لبطولة فيلم « بنات الليل».. ومن بعده فيلم «الجسد» وقدمت فيهما دور فتاة للمتعة.. تنتهي حياتها بالموت!
وفي رأيي أن هند رستم أكثر اثارة وأكثر أنوثة وأكثر احساسا بالموقف السينمائي.. فضلا عن انها ممثلة رائعة تعيش الدور بكل كيانها.. وبكل احساسها.
واذا لم يصدقني أحد فإنني أدعوه لمشاهدة أفلام «صراع في النيل» مع رشدي أباظة، و»أنت حبيبي» مع فريد الأطرش و»باب الحديد» مع يوسف شاهين!
هذه النهاية الميلودرامية، المداهنة أخلاقيا، مكررة في العديد من أفلام تحية كاريوكا وكاميليا وبرلنتي عبد الحمي فيما بعد، ولكن توبة سامية جمال، ويقظة ضميرها في «قطار الليل» لعز الدين ذو الفقار 1953 و»زنوبة» لحسن الصيفي 1956 وتخليها عن العصابة التي تنخرط فيها، ينقذها في الوقت المناسب.
من النماذج التي درجت هند رستم علي تقديمها نموذج المرأة التي يقع عليها أبشع الوان الظلم وتعمل ، طوال الفيلم بأنوثتها ، علي الانتقام ممن ظلمها. انها في «الأخ الكبير» لفطين عبد الوهاب 1958، و»رجل بلا قلب» لسيف الدين شوكت 1960، و»نساء وذئاب» لحسام الدين مصطفي 1960، تتحول من ضحية الي جلاد، تسير في طريق الشر، باصرار حتي لو كان دمارها في نهايته.
ظهور برلنتي
أما برلنتي عبد الحميد ففي عام 1955 قامت ببطولة فيلمين: «درب المهابيل» لتوفيق صالح ، « ورنة الخلخال» لمحمود ذو الفقار، ومن بعدهما «سر طاقية الاخفاء» وبعيدا عن المواصفات الهوليوودية بدت برلنتي كصناعة مصرية خالصة: بشرة خمرية اللون مع ميل للسمرة، وجه عريض مملوء، شعر فاحم السواد، لا يخلو من تشعث، مغطي بمنديل رأس، جسم يتفجر بالأنوثة علي الرغم من انه أبعد ما يكون عن مواصفات المانيكان، وهي تعطي احساسا بأنها بالملاية التي تلف بها بدنها، عاشت حياتها كاملة، في الحارات والأزقة الشعبية!
في أفلامها، تظهر برلنتي كمثيرة للغرائز، ومطفئة لها. انها في رغباتها الجائعة ورعونتها، تعتبر النموذج الأكثر نقيضا لنجمات من نوع أمينة رزق وماري كويني وفاتن حمامة ومريم فخر الدين. انها حميمية مع صديق زوجها في «فضيحة في الزمالك» لنيازي مصطفي 1959
علي الرغم من النهايات الفاجعة التي تلقاها برلنتي وزميلاتها فإن تألقهن علي الشاشة يعني في بعد من أبعاده اعترافا برغبات واحتياجات وقدرات المرأة، التي أخفتها السينما المصرية طويلا. ان حضورهن علي النحو الذي ظهرن به يعتبر جرأة من سينما محافظة إجمالا، دفع بالمخرجين لتقديم مواقف ومشاهد لم تظهر علي الشاشة من قبل، أو من بعد.
فهاهي تحية كاريوكا مثلا في «شباب امرأة» لصلاح أبو سيف 1956 ترمق جسم الشاب القوي، المدد علي الفراش، فتتفجر الرغبات في أعماقها، لتنعكس بوضوح علي ملامح وجهها!
وهاهي برلنتي عبد الحميد مثلا في «رنة الخلخال» تتنصت من وراء باب مغلق علي مداعبات ابن زوجها لزوجته ، فتعصف بها شهوة تنطلق بها نظراتها المتضورة جوعا . هنا يحقق الأداء التمثيلي متسويات رفيعة!
ملحوظة من عندي: من المؤكد ان شعر رأس مخرجي العصر الذهبي للسينما المصرية صلاح أبو سيف ، توفيق صالح، يوسف شاهين، عزالدين ذو الفقار، فطين عبد الوهاب.. سوف يشيب وربما يسقط كله اذا تفرجوا علي أفلام نجمات الاغراء هذه الأيام.. مجرد عري ومشاهد مقززة علي الشواطئ وفي غرف النوم، وجنس فاضح لا يختشي ولا يداري طوال الفيلم بالمايوه، أو فوق السرير يعني لا اغراء ولا تمثيل ولا يحزنون.. مجرد لحم رخيص وعري زيادة عن اللزوم وهبل أزلي واللي ما يشتري يتفرج. ويسمون هذا سينما وفنا وأفلاما شبابية وهي في الحقيقة أفلام هبابية ما أنزل الله بها من سلطان!
حتي أفلام كبار النجوم نجد فيها مشاهد ساخنة تثير المشاعر رغم ان الفيلم نفسه لايحتاجها ولا المتفرج أيضا!
ثم يأتي زمان تشرق فيه شمس السينما المصرية بنجمات في وزن سعاد حسني ونادية لطفي وهن ينافسن النجمات الملائكيات والشريرات معا.. وهن للحق آخر جيل الممثلات العظيمات ودمتم!
ومازلنا نشاهد معا في عرض خاص شريط قصة حب ابيض وأسود.. عمرها في حياتنا 100 سنة وزيادة {!
هذه صفحات مجهولة من صفحات الاهرام عبر مشوار صحفي طوله نحو 140 سنة.. للاجيال الصحفية التي تبشر بخير كثير في رحلة الشقاء والمعاناه وحب مصر
Email:[email protected] H
لمزيد من مقالات عزت السعدنى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.