هى المرة الأولى فى تاريخ الدولة الموريتانية التى تستضيف فيها القمة العربية، إذ بادرت الحكومة الموريتانية اثر اعتذار الحكومة المغربية عن استضافة القمة العربية فى مارس الفائت، إلى إعلان ترحيبها بعقد القمة العربية فى نواكشوط عاصمة الدولة الموريتانية، وبدأت الاستعدادات لعقد القمة العربية فى نهاية شهر يوليو الحالي. وشاءت الصدف ان اقوم بأول زيارة لى إلى العاصمة الموريتانية فى رحلة عمل، تتعلق بإنشاء خط جهد عال لنقل الكهرباء من العاصمة نواكشوط إلى نواذيبو (أهم موانئ موريتانيا) بطول نحو 500 كيلومتر، وهو مشروع أسند إلى شركة سعودية كبرى مع اتحاد مقاولين، بتمويل من الصندوق السعودى للتنمية، بتكلفة إجمالية تقدر بحوالى 150 مليون دولار عن الصفقة الأولي، ومثلهم لمشروع الصفقة الثانية لإقامة محطات توليد الكهرباء بمصادرها المختلفة. ووجدت موريتانيا دولة بكرا، لديها الصحراء والمحيط، وشعب طيب الأعراق، يتحدث اللغة العربية الفصحى بطلاقة، وتنتشر اللغة الفرنسية بين دواوين الدولة، شعب لديه انتماء عربى أصيل، باعراقه العربية والامازيغية والإفريقية، بتعدد ثقافاته، عدده لا يتجاوز الثلاثة ملايين نسمة، يعيشون على مساحة تصل إلى : 1.030.700 كم2- أى تعادل مساحة مصر. والبلد لديها الكثير لتعطي، مما هو فى باطن الصحراء من معادن حديد ونحاس وجبس وفوسفات وغيرها من الثروات الكامنة فى الأرض البكر، وغيره مما هو كامن قى قاع المحيط إلى جانب ما تتميز به من ثروة سمكية هائلة، حيث جاء الصيد كواحد من أهم الأنشطة فى البلاد. فى مقابلة مع أحد الوزراء الموريتانيين السابقين، بادرته مباغتا: لديكم فرصة عظيمة لتصبحوا دبى درة الاقتصاد فى دول المغرب العربي، على غرار دبى درة الاقتصاد فى دول الخليج العربي، ولتحقيق هذا الحلم، عليكم بالمبادرة إلى إعلان تحويل الدولة الموريتانية ككل إلى دولة حرة اقتصادية، حيث لا ضرائب ولا رسوم جمركية، اتفاقا وتعبير استاذنا الدكتور محمد طلعت الغنيمى طيب الله ثراه المدينة الحرة فى مفهومها الاقتصادى : هى المدينة التى لا سيد لها من الناحية الجمركية والضرائبية». أو ان تتلمس خطى محمد على باشا فى مصر وكيف حقق الطفرة الكبرى فى مصر فى جميع ميادين الحياة، ولتحقيق هذا الحلم الموريتاني، اقترحت على معالى الوزير الموريتانى ان تنتهز الحكومة الموريتانية فرصة انعقاد القمة العربية القادمة، لتقوم بطرح مبادرتين اقتصاديتين. الأولى اقتصادية انسانية - موجهة للاتحاد الأوروبى تعلن فيها موريتانيا استعدادها لاستقبال مليون لاجيء عربي، ممن لجأوا إلى الدول الأوروبية، بذات الشروط التى اعلنت تركيا استعدادها لاستقبال عدد مماثل منهم خاصة ان الظروف مواتية الآن للاستجابة لتلك المبادرة بعد الأوضاع المأساوية التى تمر بها تركيا هذه الأيام - وعندها تستطيع الحكومة الموريتانية بالأموال التى ستضخ إليها من الاتحاد الأوروبى ان تنشأ مدينة جديدة شمال نواكشوط، أو تطور من مدينة نواذيبو لتستقبل فيها هؤلاء المهاجرين، وتمنحهم على الفور الجنسية الموريتانية مع احتفاظهم بجنسيتهم الأصلية جنسية مزدوجة - وعندها سيساهم هؤلاء ليس فى بناء المدينة الموريتانية الجديدة، وإنما فى بناء الدولة الموريتانية الحديثة، وفى اقامة حلقة وصل جديدة بين موريتانيا وأوروبا. المبادرة الثانية اقتصادية صرفه : موجهة لدول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بفتح موريتانيا للاستثمارات الخليجية فى ضوء تحويل موريتانيا لدولة حرة اقتصادية بلا ضرائب، بلا جمارك، لتشهد طفرة اقتصادية مماثلة لما شهدته وتشهده دبي، خاصة وان موريتانيا تفتح مع وصول ضيوف القمة العربية مطار نواكشوط الجديد. المسمى «أم التونسي» وهى تذكرة لموقعة «أم التونسي» التى وقعت بين ثوار موريتانيا، والاحتلال الفرنسى وقتذاك، وانتصرت فيها المقاومة الشعبية. ويضحى تبنى القمة العربية للمبادرتين الاقتصاديتين، انتصارا للقمة العربية ذاتها. ترى هل تنتهز موريتانيا الفرصة وتعلن تلك المبادرات؟ وهل تتلقف القمة العربية، وهى بعد تحتفل بقادم جديد، هو الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، هذه المبادرات؟ لمزيد من مقالات حسن أحمد عمر