قل إنها الخسة بعينها والنذالة بقبحها والجريمة بوحشيتها قل ماشئت بأبشع الألفاظ وأشد العبارات وأحط اللغات وأقصى الكلمات وأسوأ المفردات لأننا أصبحنا بالفعل فى زمن العبر بعدما هانت الدماء سفكا وانهارت جسور المودة والحب والرحمة عمدا وانقطعت صلة المصاهرة وسادها الجفاء فتعددت جرائم القتل العمد وأريقت دماء وأزهقت أرواح لأسباب تافهة وتنوعت حالات الغدر والغيلة. حيث باتت ظاهرة تهدد المجتمع وتوالت حالات قتل الأقارب تهطل كالمطر فى مركز كوم حمادة الذى يتألم ويئن ويرتدى وشاح الغم وأضحى حزينا واكتسى بغبار الهم فبدلا من أن ترى أقرب الناس إليك يشاركك اللحظة ويفرح لفرحك ويحزن لحزنك ويساندك فى الأزمة ويقف معك عند الشدة ويشعرك أنك لست وحيدا فى مواجهة عواصف ومشاكل الزمن الغابرة التى تكبل الجميع ، تجد أن اليد الحانية صارت حمقاء تغرس سكينا فى القلوب والعش الدافئ مقبرة لدفن الرحم الموصول. فلم يدر بخلد «أحمد محمد» ذى ال 36 ربيعا أن شقيق زوجته يضحى بصلة الدم والرحم فى لحظات شيطانية ويكتب نهايته المأساوية بسبب خلافات أسرية تافهة ويتحول إلى عدو يفتك بصهره ويتناسى هذه العلاقة المقدسة ولن يكن يتصور أن طائر الموت الحزين ينتظره فى منزل أسرة زوجته بقرية «علقام» ليحتضنه ويخطفه فى لحظة سوداوية غادرة ليستكمل حلقة جديدة ومؤلمة من حلقات دراما الموت التى تعد سابع جريمة قتل تشهدها قرى المركز خلال الشهور الثلاثة الأخيرة ولم يعلم أن أقرب الناس إليه سيكون سببا فى أن يعيش ابنه يتيما قبل أن يرى نور الحياة الدنيا حيث ان زوجته تنتظر مولودها الأول خلال شهر . فقد جعل رضا البلكيمى 25 عاما «مزارع» صاحب القلب الصلد من نفسه القاضى والجلاد والخصم والحكم وعصف بأواصر القربى واستباح دماء زوج شقيقته فى ليلة رسم فصولها إبليس بنفسه بعد أن نشبت بينهما مشادة كلامية تطورت إلى مشاجرة لاصرار الزوج عودة الزوجة إلى منزلها بقرية «أبوالخاوى» دون موافقة أهلها بعد غياب استمر 40 يوما لأن زوجها كان دائم الشجار معها ولا ينفق عليها رغم مرضها فهجرت عش الزوجية لشدة بخله وفجاة زاد الشعور البغيض ودون وعى تمكن خلالها «أحمد» أن يستل سكينا وظل يطارد «رضا» بالشقة وحاول الانقضاض عليه دون رحمة أو استجابة لتوسلاته إلا أن قوة خارقة سكنت الجسد العليل فأمسك «رضا» باليد التى حاولت قتله وبيده الأخرى أخذها بقوة ودارت المعركة الشرسة بينهما وصاحت الزوجة بأعلى صوتها للاستغاثة بالجيران ولم يتمكن الضحية من الهروب بجلده من براثن هذا الشيطان. وكان القدر أشد قسوة حيث سدد شقيقها طعنة نافذة فى القلب ليسقط صريعا مضرجا فى دمائه حيث تعالت اصوات آذان المغرب وبدأ سكان العقارات المجاورة يستطلعون الأمر ودوت صرخات القتيل فى المنزل وفى لمح البصر تجمع أهالى القرية الهادئة وكان المشهد أقسى من أن يوصف وانزوى القتيل فى ركن الشقة وآثار الدماء ملطخة على الحوائط والأرض ولم يجد الناس أى شىء يفعلونه سوى الاتصال بالعميد حمدى حميده نائب مأمور كوم حماده واثر ذلك تحركت قوة من رجال الأمن على رأسها اللواء محمد خريصة مدير الادارة العامة لمباحث البحيرة وتمكن المقدم محمد أبوغزاله رئيس مباحث المركز من القبض على الجانى وكبلوه بالأغلال الحديدية وهو يوارى وجهه من الحياء والخجل وفى نفس الوقت ذرفت عينا شقيقته بالدمع وتمزقت مشاعرها وغلب عليها الصراخ المستمر والفزع والارتجاف تنادى بأعلى صوتها من هول الصدمة وهى ترى جثة زوجها مسجاة على الأرض وشقيقها على أعتاب السجن ليقضى بقية عمره خلف الأسوار وتمنت لو أنها تفارق الحياة قبل أن ترى هذا المشهد الكارثى، وأحيل المتهم إلى المستشار كريم عبداللطيف رئيس النيابة واقر بجريمته.