زنجبار او زنزبار كما تنطق باللغات اللاتينية هى إحدى درر الكون المكنونة. قطعة من الارخبيل الرائق المذهل التى مازالت عنوانا للبكارة والنضارة ولطف الطبيعة و البشر معها. ربما سمعت هذا الاسم كاحد اشهر المنتجعات صاحبة الصيت العالمى مع اخواتها جزر الكنارى والمالديف وغيرهما. زنزبار هى الاخرى مجموعة جزر تابعة لتنزانيا موجودة بالمحيط الهندى، ويطلق عليها احيانا جزر البهار واحيانا اخرى جزر القرنفل نسبة الى البهارات،والى القرنفل تحديدا الذى يزرع بها. ومازالت اللمسة الطبيعية او حتى البدائية موجودة بها من شواطئ تلهب الالباب برمالها الحانية، و طبيعة صديقة للإنسان غير متوحشة ونخيل واشجار تطل عليها تخلع القلب من جمالها وظلالها، وفوق ذلك بشر يمتزج فيهم طيب السلوك مع لطف الطلة، مما يجعل قضاء بضعة ايام فى هذة الجنة الارضية من النصيب والرزق الجميل فى هذه الدنيا. زنجبار ليست فقط مكانا رائعا لقضاء وقت مدهش مفعم بالخيال لكنها تاريخ عظيم ورائع ومثال جميل لاشياء مهمة فى عالمنا العربي. حيث دخل الاسلام هناك فى نهاية القرن الاول الهجرى عن طريق الرحالة والتجار، وقد تأكد ان ابناء عمان لهم تاريخ عظيم مع هذه الجزر و يعتبر ان لهم مصيرا مشتركا صنعته المغامرة ثم المصاهرة والاختلاط فيما بعد. وفى بداية الاسلام ارسل الحجاج بن يوسف الثقفى لحكام عمان للخضوع وعندما رفضوا حرك باتجاههم جيشا لا طاقة لهم به ففروا الى زنجبار. مما يؤكد سابق تواجدهم هناك. وتوالى الحكام العمانيون لزنجبار اذ لم افاجئ بوجود الكثيرين منهم بملابسهم التقليدية فى أروقتها. لكن اشهر هؤلاء الحكام كانوا عائلة البوسعيدى وتحديدا سعيد البوسعيدى الذى صنع نهضة هذا البلد وإدخل بها زراعات عظيمة استجلبها من الخارج كالمانجو وجوز الهند والقرنفل الذى يوجد منه هناك 4 ملايين شجرة. لكن كالعادة لم يترك الاستعمار هذه الجنة فى انعزالها الجميل بل اخترق الانجليز عالم السلطان البوسعيدى و اجبروه على التعاون معهم اقتصاديا ومن بعدهم الامريكان حتى وصلنا عام 1964 لواحدة من اهم الصفحات السوداء بالتاريخ، عندما حدثت مذبحة زنجبار بخطة بريطانية و التى قتلت ورحل ثلاثة أرباع العرب الذين يعيشون هناك بهدف التطهير العرقى و إنهاء وجود المسلمين بها. اليوم بعد اكثر من اربعين عاما على الواقعة نجد 95 % من السكان مسلمين حيث إن من طبائع الامور انك لا تستطيع ان تفرض دينا وثقافة على اى شعب. ومنذ تلك المذبحة تم ضم تنجانفيا المجاورة الى زنزبار واخذ اول حرف من المنطقتين وصنع ما يسمى بتنزانيا الان. و زنجبار هى افضل تجسيد لكيفية انتشار الاسلام فى العالم وفى افريقيا تحديدا عن طريق التجار والبحارة، وقد ارخ لذلك الكثيرون منهم الرحالة الاسطورى ابن بطوطة الذى ارتحل من ميناء عدن اليمنى الى سواحل الشرق الافريقى. و الحق ان تمازج الثقافات العربية والافريقية بالاضافة لتأثيرات الحضارة الإسلامية أوجد شخصية لاهل هذا البلد. ان الحياة مع طبيعة مستأنسة وصديقة للانسان والحضور المتوغل للجمال بكل صوره البسيطة والرائعة جعل اهلها طيبين و لطاف المعشر الى اقصى الحدود. هنا يحيا الانسان جنبا مع جنب مع غابات من البهارات وشواطئ حجرية واشجار جوز هند عملاقة وممر اسطورى من اشجار المانجو والكثير الكثير من حرفة الصيد التى يمتهنها الغالبية هنا. البحر الهادئ المطل على المحيط الهندى والاسماك والرياح التى تستحق البقاء لساعات طويلة للاستماع لهديرها ورقرقات النسيم والهواء العليل و هدير الامواج برقة وحنو ، كل ذلك كفيل بجعل زنزبار جنة ارضية وكفيل بجعل اهلها يتأثرون بظلالها الكونية الوارفة. ومن اعتاد على السفر مثلى يستطيع لمس الطزاجة والاستثنائية فى هذا المكان وأهله. الفن هنا متألق كذلك فى اعظم صوره وقد اثر على طريقة معيشة البشر. فلا تجد فندقا او بيتا إلا وبه لمسات أصيلة من المنمنمات الخشبية المستمدة من الحضارة العربية بروافدها المتعددة. و المنطقة الاساسية بزنزبار اسمها مدينة الحجر ( ستون تاون) وبها ملامح هذا الاسلوب العربى الافريقى الممتزج فى عمارة المبانى وديكوراتها الداخلية. ومن اشهر الفنانات اللائى مزجون الالحان العربية بالغة السواحيلية ستى بن سعد وفاطمة بن بركة: وقد تطورت الموسيقى هناك فى رحابهن من ايقاعات افريقية اخاذة مع ميلوديات الربع تون العربى المتنوعة لتكونا مثالا باقيا على الامتزاج الثقافى لبلدهن. لمزيد من مقالات احمد عاطف