وصلتنى هذه الرسالة الجميلة من الدكتورة «راوية إسماعيل»، خبيرة المصريات، وذلك تعقيباً على مقال «رحلة فى أطراف العالم»، والذى طرحت فيه - بشكل تخيلى - رحلة إلى أطراف العالم، حيث الجزر الاستوائية والغابات العذراء والجمال الكونى الآسر. ■ ■ ■ تقول الرسالة: «لم أستطع أن أمنع نفسى من أن أشاركك تجربتى الرائعة حديثا مع جزيرة الأحلام، التى تحدثت عنها اليوم. لأول وهلة وأنا أقرأ مقالك اليوم تصورت أنك - مثلى - كنت تقضى العيد فى زنجبار. فلقد وجدتك تصفها بالضبط وكأنك تراها، ولكننى حينما أدركت أنه مجرد خيال، صممت أن أحكى لك فى عجالة عن رحلتى هناك. ■ ■ ■ زنجبار.. هذه الجزر الساحرة الواقعة بالمحيط الهندى فى شرق أفريقيا، شىء يذكرنا ببدء الخليقة. تصور يا سيدى.. مليون نسمة ومليون شجرة قرنفل هناك! جزيرة من أبدع ما خلق الله سبحانه وتعالى من طبيعة ساحرة وهدوء آسر وسكان غاية فى الطيبة، وتاريخ طويل وقصص قديمة وحكايات. عشرة أيام قضيتها لم أسمع فيها غير صوت الطبيعة فى جزيرة بكر لم تُغيّر تعديات البشر بساطة التكوين. لأول مرة فى حياتى أدخل غابة استوائية، جنّة هى جنّة بحق، سعادتى كانت أكبر من أن أصفها، وأنا أشاهد أشجار القرفة والقرنفل والبن والشيكولاتة والفانيليا والحبهان، وأشجار الفاكهة الاستوائية والمانجو والباباى. المبانى معظمها من دور واحد، وأعلى مبنى فيها - باستثناء القليل من المبانى الحكومية - لا يتعدى ثلاثة أدوار. وشواطئ من أجمل ما رأت عيناى: رمال بيضاء جميلة تحتضن مياهاً فيروزية رائعة لا يشوهها أى منظر مما نسميه الحضارة وأسميه أنا قلة إحساس. ■ ■ ■ كنت فى السيارة مع أخى وعائلته، وإذا بالسائق يركن على جانب الطريق بعدما سمعنا نفير سيارة خلفنا. بعدها بأقل من نصف دقيقة إذا بى أجد موكبا من سيارتين وموتوسيكل، تبين أنها سيارة زوجة رئيس الجزيرة. الأمر لم يتعد الدقيقة (أتذكر كم نبقى فى نفس الموقف سجناء!). ■ ■ ■ أدهشتنى مشاهدة المواطن الزنجبارى وهو يصعد إلى قمة نخل الجوز الأملس بسرعة مذهلة فى دقيقتين. وأسعدتنى رؤية مجتمع مسلم أكثر محافظة من المجتمع المصرى، ورغم ذلك تعمل المرأة فى محطة البنزين ومنادية فى موقف السيارات وشرطية مرور. ■ ■ ■ لكن المدهش أننى رغم كل هذه السعادة، وجدتنى أتمنى العودة لأحضان بلدى، مصر، حبى الوحيد، التى مهما زرت من بلدان تظل دائماً فى القلب. وطوال رحلة العودة - التى لم تكن قصيرة - رحت أسأل نفسى: (وأسأل السحاب كذلك): ما الذى أوحشنى بالضبط؟! الزحام.. القمامة؟.. أم هو التعب ووجع القلب؟! ثم أخبرنى السحاب بالإجابة: إنهم الأهل والأحباب. مصر التى خلقها الله جنة على الأرض، ولكننا شوهناها بأيدينا، فعسى أن نتكاتف جميعا لنزيل هذه السلبيات. [email protected]