شيخ الأزهر للرئيس الإيطالي: ننتظر إعلان الاعتراف بدولة فلسطين    نواب الأمة    اجتماع استثماري سعودي سوري في الرياض    توفير التدريب وفرص التشغيل.. أبرز حصاد «العمل» بالمحافظات    محافظ كفر الشيخ يناقش عددًا من الشكاوى في لقاء المواطنين    تعرف على تفاصيل صرف الزيت التمويني بعد إضافة عبوة جديدة    الصحة اللبنانية: شهيدان في غارة إسرائيلية على بلدة البياض بقضاء صور    استمرار محادثات السلام بين باكستان وأفغانستان لليوم الثالث في ظل توترات حدودية    إيفان تونى يقود هجوم الأهلى السعودى أمام الباطن فى كأس خادم الحرمين    فيديو متداول ل«افتتاح ملعب بالعراق من إهداء الملك سلمان».. ما حقيقته؟    حقيقة انسحاب الزمالك من السوبر المحلي    يايسله يعلن تشكيل أهلي جدة أمام الباطن بكأس الملك.. مفاجآت بالجملة    ضبط 1200 لتر زيت طعام و1750 كجم طحينة مجهولة المصدر داخل مصنع بالخانكة    ضبط مخزن به 2800 لتر زيوت سيارات مجهولة المصدر بالخانكة    أمين خارجية «المصريين»: افتتاح المتحف المصري الكبير نقطة تحول تاريخية للعالم    فاز بجائزة الجونة البرونزية.. فيلم المستعمرة يشارك بمهرجان البحر الأحمر    بعد إعلان عرضه.. تفاصيل مشاركة مهرة مدحت بمسلسل كارثة طبيعة بطولة محمد سلام    المخرج سعد هنداوى يطالب بتكريم عادل إمام ببناء دار عرض تحمل اسمه    هل يضاعف حساب الذنوب حال ارتكاب معاصي بعد العمرة أو الحج؟.. فيديو    في ملتقى عالمي بالرياض د.خالد عبد الغفار: العائد الاستثماري في الصحة يحقق أربعة أضعاف    لدغة أنهت حياة طفل أردنى.. كيف تنقل ذبابة الرمل السوداء العدوى وما الإسعافات    «زي المطاعم».. كباب اللحم بتتبيلة الزبادي والبهارات    شيخ الأزهر للرئيس الإيطالي: ننتظر إعلان روما الاعتراف بدولة فلسطين (صور)    إيهاب فهمى ووفاء مكى يقدمان واجب العزاء فى شقيق فريدة سيف النصر    مكتبة مصر العامة تحتفي بالتراث الفلبيني في احتفالية ومعرض فني بعنوان باجكيلالا – الاعتراف    النيابة تصرح بدفن جثمان طفل شبرا الخيمة بعد انتشاله من بلاعة    هل على العقارات المؤجَّرة زكاة؟.. أمينة الفتوى بدار الإفتاء توضح    رئيس المركزي للمحاسبات يفتتح أعمال المجلس التنفيذي ال79 للإنتوساي بشرم الشيخ    الأهلي يختتم استعداداته لمواجهة بتروجيت وسط تركيز عالٍ وتظلم رسمي ضد الكاف    ملك الأردن: لن نرسل قوات إلى غزة ومستعدون لدعم الشرطة الفلسطينية    محمد صلاح ضمن قائمة المرشحين لأفضل 11 لاعباً فى العالم من فيفبرو    تأجيل محاكمة 89 متهما بقضية "خلية داعش مدينة نصر" لجلسة 11 يناير المقبل    حكم طلاق المكره والسكران في الإسلام.. الشيخ خالد الجندي يحسم الجدل ويوضح رأي الفقهاء    مدير تعليم سوهاج يشارك في الاجتماع التنسيقي لتنفيذ مبادرة الأنيميا والتقزم    اعرف وقت الأذان.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 فى المنيا    «فنانون ومبدعون».. ما هي الأبراج التي تتمتع بخيال واسع؟    جدول مواقيت الصلاة غدًا الثلاثاء 28 أكتوبر بمحافظات الصعيد    بث مباشر.. الفتح في ضيافة الرياض الليلة الساعة 5.35 في دوري روشن السعودي 2025    متي يبدأ العمل بالتوقيت الشتوي 2025؟    لجنة فلسطين بالبرلمان العربي تعتمد مجموعة من التوصيات لدعم القضية    مصر تواصل إرسال مساعداتها إلى غزة.. وصول شاحنات وقود وغاز (فيديو)    عاجل- إنهاء حالة الطوارئ في جنوب إسرائيل لأول مرة منذ 7 أكتوبر    رسمياً.. يوفنتوس يقيل تودور بعد أسوأ سلسلة نتائج منذ 2009    مشهد صادم على الطريق.. سائق ميكروباص يدخن "شيشة" وهو يقود في الإسكندرية    رئيس الوزراء يتابع مع محافظ بورسعيد عددًا من المشروعات الاستثمارية الجاري تنفيذها في المحافظة    مفتي الجمهورية: الجماعات المتطرفة توظف العاطفة الدينية للشباب لأغراضها الخاصة    أول صورة لضحية حادث تصادم سيارتين ملاكي وتريلا في قنا    «تعليم أسيوط» يعلن تلقى طلبات الراغبين في العمل بالحصة لمدة عشرة أيام    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة بعنوان «أخلاق التعامل مع السائح» بجامعة الغردقة    المشاط: الإحصاءات تُمثل ركيزة أساسية في صنع القرار ودعم مسيرة التنمية    شيخ الأزهر في القمة العالمية للسلام بروما: لا سلام بالشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية    هل ستتعرض القاهرة الكبري لأمطار خلال الساعات المقبلة ؟ الأرصاد تجيب    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    أسعار اللحوم اليوم الاثنين في شمال سيناء    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو الاعتداء على كلب في الدقهلية    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن مَضارّ الكلام الساكت

الكلام الساكت هو التعبير الذى أبدعه الأشقاء السودانيون فى الإشارة لذلك النوع من الكلام الذى لا معنى له .. تتحرك به الشفاه والألسنة لكنها فى الحقيقة لا تقول شيئاً .. وتخط به الأقلامُ آلاف المقالات الفارغة التى تملأ الصُحُف ولا تقرأُ فيها شيئاً وكأنها كُتِبَت بالحبر السرى .. وتثرثر به ألسنة مذيعى البرامج وضيوفهم وتعلو أصواتهم على عشرات الفضائيات فى اللا موضوع وكأنك أمام مذيعٍ واحدٍ مستنسخ له أشكالٌ متعددةٌ وصوتٌ واحدٌ هو صوت السكون .. انظر إلى الأبيات التالية:
الأرضُ أرضٌ والسماءُ سماءُ …. والماءُ ماءٌ والهواءُ هواءُ
والبحرُ بحرٌ والجبالُ رواسخٌ …. والنورُ نورٌ والظلامُ عَمَاءُ
والسهلُ سهلٌ والعَنَاءُ عناءُ …. والصُبحُ صُبحٌ والمساءُ مساءُ
هل يمكن أن نُسَمِّى هذا الذى قاله ابن سودون شِعراً حتى لو التزم بقواعد العَرُوض؟ هو كلامٌ مرصوصٌ موزونٌ ومُقَفَّى لكنه بلا نبضٍ ولا يُضيف شيئاً .. وهو بالقطع ليس شعراً وإنما هو (كلامٌ ساكت) ..
لكن مَضَّار الكلام الساكت تتجاوز الأفرادَ إلى الأنظمة والدول .. يقول الكاتب الراحل مصطفى الحسينى فى مقالٍ له سنة 2000 (يتهدد المجتمع بالموت عندما يصبح الكلام الساكت لغة المثقفين .. عندما يستغرق المثقفون فى التبرير والتبخير.. عندما يستسلمون لتلقى التوجيهات .. عندما يقبلون الالتزام «بالخط» .. يتهدد الموت المجتمع عندما يكف المثقفون عن الاعتراض .. الاعتراض هو شرارة الجدل).
رَحِمَ اللهُ مصطفى الحسينى الذى أثبتت التجارب صحة ما قاله قبل ستة عشر عاماً .. لذلك أتعجب من جُرأة أو وقاحة ما يدَّعيه الإعلامُ المباركى العائدُ والسائدُ بأمواله المشبوهة .. فبعد أن نجح بطريقة (الزنِّ على الودان) فى تشويه قِيَمٍ إنسانيةٍ بديهيةٍ بعد وَصْمِ المنادين بها بالعمالة والخيانة والجيل الرابع والطابور الخامس وصربيا والنبضة الكهرومغناطيسية ومجلس إدارة العالم إلى آخر هذه الترهات، حتى صارت حقوق الإنسان عند العامة مُرادفاً للاسترزاق، وصار احترامُ الدستور نوعاً من السذاجة، استدار ليركّز سهامه على حرية التعبير مِنحة الله للإنسان، فما يكاد أحدٌ ينطق بها إلا ويُواجَه بالصرخة الأكلاشيه (عاوزينا نسقط زى العراق وسوريا وليبيا؟) وهى عبارةٌ تتجاوز الكذب البواح إلى امتهان عقول مستمعيها .. وهل كان فى هذه الدول الحبيبة أى مساحةٍ من حرية التعبير؟ .. هذه الدول بالذات لم تُسقطها الديمقراطية وإنما أسقطها الكلامُ الساكتُ .. الكلامُ الساكتُ هو البديلُ الديكتاتورى لحرية التعبير.
ليس مُصادفةً أن كل هذه الدول كانت نماذج للكلام الساكت والصوت الواحد .. كان فى عراق صَدَّام عشرات الصُحُف المزدحمة بالمقالات التى لا تقول شيئاً إلا تمجيد القائد المعصوم من الخطأ .. وصار بلدُ الشِعر خلواً من الشعراء رغم عشرات المهرجانات الباذخة التى لم يكن يُسمح فيها إلا بالشعر الساكت .. لذلك كان لافتاً أننا لم نسمع طوال هذا العهد الأبكم عن شاعرٍ عراقىٍ حقيقىٍ إلا فى منفى أو قبر .. فالشعرُ حرية .. كان للرجل إنجازاتٌ لعل أبرزها إقامة قاعدةٍ صناعيةٍ حقيقية وتصنيع عسكرىٍ متقدم لَامَس حافةَ السلاح النووى .. ولكن كل ذلك كَنَسَه الكلامُ الساكت .. لأن الصمت يُفاقم الأخطاء .. قُل مثل ذلك على كل من سقط من دول .. جمع بينها الداء نفسه .. اعتبارُ كلِ نقدٍ خيانة وكل صوتٍ مختلفٍ عمالة .. هذه دولٌ لم تُسقطها حرية التعبير وإنما أسقطها قَطعُ الألسنة وإذابة أيدى الكُتاب فى الحامض وتهشيم أنامل رسامى الكاريكاتير .. كل الدول عُرضةٌ للتآمر بلا شك، ولكن الدول التى لا تُحَصِّن نفسها بالديمقراطية تُسّهِّلُ على أعدائها مهمة تدميرها.
أتحدى أن يدلنا أحدٌ على دولةٍ واحدةٍ فى العالم أسقطتها أو عَطَلَّت نموها الديمقراطية وحرية الرأى .. لكن ما أكثر الدول التى هَوَى بها للقاع الكلامُ الساكتُ وصُنَّاعُ الطغاة .. فاللهم احفظ مصر ولا تُسكِت للمصريين صوتاً ولا قلماً ولا ضميرا.
لمزيد من مقالات م يحيى حسين عبد الهادى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.