تفاقمت في الآونة الأخيرة أعداد حشرات الناموس، ليس في المناطق الريفية وحسب، ولكن أيضا في المدن، مما جعلها ظاهرة لافتة للأنظار في مصر، خاصة مع ارتباط الناموس بنشر العديد من الأمراض المرتبطة بسوء الحالة البيئية، وذلك وفق خبراء في البيئة والصحة العامة. في البداية، تتعدد شكاوي المواطنين من انتشار الناموس في أماكن مختلفة من الجمهورية. ففي محافظة الجيزة يقول عبد الله سيد - من سكان المريوطية - إن المنطقة تعانى جيوش الناموس والذباب المنتشرة بشكل مزعج خاصة مع انتشار مقالب القمامة في الشوارع بالإضافة إلى عدم وجود صناديق في الشوارع لجمع القمامة فضلا عن أن جامعي القمامة في المنطقة غير منتظمين مما يجعل الأهالي يلقون بها في الشوارع، بالإضافة إلى سيارات النقل التي تلقى بحمولاتها من مخلفات البناء في الشوارع الجانبية. وتقول الدكتورة أسماء إسماعيل، وهي من ساكني المريوطية أيضا: «قدمنا العديد من الشكاوى، ولكن بلا جدوى؛ لأن عدم وجود صناديق للقمامة مع عدم رصف الشوارع جعل الناموس والذباب والبراغيث تجد مأوى لها مما كان له أثر خطير على صحة أطفالنا، ونخشى عليهم من السير في الشارع لذلك نطالب المحافظة بالاهتمام بالمنطقة». وتقول علا مصطفى - من سكان الهرم - إن الناموس أصابها بتورم في الجلد من جراء لسعاته مما استلزم علاجا استمر أسبوعا على شكل دهان وأقراص دوائية. وفى محافظة الشرقية أشار حازم جويفل - من قرية الحجاجية بفاقوس - إلى أن الناموس منتشر طوال العام، ولكن مع زيادة حرارة الجو أصبح الأمر بشعا، «حيث أصبحنا نصلى في المسجد بصعوبة، علما بأن المبيدات لها أضرار خطيرة على أطفالنا، ومصرف بحر البقر هو المسبب الأكبر لزيادة أعداد الناموس والذباب، وفى السابق كانت الوحدة المحلية تقوم بالرش في المصرف لكنها توقفت مع ضعف الإمكانات المتاحة لها. والأمر هكذا، يقترح جويفل أن تقوم طائرات من القوات المسلحة برش مصرف «بحر البقر» باعتباره البؤرة الرئيسية لجحافل الناموس والذباب. ويشير شوقي عبد العزيز - بأنشاص الرمل - إلى أن الناموس موجود طوال العام لكنه تزايد في السنوات الأخيرة خاصة مع عدم اهتمام الوحدة المحلية برش الجاز الأبيض لحمايتنا من هجوم الناموس والذباب علينا. ويقول رضوان محمد - من كفر حمزة بالقليوبية - إن الناموس يوجد بأعداد رهيبة، ويسبب لنا تورما بالجلد من لسعاته لفترة، وبعدها يعود الجلد لحالته الطبيعية، وقد كانت الوحدة المحلية تقوم برش جاز، لكنه لم يكن يقضى على الناموس بل يفرقه ثم يعود لحالته نفسها. الحماية والحل يوضح الدكتور محمود السعداوى، أستاذ الصحة العامة بكلية الطب بجامعة الزقازيق، أن الناموس مرتبط بنشر أمراض الملاريا خاصة الخفيفة منها، التي تؤثر على الدم، حيث تكسر كرات الدم الحمراء، وتسبب رعشة وارتفاعا في درجة حرارة الجسم. كذلك يسبب الناموس مرض البلهارسيا، الذي يعد بدوره أحد أسباب انتشار فيروس (سى)، إذ إن فيروس (سي) يعد أضعف من فيروس الأنفلونزا، ويمكن للجسم القضاء عليه من خلال جهاز المناعة بنسبة 70% لكن الفيروس يتمكن من الجسم في حالة إصابته بأمراض البلهارسيا أو تليف الكبد أو إصابة الكبد بالسرطان لذلك فهو يتمكن من الجسم في حالة اعتلال الكبد. من جانبه، يوضح الدكتور محمد عبد الرازق البواب - استشاري بمستشفى بورسعيد العام - أن وجود الناموس يرتبط بوجود المياه الراكدة، ومقالب القمامة، لذلك فإن أحد السبل لمواجهته هي التخلص من تلك المسببات، وإزالة أماكن تكاثره، لذا لابد من وضع أسلاك على النوافذ والأبواب وارتداء الملابس ذات الألوان الفاتحة من أجل تجنب هجوم الناموس. ويضيف الدكتور محمد أن الناموس ينقل العديد من الأمراض، ومن أخطرها فيروس زيكا، وعادة ما يلسع في الساعات الأولى من الصباح، ومن أعراضه ارتفاع درجات حرارة الجسم والطفح الجلدي والتهاب الملتحمة وآلام بالمفاصل، ومن أخطاره إحداث تشوهات بالأجنة للسيدات الحوامل. الصرف مشكلة على الجانب الآخر يشير الدكتور أحمد رخا - رئيس الإدارة المركزية للتفتيش والالتزام البيئي بوزارة البيئة - إلى أن يرقات الناموس تنشط وتتكاثر في المياه الآسنة، وفى مياه الصرف الصحي، وليس الصناعي الذي يقتلها، لكنها تكون في يرقاتها حاملة للعديد من الأمراض كالفلاريا والتيفود والكوليرا. ويشير إلى أن العلاج يكمن في التغلب على مشكلة الصرف الصحي، وهو الدور المنوط بوزارة الإسكان والمحليات، وكذلك دور وزارة الصحة من خلال إدارة حملة الملاريا، التي تقوم برش الجاز الأبيض غير المحترق، على الرغم من أنه لا يقتل الناموس، لكن يشتته فقط. ويضيف الدكتور رخا أن وزارة البيئة تقوم - بالتعاون مع وزارة الإسكان - بالتفتيش على محطات الصرف الصحي، ورش المجارى المائية، مؤكدا أن زيادة أعداد الناموس تزداد مع ارتفاع درجات الحرارة خاصة مع بدايات موسم زراعات الأرز، إذ تظل المياه راكدة في الأراضى لمدة طويلة تمتد من الآن، حتى نهايات شهر سبتمبر المقبل.