تحت شعار «حياة السود تهم»، خرج عشرات الآلاف من الأشخاص فى مظاهرات فى عدة مدن أمريكية احتجاجا على وحشية الشرطة الأمريكية، وذلك بعد أسبوع من العنف شهد قتل الشرطة اثنين من الرجال السود بالرصاص، وبعد 24 ساعة من قيام مسلح بقتل خمسة من ضباط الشرطة فى مظاهرة مماثلة فى دالاس. يأتى ذلك فى الوقت الذى اختصر فيه الرئيس الأمريكى باراك أوباما زيارته إلى بولندا لحضور قمة حلف شمال الأطلنطى «الناتو» لزيارة دالاس. وكان مرتكب الحادث ميكا جونسون، وهو جندى سابق أسود، عمره 25 عاما، الذى خدم من قبل فى أفغانستان قد فتح النار على 14 من الجنود الأمريكيين، مما أسفر عن مقتل 5 وإصابة 9، واستخدمت الشرطة روبوتا لقتل جونسون. وانتشرت المظاهرات الغاضبة فى ولايات واشنطنونيويورك وأريزونا ولويزيانا وكاليفورنيا وجورجيا وتكساس وفلادلفيا. وأغلق المتظاهرون الطرق فى مدينة نيويورك وأتلانتا وفيلادلفيا، وجرى التخطيط أيضا لمظاهرات فى سان فرانسيسكو وفينيكس. ولم تتحدث تقارير وسائل الإعلام المحلية عن وقوع أى اشتباكات أو إصابات خطيرة. وأظهر فيديو نشر على وسائل التواصل الاجتماعى آلافا يتظاهرون فى أتلانتا فيما بدت أكبر مظاهرة وردد المتظاهرون هتافات ولوحوا بلافتات تطالب بالعدالة. وأظهرت لقطات لمحطات تلفزيونية محلية حشدا هائلا فى مواجهة عشرات من سيارات الشرطة التى تم إيقافها على طريق سريع محلي. وقال قاسم ريد رئيس بلدية أتلانتا فى تغريدة على حسابه بموقع «تويتر» إن المسيرة كانت سلمية إلى حد كبير على الرغم من اعتقال نحو عشرة أشخاص. وفى العاصمة واشنطن، تظاهر المئات من أنصار حركة «حياة السود تهم» أمام البيت الأبيض لليوم الثانى على التوالي. بينما نظم مئات من المتظاهرين التابعين لنفس الحركة مسيرات فى مدينة نيويورك حيث رددوا شعارات تعبر عن الغضب لكن بدون عنف، كما دعوا إلى التغيير وليس الدم. وأكد أعضاء الحركة أنهم ليس لهم أى علاقة بقتل رجال الشرطة الخمسة فى دالاس، مشيرين إلى أن مثل هذه الأعمال لا تمثل رأى الحركة أو ما تؤمن به. وقال أحد المتظاهرين أنه شارك فى المسيرة ليس لإدانة جميع رجال الشرطة أو لتأييد العنف وإنما للتعبير عن الغضب الذى يعتبره حقا لا ينبغى تبريره. جاء ذلك فى الوقت الذى أكد فيه ديفيد براون رئيس شرطة دالاس أن جونسون أكد قبل مقتله أنه مستاء من حركة «حياة السود تهم»، كما أنه يكره البيض. وفى دالاس، احتشد المئات فى قداس أقيم بإحدى الكنائس لإحياء ذكرى ضحايا وحشية الشرطة. ودعا مايك رولينجز رئيس بلدية دالاس خلال التظاهرات إلى تضميد جراح العنصرية، متسائلا: «هل يمكن لمجتمعنا أن يفهم بصدق وعمق المعاناة التى تسبب بها التمييز العنصرى والاستعباد، خطيئة أمريكا الكبرى، عبر التاريخ؟». وفى غضون ذلك، تعرضت الشرطة الأمريكية لإطلاق نار فى ثلاث ولايات خلال اليومين الماضيين ربما بنفس الدافع وراء أعمال الشغب فى دالاس وهو استخدام الشرطة للعنف ضد السود. وقال مسئولون إن رجلا فى ولاية تينيسى فتح النار على فندق وطريق سريع مما أسفر عن مقتل امرأة وإصابة ضابط شرطة وعدة أشخاص آخرين، وتعرضت الشرطة أيضا لكمين وأصيب بعض رجالها فى ميزورى وجورجيا يوم الجمعة لكن المسئولين لم يتوصلوا للدافع وراء ذلك. ومن جهة أخرى، أعلن البيت الأبيض أن أوباما سيعود إلى واشنطن مساء اليوم الأحد أى «قبل يوم مما كان مقررا»، وسيتوجه إلى دالاس غدا الإثنين بدعوة من رئيس بلدية المدينة مايك رولينجز. وأشار المتحدث باسم البيت الأبيض جوش أرنست إلى أن أوباما «سيواصل العمل على جمع المواطنين معا لدعم رجال الشرطة ومجتمعاتنا، وإيجاد أرضية مشتركة من خلال مناقشة الأفكار السياسية لمعالجة التفاوتات العنصرية المستمرة فى نظام العدالة الجنائية لدينا». وفى الوقت ذاته، طالب جو بايدن نائب أوباما الأمريكيين أمس بالاحتجاج على الفوارق فى نظام العدالة الأمريكي، كما يجب أن نتضامن مع الشرطة التى تحمينا يوميا» وتابع أن «الرصاصة التى اغتالت رجال الشرطة فى دالاس مست روح الأمة». ومن جانبه، قال وزير الأمن الداخلى جيه جونسون إن الرجل تحرك بمفرده، مستبعدا، كما البيت الأبيض، أى ارتباط مع «منظمة ارهابية» فى المرحلة الراهنة من التحقيق. وعثرت الشرطة فى منزل مطلق النار على ترسانة حقيقية تحتوى على مواد يمكن استخدامها لصنع قنابل وبنادق وذخائر، ومفكرة شخصية تتضمن تكتيكات حربية. وعثر على صفحة باسم ميكا جونسون على موقع «فيسبوك»، تم اغلاقها فيما بعد، على رسائل توحى بدعمه لمنظمات للدفاع عن السود وتدعو إلى الكراهية، ويظهر فى صور منشورة على الصفحة رافعا قبضته فى الهواء، فى إشارة ترمز إلى الصراع من أجل تحرر السود فى أمريكا. وفى إطار متصل، ألغى المرشحان للانتخابات الرئاسية الأمريكية الديمقراطية هيلارى كلينتون والجمهورى دونالد ترامب تجمعاتهما الانتخابية أمس. وقال ترامب إنه «هجوم على بلادنا»، منددا ب»الهجوم المروع الأشبه بعملية إعدام». وكتبت كلينتون على «تويتر»: «أنعى الضباط الذين قتلوا أثناء القيام بواجبهم المقدس لحماية المتظاهرين السلميين، لأسرهم وجميع الذين يعملون معهم». وقالت فى وقت لاحق لشبكة «سى إن إن» الإخبارية الأمريكية إنها ستسعى لتنفيذ مقترحات تضع مبادئ توجيهية وطنية لاستخدام القوة من قبل الشرطة، وفتح قنوات اتصال بين ضباط الشرطة وأفراد المجتمع. وتابعت إن هناك حاجة إلى القيام بالمزيد نيابة عن الأمريكيين البيض للتجانس مع الجيران الأمريكيين من أصل إفريقي. وقالت كلينتون «نحن الذين عليهم البدء فى الاستماع إلى الصرخات المشروعة التى تأتى من مواطنينا الأمريكيين من أصل إفريقى».