عرفت الاشتراك فى المظاهرات فى سن التلمذة فى سنوات الأربعينيات فى مدرستى دمياط والتوفيقية . كان الانجليز وقتها يحتلون مصر ولكن بسبب الحرب العالمية الثانية ( من 39 الى 45) كتمنا مشاعر الغضب على هذا الاحتلال، حتى اذا ما انتهت هذه الحرب ، انفجر البركان المكتوم وخرجنا إلى الشوارع نهتف : الاستقلال التام أو الموت الزؤام ، ولا مفاوضات قبل الجلاء . وفيما بعد عرفت أن «الزؤام» التى رددناها تعنى الموت الذى لا نجاة منه ، لكن الذى أدهشنى إصرارنا على الجلاء أولا ثم التفاوض بعد ذلك.. نتفاوض على ايه إذا تم الجلاء ؟ مرت السنوات الى أن وجدت نفسى فى مثل هذا اليوم 30 يونيو قبل ثلاث سنوات أخرج الى الشارع فى مظاهرات تهتف بحماس : ارحل ارحل يامرسى . ويسقط يسقط حكم المرشد . وكانت المفاجأة عندما نظرت حولى فوجدت أن معظم المتظاهرين فى هذا اليوم من أصحاب الشعر الأبيض مثلى الذين لزموا بيوتهم فى الثورة الأولى التى أشعلها الشباب الوطنى أصحاب الشعر الأسود يوم 25 يناير، ولم يتنبهوا بعد أن أنهكوا الشرطة لتسلل الاخوان وسيطرتهم وقيامهم بفك الدولة وخلخلة مفاصلها ! واذا كان الصواب إلهاما، فان الخطأ أيضا إلهاما ، وقد كان من حظ مصر أن يلهم الله الاخوان حتى نعرف حقيقتهم من سلسلة الأخطاء المتوالية التى ارتكبوها ، سواء فى التسرع فى الوصول الى الحكم أو التكويش على السلطة ، أو اشعال نار الكراهية مع كل فئة من الشعب . ولأول مرة فى تاريخ الغضب يحدد الشعب تاريخا بعد شهر لانفجار مظاهراته يوم 30 يونيو . وبتعال شديد تجاهل الاخوان قرار الشعب و كل مطالبهم . وكان ضروريا أن يتحرك أصحاب الشعر الأبيض للدفاع عن وطن مخطوف . وأصبحت مصر فى لحظة فاصلة على شفا حرب أهلية ضارية ، ولكن وكما حماها الله دوما ، جاءت وقفة الجيش مع الشعب بعد أن وجدوا الشعر الأبيض فى خندق واحد مع كل الوطنيين المخلصين . وكان الالهام الخاطئ مرة أخرى عندما رفض الاخوان بكل عنجهية العودة الى الشعب فى انتخابات مبكرة ، والحمد لله أنهم رفضوا ! [email protected] لمزيد من مقالات صلاح منتصر