إن صراع الإنسان الإفريقي، مع الوجود قديم قدم ظهوره على الأرض. وكان قد أنشأ ثقافته وطقوسه وفنونه التي عبّرت عن آلامه ورؤيته للكون وللحياة ، وثقافته هذه منها ما تفاعل مع الثقافات الأخري نتيجة الاستعمار الأوروبي، ومنها ما رحل مع العبيد إلى شمال القارة بعد أن تمّ توظيفهم واستغلالهم وجلبهم بهدف السيطرة عليهم. والثقافة الأفريقية تزخر بثراء موسيقى هائل، يحتوى على عدد كبير من المقامات والقوالب الفنية والآلات الموسيقية المتعددة والمتنوعة، وتمتاز الموسيقى الافريقية بتنوعها لاتساع القارة وتعدد الأعراف والديانات التى أثرت الثقافة والفنون.والموسيقى الأفريقية تقليدية موروثة انتقلت سماعيا بلا انقطاع عبر الأجيال, وهى تعتمد على الارتجال والحوار والتفاعل وبساطة اللحن، غير أنها تختلف عن أنواع الموسيقى الأخري، خاصة فى السلم الموسيقي، حيث تتكون من السلم الخماسي، بعكس الموسيقى التى تعتمد على السلم السباعي. وتؤكد الدراسات أن الشعوب الأفريقية كانت أول شعوب العالم معرفة بفن الموسيقى حيث نجد الطقوس الدينية البدائية تصاحبها جوقة من الأناشيد والترانيم محتفلين بنجاح صيد أو حلول فصل جديد، أو تخلص القبيلة من القوى الشريرة أوالسحرة، أو ميلاد طفل أو علاج مريض، وتمارس الموسيقى بشغف منقطع النظير فى الطقوس الروحية والاستشفاء التقليدي, وكدعوة للصيد والحرب والزواج, ولا نبالغ إذا قلنا أن الموسيقى لتلك الشعوب هى الحياة، وشريكتهم فى الأفراح والأتراح. وفى بعض المناطق تكون هناك موسيقى للرجال، وأخرى للنساء.وعرفت الموسيقى الأفريقية، خاصة جنوب الصحراء، خصائص ميزتها عن باقى الأنماط الموسيقية، لأنها حافظت على بداياتها وأصولها، وظلت عذراء دون أن تتفاعل مع ثقافات أخري. ويظهر ذلك جليّا من خلال أدواتها الخاصة، وتقاليدها القديمة، ويمكننا القول إن هذه الموسيقى لم تهاجر إلى ثقافات وحضارات إنسانية أخري، وظلت ذات ميزة أفريقية خالصة. والتراث الإفريقى غنى بالعناصر الموسيقية، حيث لا وجود لمجتمع واحد فى أفريقيا دون نمط موسيقى يميزه، وهى موسيقى معقدة، تصعب على الفهم، لأنّها تخرج من أعماق الأدغال، كما أنها تحمل نوعية استثنائية من الإيقاع والأصوات والأنغام. وهى على غرار أنها شعبية، فإن معظم ألوانها وأنماطها تشهد نزوعا فى اتجاه ما هو دينى أو طقسا احتفاليا، وعادة ما تكون مصحوبة بالرقص والغناء ولا تقتصر على المناسبات والاحتفالات فحسب، لأنها بمثابة السلوك اليومي، الذى ينظم الحياة البدائية داخل الأدغال الأفريقية، وهى أيضا متعددة الآلات الإيقاعية، وأهمها الطبول بأنواعها وأشكالها المختلفة، وقد أبدع الأفارقة فى استخدامها بدرجة مذهلة ومغرية بالبحث والدراسة, رغم أن أكثر الأصوات المستخدمة فى الموسيقى الأفريقية هى صوت الإنسان حتى إن بعض القبائل لا تستخدم الطبول فى موسيقاها وتعتمد على التنغيم بأصوات فموية. ولجأ الافارقة باعتبارهم أبناء الطبيعة الى الاستعانة بها فى عمل آلات وترية خاصة من العيدان, فصنعت وطورت مثل القيثارة أو آلات إيقاعية من ثمرات الدباء المجوفة والجافة وهى من فصيلة القرع مثل آلة البلافون، وهناك أيضا آلات تصنع من الطين وتسمى «البنغودي» وغيرها من الآلات التى استعان بها الأفارقة من وحى طبيعتهم البكر. وهذه الموسيقى تمثل نحو خمسين دولة، وعادة ما تشترك فى ثقافة الزولو، إذ تعدّ جملة من الآلات للعزف ولها خصائص مميزة، حيث تتسم بالتكرار وتعدد الأصوات، كما تحضر الأغانى والرقصات والطقوس. وتبقى غنية من حيث أدواتها التعبيرية، حيث تقرع الطبول، وتستعمل الأجراس الحديدية، والمزامير، ويصاحب ذلك الدوران الغريب والمدهش، والرقص والانتشاء.