فى مشهد إنسانى مؤثر اختلطت فيه مشاعر البهجة ونبرات الحزن والألم تارة والأمل والندم والحلم واليأس تارة أخرى وسط نظرات التفاؤل بلم الشمل لأم تعيش فى عالم أصبح كل شىء فيه مباحا ومجتمع تحجرت فيه قلوب الآباء على الأبناء. ففى واحدة من أغرب حوادث الخطف التى هزت المجتمع فى منطقة وادى النطرون بالبحيرة لن تتصور " الأم" فوزية حسن التى كادت أن تموت من شدة القهر أن القدر يخبئ لها مفاجأة مذهلة بعد أن تجولت بيأس فى أنحاء المعمورة ومراكز الشرطة على امتداد عامين كاملين بحثا عن طفلتها دون جدوى ولن تستطع الكلمات وصف دموعها وهى تروى بكل حسرة قصة اختطاف ابنتها "ريتاج محمد محمود" من الشارع قرب منزل الأسرة أثناء لعبها مع رفاقها فى يوليو 2014 على يد طليقها كيدا وغيلة. فقالت الأم إن لغز اختطاف ابنتى لم يتم بغرض طلب الفدية، ولكن لخلافات أسرية بينى وبين والدها عقب انفصالنا ونشوب مشاكل كثيرة دبت بيننا لامتناعه سداد نفقة الصغيرة. وقام الأب الذى تحول إلى وحش فى غابة وبترصد وبتخطيط محكم أمسك بإبنته المسكينة بنت العامين من عمرها وخطف براءتها وحملها متجردا من كل مشاعر الأبوة والانسانية بعد أن خرج وتركها داخل أول قطار متجه إلى القاهرة ظنا منه أنه سيتخلص منها للأبد ولم يرتجف قلبه لصرخات وآهات البريئة التى لم تقترف إثما أو ذنبا سوى أنها ابنته التى جاءت من صلبه وبدلا من ترتمى فى أحضانه ويحنو عليها قذفها شيطانه الثائر فى جحيم المصير الأسود ، وانعكس ذلك على جسدها رحلة الحزن بمرور أكثر من 700 يوما لم تجف دموعها لحظة وفقدت عقلها وهى تبكى ليل نهار على كابوس اختفاء طفلتها ولن يؤنس وحدتها سوى شعور اللوعة والمرارة الذى سكن حلقها والبكاء والنحيب والعويل وعيناها متسمرتان على الباب تحلم بعودتها وتضمها مرة أخرى لصدرها قبل أن تفارق الحياة صور ريتاج على الحائط تتمنى الأم ان تخرج إبنتها المخطوفة ولو مرة واحدة من الاطار المعلق بالصورة لتقبلها إلا أنها سرعان ما تدرك حقيقتها المأساوية حتى نحل جسدها ولم يعد للحياة معنى ولم يغفو لها جفن وأصبح الأكل نارا تدخل أحشاءها , كل هذه الساعات والأيام والشهور تمر ببطئ شديد والأم تكاد تفقد عقلها تجرى وتبحث وتسأل وتحرر المحاضر وبعد أن كانت قد وصلت لمرحلة اليأس اتتها البشرى وتدخلت العناية الالهية فى وضع نهاية أخرى عن طريق الصدفة وهى تتابع صفحات مواقع التواصل الاجتماعى لترى صورة لطفلة تحدق نحو المجهول شاردة الذهن كانت قد نشرتها الأم "البديلة" ذات يوما احتفاءا بعيد ميلادها والذى يوافق نفس يوم عثور عامل محطة السكة الحديد بأسوان ويدعى م . م على الطفلة منذ عامين داخل القطار القادم من القاهرة رقم 989 وبعد أن خاب أمله فى العثور على أسرتها أودعها داخل أحد دور الرعاية بمنطقة القطبى وقضت هناك أكثر من عام إلى أن قررت احدى الأسر البديلة بقرية الرقبة غرب مركز دراو تبنيها لتمضى معهم أكثر من 8 أشهر ولكنه قلب الأم لتشاء الأقدار أن ترى صورة إبنتها المفقودة ونشرت هى الأخرى صورة إبنتها وأرسلتها لنفس الصفحة مخاطبة قلب السيدة أسماء إسماعيل رئيسة مؤسسة رعايه الاطفال الايتام بأسوان لتوجه لها دعوة الحضور بأوراق تثبت نسب ابنتها ومن فرط فرحتها لن تصدق وطارت فى لمح البصر إلى محافظة أسوان وبعد التأكد من صحة الأوراق وفى حالة من الذهول ارتمت الطفلة بين أحضان أمها وانهمرت دموع الجميع داخل المؤسسة .