مسجد يفد إليه الزوار من كل حدب وصوب، معروف على شاطئ البحر مباشرة بالإسكندرية بمنطقة الأنفوشي، ويعد من درر المساجد بمصر وشمال إفريقيا كلها، حيث يتميز بقبابه الست الشهيرة ومآذنه الشاهقة، والمسجد يطل من جهته الغربية على ميناء الإسكندرية القديم وقلعتها الشامخة التي ابتناها السلطان قايتباي، ومن جهته الشرقية يطل على منطقتي بحري والمنشية، ومن منطقته الشمالية الخلفية على منطقة السيالة، ومن وجهته الأمامية على البحر مباشرة. ويقول الدكتور بهاء حسب الله، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة حلوان: الإمام أبو العباس المرسى هو (شهاب الدين أبو العباس أحمد بن حسن الخزرجى الأنصاري) المولود سنة 616 ه هو واحد من أبرز أقطاب الصوفية فى مصر فى القرن السابع الهجري، رغم كونه من القادمين إلى مصر من مدينة مرسية ببلاد الأندلس فى زمن الهجرات إلى المحروسة من الأندلس والمغرب العربي، مثله تماما مثل أقطاب الصوفية الذين نزلوا مصر واستوطنوها تحديدًا فى هذا القرن (السابع الهجرى) كالإمام الشاذلى والبدوى والشاطبى والدسوقى والعجمى والقنائى والتلمساني. ويصف المسجد بأنه مبنى على الهيئة الأندلسية تماما، وكان له أكثر من محراب فى زمن الشيخ نفسه، حتى توحدت محاريبه فى محراب كبير، مزركش بالخطوط الأندلسية، وأكثر من عشرة أعمدة رخامية نادرة، وأربعة نحاسية وحينما مات سنة 686 ه دفن بمقبرة إلى جوار مسجده، حتى جاء شيخ التجار بالإسكندرية آنذاك زين الدين بن القطان، وضم المقبرة إلى المسجد سنة 706 ه، وأخذ بعد ذلك فى توسعة المسجد، وبناء القبة الكبرى فوق الضريح مباشرة وإضفاء اللمسة الأندلسية عليه بالكتابات والزخارف. ويشير إلى أن نسب أبى العباس إلى الصحابى الجليل سعد بن عبادة على الأرجح، وأنه حينما كانت سنه 25 عاما، وكان فى رحلة حج مع أبيه وأمه وأخيه، وصادفت مركبهم رياح عاتية بالقرب من شواطئ تونس فغرق أبوه وأمه وأخوه، وبقى هو ولجأ إلى تونس وهناك تعرف على القطب الكبير أبى الحسن الشاذلي، فاصطحبه إلى مصر التى قضى بها جل أيام عمره (43 عاما) إلى أن مات سنة ه686 وكانت معيشته فى الإسكندرية وحدها، يدعو فيها للعلم والفقه الصوفى الوسيط، ويهذب النفوس، وكان له مقدار كبير من العزة والمحبة والترحاب والإجلال بين أهل الإسكندرية وذاع صيته بمصر كلها، وكان يأتيه المريدون من كل جهة من مصر وخارجها، ومن أبرز تلاميذه الإمام والعالم والشاعر البوصيرى وابن عطاء الله السكندرى وابن سبعين وابن عفيف التلمسانىصص. ويؤكد أن المسجد تعرض للإهمال طيلة القرن الثامن الهجري، فنحرته عوامل التعرية لكونه يطل على البحر مباشرة، إلى أن جاء الأمير قجماش الإسحاقى الظاهري، أيام ولايته على الإسكندرية فأعاد تجديده مرة ثانية بدعم مالى من السلطان الأشرف قايتباى صاحب القلعة الشهيرة والقريبة من المسجد من جهته الغربية، وجدد بعد ذلك فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين فى عهد الدولة العثمانية، حيث قام شيخ البنائين السكندريين أحمد الدخاخنى بتجديده وترميمه على نفقته الخاصة ، وخصص له وقفا لذلك، ثم أمر الملك فؤاد الأول بتجديده وترميمه على نفقته الخاصة، وبإقامة ميدان أمامه، سُمى بميدان المساجد، وشمل الترميم المساجد القريبة لمسجد أبى العباس المرسى مثل مسجد الإمام البوصيرى، ومسجد الإمام ياقوت العرش.