ميدان المساجد هو أحد أشهر معالم محافظة الإسكندرية الدينية، يرتاده الآلاف من السياح والمصريين سنويا، يضم ثلاثة من أعرق مساجد بالمدينة؛ وهم مسجد المرسى أبى العباس، ومسجد سيدى البوصيرى، ومسجد سيدى ياقوت العرش، وجميعهم يطلون على شاطئ البحر المتوسط بحى بحرى. أشهر هذه المساجد مسجد أبى العباس المرسى أو كما أطلق عليه "الإسكندرانية" المرسى أبو العباس، الذى يضم ضريح الشيخ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن حسن بن على الخزرجى الأنصارى المرسى، الذى ولد عام 616 هجريا الموافق 1219 ميلاديا، ويعود نسبه للصحابى الجليل سعد ابن عبادة، وتوفى المرسى بعد 43 عاما قضاها فى الإسكندرية عام 686 هجريا، ودفن فى مقبرة باب البحر، ثم بنى عليه الشيخ زين الدين بن القطان كبير تجار الإسكندرية المسجد فى عام 706م. مر المسجد بعدد من مراحل البناء والتجديد والتطوير لعل أبرزها ما بدأه الأمير قجماش الأسحاقى الظاهرى أيام ولايته على الإسكندرية فى عصر الملك الأشرف قايت باى وبنى لنفسه قبرا بجوار أبى العباس ودفن فيه سنة 892 هجريا، ثم قام أحمد بك الدخاخنى شيخ طائفة البنائين بالإسكندرية بترميمه وتجديده فى عام 1863م، كما أوقف عليه وقفا تولى توسعته شيئا فشيئا بعد ذلك، ثم جاء الملك فاروق وأمر بإنشاء ميدان فسيح يطلق عليه ميدان المساجد، على أن يضم مسجدا كبيرا لأبى العباس المرسى ومسجدا للإمام البوصيرى والشيخ ياقوت العرش، وقام بوضع التصميم الحالى له المهندس المعمارى الإيطالى ماريو روسى وتم الانتهاء من بنائه عام 1943م. ويتميز المسجد المبنى على الطراز الأندلسى بالأعمدة الرخامية والنحاسية والثمانية الشكل، بالإضافة إلى الزخارف ذات الطراز العربى والأندلسى. وعلى يمين مسجد المرسى أبى العباس يأتى أحد المساجد العريقة الذى يحمل اسم تلميذه وهو الإمام البوصيرى صاحب قصيدة البردة الشهيرة التى لا تزال تتردد على لسان المنشدين من المشرق إلى المغرب. والإمام البوصيرى؛ هو شرف الدين أبو عبد الله محمد بن سعيد حماد بن محسن، الملقب بالبوصيرى نسبة إلى مدينة بوصير إحدى القرى الواقعة بين محافظتى الفيوم وبنى سويف بصعيد مصر، كما تؤكد المصادر التاريخية، حيث ولد فيها عام 1213م، وتنقل البوصيرى بين عدد من المهن التى أثرت فيه وفى شعره ما بين كاتب لشواهد القبور وكاتب للحسابات بمدينة بلبيس بالشرقية ثم معلم بأحد كتاتيب القاهرة حتى استوطن فى الإسكندرية ولازم شيخه أبى العباس المرسى حتى توفى عام 1296م. بنى مسجد الإمام البوصيرى على الطراز التركى، ويقع على شاطئ البحر بحى بحرى فى مواجهة مسجد أبى العباس المرسى، ويأخذ نفس الشكل المعمارى تقريبا، وقد كان المسجد قديما زاوية صغيرة حتى شيد المسجد الحالى عام 1274ه (1858م)، ويتكون المسجد من مربعين منفصلين، يشمل المربع الأول صحن المسجد وتتوسطه نافورة وتحيط به الأروقة من جميع الجهات، أما المربع الثانى به إيوان القبلة ويؤدى إلى ضريح الإمام البوصيرى تعلوه قبة من الصاج، ويفخر المسجد بلوحة جدارية مخطوطة جميلة تشمل 94 بيتا من قصيدة البردة منقوش عليها تعليقات وآيات قرآنية، وشهد المسجد فى الآونة الأخيرة تجديدات وتطويرات شملت الجزأين معا وأيضا مبنى المسجد من الخارج. أما ثالث المساجد فهو مسجد سيدى ياقوت العرش، ويطل أيضا على شاطئ البحر، ويضم قبر الشيخ ياقوت الإمام العارف العابد الزاهد، وهو من أجل من أخذ عن أبى العباس المرسى، وولد الشيخ ياقوت فى الحبشة، وذاعت شهرته بين الطائفة الشاذلية، وتوفى عام 707 ه، ودفن بمسجده، أما عن عمارة المسجد فهى لا تختلف كثيرا عن مسجد المرسى أبى العباس والبوصيرى. يشهد ميدان المساجد زحاما كبيرا طوال أيام العام ما بين راود ومصلين، خاصة فى شهر رمضان، بالإضافة إلى المصطافين والسائحين فى فصل الصيف. بالإضافة إلى إقامة الموالد للأولياء الثلاثة على مدار العام، التى تشهد عددا من الأشكال الكرنفالية والمظاهر الشعبية التى تجذب المواطنين.