منذ رحل الكبار كادت تختفى العائلة وكأننا نبت شيطانى لايجتمع إلا فى جنازة وما أكثرها، أو فى فرح عابر، كان نجيب محفوظ يذكرنا دوما بالعائلة وكانت لقاءاته شبه اليومية بالدور السادس بالأهرام مع العمالقة الكبار توفيق الحكيم وذكى نجيب محمود ويوسف إدريس وإحسان عبدالقدوس والسباعى مظلة تعطى قيمة للمؤسسة ومن فيها. وكانت الست أم كلثوم تجمع العرب من المحيط للخليج مرة على الأقل شهريا، وكان أسامة أنور عكاشة يجمع المصريين ويبث فيهم تقاليد اللمة والحارة وجدعنة ولاد البلد، وكان عبدالمنعم مدبولى ورفاقه جرس إنذار لزمن قادم عن العقوق والانفراط فى أولادى الأعزاء شكرًا وكان المسحراتى وهو يطوف الشوارع والأزقة مناديا بالاسم واللقب على الكبير والصغير فى ليالى الشتاء عندما كان رمضان يزورنا فى أكتوبر ويناير وعندما كنّا نسمع أسماءنا ونحن أطفال كنّا نستعجل الزمن لنكبر وفى تلك الايام كانت اللمة مع العائلة تدفئنا من الصقيع، وفى المدن كانت العائلة الممتدة تجتمع على الأقل كل يوم جمعة حيث الجد والجدة والأعمام والعمات والأحفاد على مائدة واحدة تبث الأمان والطمأنينة وتمنح الصغير والضعيف سندا، وتوفر للجميع الحماية والوقاية من أى غواية، وكان الجيران هم العائلة البديلة وربما أكثر وكثيرا ما كانت كل أسرة تتكفل بنوع من الطعام فى مائدة صناعة مصرية تجعل للأيام نكهة وأيامها لم نسمع عن موائد الرحمن، فلم تكن الأمة بحاجة إليها فقد كانت الزكاة والصدقات والتكافل الفطرى تغنى الفقير والسائل والمحروم، وجاء زمن الموائد الممتدة فى شوارع المحروسة مثل ركاب الأتوبيسات الكل يركب وينزل فى محطة لا يعرف شيئا عن الجالس بجواره فى المائدة، صحيح أن الطعام أشهى ولكن شعور الغربة وسط زحام المائدة قضى على ماتبقى من لمة وعائلة وجيرة وآخر ماتبقى مما يميز المصريين، وحسنا فعل الأزهر عندما أطلق بيت العائلة على لجنة الحوار، وحسنا فعلت الرئاسة فى تقليدها للعام التانى، مما يسمى إفطار الأسرة المصرية، الفكرة نبيلة فى التوقيت والمعنى ولكن التنفيذ ربما يكون فى حاجة للتطوير والإبداع، ربما تكون بحاجة لتغيير الضيوف والنظر لبقية أفراد الاسرة وخاصة فى محافظات مصر المختلفة حتى لايصبح أفراد الأسرة هم سكان القاهرة وما حولها، وربما يكون من الملائم استضافة بسطاء المصريين من الفلاحين والعمال والصنايعية والنساء البسيطات أمهات الجنود والشهداء وأبناء وزوجات شهداء الاٍرهاب واوائل الكليات المدنية، فهؤلاء جميعا هم غالبية المصريين المهمشين وغير المدعوين إلا أيام الانتخابات ووقت شد الأحزمة على البطون رغم أنهم ملح الأرض وسكره وجنودنا وعمالنا والصنايعية الذين لاتستقيم الحياة اليومية ولا السياسية بدونهم، وهم الذين يحفظون هذا البلد من أى سقوط، وأخشى أن يكون استبعادهم منهجا أو سنة رسمية يمارسها الآخرون، بدليل إعلانات العام الماضى والعام الحالى عن العائلة لم يلفت نظر عباقرة الإعلانات سوى النجوم لتأصيل التهميش والعزلة للغالبية لان هناك كسالى لايريدون الإبداع بل إن المجلس القومى للمرأه أدان صورة المرأة فى معظم الأعمال الدرامية، فهن إما مرضى نفسيين أو عندهم خلل عقلى، ومعظمهن عاهرات على حد وصف لجنة الرصد الإعلامى التابعة للمجلس، أو خائنات وتقلل من وضع المرأة، ولكن ظهرت العائلة بصورة واقعية فى معظم الاعمال الدرامية بينما كان يوصف بالتوريث فشادى الفخرانى هو مخرج مسلسل والده يحيى الفخرانى للموسم الثانى ونفس الامر لرامى إمام نجل عادل امام بينما ينتج الابن للأب حيث ينتج محمد محمود عبد العزيز لوالدة مسلسل الغول واستعان المخرج محمد سامى بزوجته منى عمر فى الأسطورة والأمر نفسه حيث استعان المخرج عبدالعزيز حشاد بزوجته صوفية وطفلته سلين فى مسلسل هى ودافنشى وكذلك فعل المؤلف محمد الحناوى بالاستعانة بزوجته هدى الإدريسى وكان مسلسل نيللى وشريهان عائلى بامتياز ونجح فى لم شمل أسرة سمير غانم دنيا وإيمى ودلال الزوجة وربما لايلتقون فى الحياة مثلما يلتقون فى الاستوديوهات تلك هى العائلة أو للدقة شبه العائلة فى مصر والمسأله ليست دراما أو جحودا ولكنها الهاوية التى تنتظرنا جميعا إن لم يتحرك بعض الكبار للم شمل العائلات، من التفكك والعقوق، فما مصر والمصريون إلا مجموعة من العائلات. ببساطة كل مايحدث الآن هو استعادة مصر من شبه دولة لدولة. الهجوم على الأزهر جريمة تدفع شباب السنةلداعش. الحل الوحيد للإسلاميين الانتخابات بديلا عن الرصاص. حقق مجدى يعقوب العلم النافع والصدقة الجارية ولهذا تدعو له مصر. ربما تتقاسم الدولة مكاسبك ولكنها لا تشاركك الخسارة. مطالب النشطاء طبيعية عندما تكون البلد فى ظروف طبيعية. مصيبة الإعلام انها صناعة معلومات ثقيلة يديرها نشطاء هواة. لا قيمة لنوبل إن لم تحصل عليها مستشفى سرطان الأطفال. برنامج ثقيل الظل يرفع علم داعش يوميا على قناة مصرية للأسف. الأمانة سلعة غاليه لا نطلبها من رخيص. الصراع فى المنطقة الآن لملء فراغ الريادة. لمزيد من مقالات سيد علي