اليوم، إضراب المحامين أمام محاكم استئناف الجمهورية    اقتصادي: 2.3 تريليون جنيه فوائد الدين العام الجديد    انخفاض سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 4810 جنيهاً    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 8 مايو 2025    الأخضر بكام.. تعرف على سعر الدولار اليوم في البنوك    استعدادا لعيد الأضحى.. سلسلة ندوات بسيناء حول مبادرة «صحتك تهمنا»    رويترز: كوريا الشمالية أطلقت عدة صواريخ قصيرة المدى    أعلام فلسطيني: 4 إصابات جراء قصف الاحتلال لخيمة تؤوي نازحين بخان يونس    أيمن موسى يكتب: سباق المصالح بين بوتين وترامب    دوري نايل.. موعد مباراة الأهلي أمام المصري البورسعيدي والقنوات الناقلة وطاقم التحكيم    كمال الدين رضا يكتب: إصابات نفسية للأهلي    طقس اليوم: حار نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء.. والصغرى بالقاهرة 22    السيطرة على حريق شب داخل شقة سكنية بالقاهرة الجديدة    حبس سائق توك توك تحرش بسيدة أجنبية بالسيدة زينب    سهير رمزي تكشف علاقة الشيخ الشعراوي بارتدائها الحجاب وسر رفضها ميراث والدها (فيديو)    تفاصيل تعاقد الزمالك مع أيمن الرمادي    قاض أمريكى يحذر من ترحيل المهاجرين إلى ليبيا.. وترمب ينفى علمه بالخطة    أنطونيو جوتيريش: الهجمات الأخيرة على بورتسودان تُمثل تصعيدًا كبيرًا    البابا تواضروس الثاني يصل التشيك والسفارة المصرية تقيم حفل استقبال رسمي لقداسته    الطب الشرعي يفحص طفلة تعدى عليها مزارع بالوراق    وول ستريت جورنال: أحمد الشرع طلب لقاء ترامب خلال زيارته لدول الخليج    بروشتة نبوية.. كيف نتخلص من العصبية؟.. أمين الفتوى يوضح    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. نقيب المحامين: أي زيادة على الرسوم القضائية يجب أن تتم بصدور قانون.. شرطان لتطبيق الدعم النقدي.. وزير التموين يكشف التفاصيل    تعرف على ملخص احداث مسلسل «آسر» الحلقة 28    جامعة حلوان الأهلية تفتح باب القبول للعام الجامعي 2025/2026.. المصروفات والتخصصات المتاحة    إكرامي: عصام الحضري جامد على نفسه.. ومكنش يقدر يقعدني    تفاصيل خطة التعليم الجديدة لعام 2025/2026.. مواعيد الدراسة وتطوير المناهج وتوسيع التعليم الفني    «التعليم» تحسم مصير الطلاب المتغيبين عن امتحانات أولى وثانية ثانوي.. امتحان تكميلي رسمي خلال الثانوية العامة    تفاصيل إطلاق كوريا الشمالية عدة صواريخ اتجاه بحر الشرق    بحضور نواب البرلمان.. «الاتحاد» ينظم حلقة نقاشية موسعة حول الإيجار القديم| صور    ميدو يكشف موقف الزمالك حال عدم تطبيق عقوبة الأهلي كاملة    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    هدنة روسيا أحادية الجانب تدخل حيز التنفيذ    ارتفاع الأسهم الأمريكية في يوم متقلب بعد تحذيرات مجلس الاحتياط من التضخم والبطالة    محمد ياسين يكتب: وعمل إيه فينا الترند!    وزير الاستثمار يلتقي مع السفير السويدى لتعزيز العلاقات الاقتصادية    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالمنيا    مستشار الرئيس الفلسطيني يرد على الخلاف بين محمود عباس وشيخ الأزهر    إطلاق موقع «بوصلة» مشروع تخرج طلاب قسم الإعلام الإلكتروني ب «إعلام جنوب الوادي»    قبل ضياع مستقبله، تطور يغير مجرى قضية واقعة اعتداء معلم على طفلة داخل مدرسة بالدقهلية    كم نقطة يحتاجها الاتحاد للتتويج بلقب الدوري السعودي على حساب الهلال؟    نقيب المحامين: زيادة رسوم التقاضي مخالفة للدستور ومجلس النواب صاحب القرار    بوسي شلبي ردًا على ورثة محمود عبدالعزيز: المرحوم لم يخالف الشريعة الإسلامية أو القانون    أسفر عن إصابة 17 شخصاً.. التفاصيل الكاملة لحادث الطريق الدائري بالسلام    خبر في الجول - أشرف داري يشارك في جزء من تدريبات الأهلي الجماعية    لا حاجة للتخدير.. باحثة توضح استخدامات الليزر في علاجات الأسنان المختلفة    مدير مستشفى بأسوان يكشف تفاصيل محاولة التعدي على الأطباء والتمريض - صور    واقعة تلميذ حدائق القبة.. 7 علامات شائعة قد تشير لإصابة طفلك بمرض السكري    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    «لعبة الحبّار».. يقترب من النهاية    أحد أبطال منتخب الجودو: الحفاظ على لقب بطولة إفريقيا أصعب من تحقيقه    حدث بالفن| عزاء حماة محمد السبكي وأزمة بين أسرة محمود عبدالعزيز وطليقته    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    "الرعاية الصحية": تقديم الخدمة ل 6 مليون مواطن عن منظومة التأمين الصحي الشامل    صحة الشرقية تحتفل باليوم العالمي لنظافة الأيدي بالمستشفيات    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا فشلنا فى تجديد الخطاب الدينى؟

يستطيع من شاء أن يرد حديثى اليوم عن تجديد الخطاب الدينى إلى المناسبة التى يمكن أن تستدعيه، وهى شهر رمضان
الذى أُنزل فيه القرآن، لكننا لا نحتاج لمناسبة خاصة لنتذكر حاجتنا لتجديد الخطاب الديني، فالواقع الذى نعيشه منذ قرنين على الأقل، يذكرنا به آناء الليل، وأطراف النهار.
الواقع الذى نعيشه يتطور كل يوم، ويتغير ويتبدل، والخطاب الدينى هو هو يعمل خارج الواقع، وخارج التاريخ، لا يتطور، ولا يتغير، ونحن بينهما نتمزق ونفقد وعينا بأنفسنا، لا نعرف لأيهما ننتمي، ماض متخيل أو متوهم يشدنا إليه أسلافنا بخطابهم الموروث، وحاضر مستعار منقول عن الآخرين نستورد مظهره، ونرفض جوهره.
ننشئ دولة مستقلة لا نستطيع أن نحدد هويتها أو طبيعتها، هل هى دولة دينية أو إسلامية، كما يقول شيخ الأزهر ومن يتفقون معه؟ أم هى دولة وطنية مدنية، كما نقول نحن، أو كما نريد أن تكون؟ هل نحن مصريون كما نسمى أنفسنا أحيانا، أم نحن مسلمون فى ناحية، ومسيحيون فى ناحية أخري؟ وبصراحة أكثر مسلمون وذميون؟
والخلط الذى نشير إليه ليس مجرد خلط أو خطأ فى التعبير، لكنه خلط فى التفكير والتعبير، وهو ليس مقصورا على مجال دون مجال، وإنما هو اضطراب وتلفيق متعمد فى كل شيء، فى الدستور، وفى القانون، وفى التعليم، وفى الاقتصاد، فى التمييز بين الرجل والمرأة، وفى التعامل مع الطوائف الدينية المختلفة، ومع العالم الخارجي، مقدمات لا تؤدى للنتائج، وسلوك لا يتفق مع ما يعلن ويقال، فليس فى استطاعتنا والحال كما نرى أن نحتكم لمنطق، أو نرجع لمرجع.
ولأن الخطاب الدينى السائد يتناقض مع الواقع الراهن الذى نعيشه، ولأن هذا الخطاب يحشر أنفه فى كل قضية، وفى كل مجال، فالخطوات التى نخطوها فى الطريق إلى حضارة العصر خطوات مرتبكة مترددة متعثرة، لا نتمكن فيها من تحقيق مكاسب نهائية حاسمة، وإنما هى غارات كغارات البدو نقوم بها فى بعض المراحل، أو عندما يشتد الجوع، أو تتهيأ الفرصة، ثم نتقهقر بعدها ونعود إلى حيث كنا قبل أن نخطو أول خطوة.
قارنوا بين ما حصلنا عليه قبل نظام يوليو من حريات ديمقراطية فى نشاطنا السياسى والفكرى والاجتماعي، وما صرنا إليه بعد قيام هذا النظام الذى أعادنا إلى عصور الانحطاط المملوكية.
وقارنوا بين ما كانت عليه المرأة المصرية حتى سبعينيات القرن الماضى من تحرر اجتماعي، ووعى فكري، وما صارت إليه فى العقود الأربعة التى مضت.
وقارنوا بين ما حققناه فى التعليم الذى أصبح على يد محمد على وخلفائه تعليما مدنيا عصريا رفيع المستوي، زودنا بما نحتاج إليه فى شتى مجالات حياتنا، وما صار إليه فى هذه الأيام التى فقدنا فيها وعينا بأنفسنا، فالتعليم الدينى البائس يزاحم التعليم المدنى المتهالك، والمدارس الأجنبية تشمخ بأنفها على المدرسة الوطنية، والأجيال الجديدة لا تعرف لنفسها حاضرا يؤلف بينها، ولا مستقبلا تبنيه وتجتمع فيه، وفى هذه المتاهة تشعر بالاغتراب، ولا تجد ملجأ تفر إليه إلا الدين، وخطابه الموروث الذى لابد أن تترجمه ترجمة سياسية تستعين بها فى الحصول على مكان فى الواقع، فيتحول الخطاب فى هذه الترجمة إلى عنف وإرهاب نصلى ناره، ونتذكر معه حاجتنا لتجديد الخطاب الديني.
وقد يظن البعض وقد أصبح تجديد الخطاب الدينى مطلبا ملحا، وقضية يومية مطروحة، قد يظن بعضنا أن حاجتنا لتجديد الخطاب الدينى اكتشاف جديد لم نعرفه من قبل، غير أن المهتمين بتاريخنا الحديث، وما طرح فيه من أسئلة، وما رفع من شعارات، يعرفون أن تجديد الخطاب الدينى كان مسألة مطروحة منذ أوائل القرن التاسع عشر، وباستطاعة من يريد أن يعود لمؤلفات الإمام محمد عبده وتلاميذه، وأن يرجع خاصة لكتاب عبدالمتعال الصعيدى «تاريخ الإصلاح فى الأزهر»، ليرى أن تجديد الخطاب الدينى قضية شغلت الجميع، ابتداء من حسن العطار، الذى ولد فى القرن الثامن عشر، وشهد دخول الفرنسيين مصر، وقيام دولة محمد علي، وتولى مشيخة الأزهر، إلى فرج فودة ونصر حامد أبوزيد.
اقرأوا معى هذه السطور مما جاء فى إحدى رسائل الشيخ حسن العطار: «إن قصارى جهدنا النقل عنهم أى عن القدماء دون أن نخترع شيئا من عندنا، وقد اقتصرنا على النظر فى كتب محصورة ألفها المتأخرون المستمدون من كلامهم نكررها طول العمر، ولا تطمح نفوسنا إلى النظر فى غيرها، حتى كأن العلم فيها، فإذا ورد علينا سؤال من علم الكلام لا نجده فيها، تخلصنا بأن هذا كلام الفلاسفة، أو مسألة أصولية قلنا لم نرها فى «جمع الجوامع» فلا أصل لها، أو نكتة أدبية قلنا هذا من علوم أهل البطالة، وهكذا.. صار العذر أقبح من الذنب، وحالنا الآن كما قال ابن الجوزى فى مجلس وعظه ببغداد:
ما فى الديار أخو وجد نطارحه
حديث نجد ولا خل نجاريه!»
هل تجدون ما قاله حسن العطار وهو بالمناسبة أستاذ رفاعة الطهطاوى هل تجدون ما قاله منذ مائتى عام فى نقد الخطاب الدينى مختلفا عما نقوله فى نقده الآن؟ وإذا تخيلنا أن حسن العطار عاد ليعيش معنا فى أيامنا هذه، فهل سيغير ما قاله أم سيكرره؟
من المؤكد أنه سيغيره، لكن ليصبح نقده أعنف، ورفضه للخطاب الدينى الراهن أشد، وذلك لأن المفارقة أصبحت مهولة مخيفة بين الواقع الذى تغير عما كان عليه فى أيام العطار، والخطاب الذى ظل كما هو، فضلا عن أنه هذا الخطاب الدينى لم يبق كما كان مجرد خطاب متحجر، بل أصبح بالإضافة إلى تحجره، أو بسبب تحجره، خطابا متعصبا متطرفا، ثم لم يكتف بذلك، وإنما ذهب فى دفاعه عن نفسه ورفضه للتجدد والانفتاح على العصر إلى أبعد حد، فصار إرهابا سافرا، وعنفا وحشيا.
وهناك من يظن أن الإرهابيين هم وحدهم الذين يخرجون علينا وعلى الدولة بالسلاح، يلغمون الطرق، ويفخخون السيارات، ويهاجمون رجال الشرطة والجيش، وهذا ظن سييء يخلط فيه أصحابه بين الإرهاب والأدوات والوسائل المستخدمة فى الإرهاب.
مؤكد أن الذى يحمل السلاح ضد الدولة والمجتمع إرهابي، لكن الذى يعتدى على قوانين الدولة، ويمتهن رموزها، ويسقط شعاراتها إرهابى كذلك. الذين ينكرون على البهائيين حقوقهم التى يكفلها لهم الدستور إرهابيون، والذين يمنعون المسيحيين من بناء كنائسهم أو ترميمها إرهابيون، والذين يخرجونهم من ديارهم ويخيرونهم بين الهجرة والموت إرهابيون يؤدون فى الإرهاب دورا معلوما هو إثارة الفوضي، وإسقاط هيبة الدولة، والخروج على القانون، وتحريض الناس، وإعدادهم للالتحاق بمعسكر العنف والإرهاب.
لماذا فشلنا حتى الآن فى تجديد الخطاب الديني؟
لأن تجديد الخطاب الدينى أصبح تهمة يسمونها «ازدراء الأديان»!
لمزيد من مقالات أحمد عبد المعطي حجازي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.