علي الرغم من أن نتيجة الانتخابات الرئاسية في جولتها الأولي جاءت بطريقة ديمقراطية, لا تقبل التشكيك إلا أنها وضعت الجميع أمام خيارين لا ثالث لهما. إما دولة دينية بقيادة الدكتور مرسي, أو دولة استبدادية برئاسة الفريق شفيق, وكلاهما يثيران مخاوف المصريين. وللخروج من هذا المأزق تتباري النخبة السياسية في طرح وثيقة ديمقراطية يلتزم بها المرشحان أمام الرأي العام قبل إجراء الجولة الحاسمة منتصف الشهر الحالي. وأمام هذا الطرح لنا بعض الملاحظات ربما يكون من المفيد ذكرها في هذا السياق. أولا: إن وثيقة الضمان بشكل عام تصلح في عالم المال بين المستوردين والموردين, لاعتمادها علي لغة الأرقام ولكنها بالقطع سوف تفشل في عالم السياسة, الذي تعتمد مفرداته علي الرأي والرأي الآخر في تفاعل ومشاركة وصولا إلي الاقتناع. ثانيا: من يضمن التزام الدكتور محمد مرسي بتنفيذ أي ضمانات بعد أن يصبح رئيسا وهو الذي ضرب حزبه بوعود قطعها علي نفسه في انتخابات البرلمان والجمعية التأسيسية للدستور, وكذلك سحب الثقة من وزارة الجنزوري أو الرضا بترقيعها بدلا من إقالتها. ثالثا: ومن يضمن أيضا عدم عودة الفريق شفيق إلي النظام السابق, وجلب رموزه حتي يتمكن من سيطرته علي الشارع المصري بدعوي تحقيق هيبة الدولة وفرض الاستقرار. رابعا: إن ذلك الطرح من جانب النخبة السياسية يشكل وصاية علي الممارسة الديمقراطية ويصادر حق الناخب في الاختيار بحرية التزاما بالوثيقة المطروحة, خاصة أن هناك 20% لهم حق التصويت لم يشاركوا في الجولة الأولي. في الحقيقة إن تحفظ الناخب علي إدارة الإخوان للبرلمان, وطمعهم في رئاسة الحكومة, ورغبتهم الشديدة في الاستحواذ هي التي جاءت بالفريق شفيق, وتبقي مصلحة مصر هي بوصلة الاختيار التي ستقود وعي الناخب لحسم معركة الرئاسة دون الحاجة إلي خطاب ضمان ديمقراطي, يتعامل مع مصر كسلعة تباع وتشتري. [email protected] المزيد من أعمدة عبد العظيم الباسل