جامعة الأزهر تكشف مصروفات البرامج الخاصة    وظائف بالأردن والتقديم حتى هذا الموعد - التخصصات ورابط التقديم    مبادرة التعيين الرئاسية.. محافظ الإسكندرية يستقبل دفعتين من المعلمين الجدد (صور)    بالصور.. حفل استقبال الطلاب الجدد بكلية طب الفيوم    على خطى الفيدرالي.. السعودية والإمارات وقطر تخفض سعر الفائدة 0.25%    الاستعلام عن الأسماء الجديدة في تكافل وكرامة لشهر سبتمبر 2025 (الخطوات)    خالد أبو بكر: قطر يمكنها شراء نصف الحكومة الإسرائيلية.. والرد لا يكون دائمًا عسكريًا    السيسي: الموقف الإسباني في نصرة الحق الفلسطيني تاريخي ومشرف    إيران تدين قرار الإكوادور تصنيف الحرس الثوري ك منظمة إرهابية    لحظة بلحظة.. ليفربول ضد أتليتكو مدريد 2-0    وفاة والدة نجم الأهلي الأسبق    مدرب الأهلي المحتمل .. لماذا اضطر فيتوريا تسجيل زواجه في 2019؟    صلاح محسن أفضل لاعب في مباراة المصري وغزل المحلة    دييجو إلياس يتأهل إلى نصف نهائى بطولة CIB المفتوحة للإسكواش 2025    غرق طفل أثناء لهوه مع أصدقائه بترعة في شبرا الخيمة    "دافع عن فتاة من التحرش".. قرار قضائي في جريمة قتل شاب في موقف التجمع    600 جرام ذهب.. تفاصيل سرقة إسورة من المتحف المصري بالتحرير    أحدث جلسة تصوير جريئة ل لاميتا فرنجية تخطف بها أنظار المتابعين (صور)    «عندها سحر مش طبيعي».. 3 أبراج تبهر وتجذب الجميع    هل الحب قبل فترة الخطوبة حرام؟.. فتاة تسأل وأمين الفتوى يرد    ما موقف الزوجة التي يحلف عليها زوجها بالطلاق أكثر من 40 مرة؟.. أمين الفتوى يرد    أول تعليق الصحة بشأن وفاة طفلين توأم بعد تلقيهما التطعيمات بوحدة بالمنوفية    في خطوتين بدون فرن.. حضري «كيكة الجزر» ألذ سناك للمدرسة    وزير الأوقاف يشهد الجلسة الافتتاحية للقمة الدولية لزعماء الأديان في «أستانا»    حمدي كامل يكتب: السد الإثيوبي .. من حلم إلى عبء    لأول مرة.. ترشيح طالب مصري من أبناء جامعة المنيا لتمثيل شباب العالم بمنتدى اليونسكو للشباب 2025    بوتين يبحث هاتفيًا مع رئيس وزراء الهند الأزمة الأوكرانية وتطورات العلاقات الثنائية    مصرع شخص والبحث عن آخرين في ترعة بسوهاج    أرتيتا يتفوق على فينجر بعد 25 مباراة في دوري أبطال أوروبا    حسام حبيب يحيي حفل العيد الوطني السعودي ال 95 بالقاهرة    دينا تطلق أول أكاديمية متكاملة لتعليم الرقص الشرقي والفنون في مصر    احتجاجات واسعة في لندن ضد زيارة ترامب لبريطانيا    إصابة شاب بإصابات خطيرة بعد أن صدمه قطار في أسوان    كيليان مبابي يعلن غيابه عن حفل الكرة الذهبية 2025    مدارس «القليوبية» تستعد لاستقبال مليون و373 ألف طالب    حقيقة اختفاء 5 قطع أثرية من المتحف اليوناني في الإسكندرية    فوائد السمسم، ملعقة واحدة لأبنائك صباحا تضمن لهم صحة جيدة    إحالة شكاوى مرضى في وحدة طب الأسرة بأسوان للتحقيق    بعد نشر صورة مع جدها الفنان محمد رشدي.. من هي البلوجر فرح رشدي؟    خالد الجندى: الإنسان غير الملتزم بعبادات الله ليس له ولاء    قوات الاحتلال تقتحم مدينة نابلس شمال الضفة الغربية    عاجل- رئيس الوزراء: مصر ثابتة على مواقفها السياسية والإصلاح الاقتصادي مستمر رغم التحديات الإقليمية    صفقة "إنقاذ" تيك توك تتضح: مستثمرون أمريكيون يسيطرون على 80% من المنصة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    ڤاليو تنفذ أول عملية مرخصة للشراء الآن والدفع لاحقاً باستخدام رخصة التكنولوجيا المالية عبر منصة نون    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    تحديث بيانات المستفيدين من منظومة دعم التموين.. التفاصيل    ضبط المتهم بذبح زوجته بسبب خلافات بالعبور.. والنيابة تأمر بحبسه    المنيا.. تنظيم قافلة طبية مجانية في بني مزار لعلاج 280 من المرضى غير القادرين    شاب يلقى مصرعه حرقًا بعد مشادة مع صديقه في الشرقية    رودريجو يجيب.. هل قرر الرحيل عن ريال مدريد؟    "البديل الذهبي" فلاهوفيتش يسرق الأضواء وينقذ يوفنتوس    "جمعية الخبراء" تقدم 6 مقترحات للحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية    قبل ما تنزل.. اعرف الطرق الزحمة والمفتوحة في القاهرة والجيزة اليوم    «عبداللطيف» يبحث مع وفد مجلس الشيوخ الفرنسي تعزيز التعاون المشترك في مجالي التعليم العام والفني    حركة القطارات | 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 17 سبتمبر    رانيا فريد شوقي تستعيد ذكريات طفولتها مع فؤاد المهندس: «كان أيقونة البهجة وتوأم الروح»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا نجرب حكم الإخوان؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 06 - 2012

العرف السائد هذه الأيام هو هجاء الإخوان المسلمين، ووصمهم بأنهم فاسدون مستبدون أشرار. فالقاعدة تقول :"إذا أردت أن تجذب الأنظار فهاجم الإخوان"، مع أنهم ليسوا ملائكة ولا شياطين، وإنما بشر يصيبون ويخطئون، فإن أحسنوا فلهم التشجيع، وإن إساءوا فلهم التصويب. لكن من يطالع الإعلام المصري هذه الأيام يجد كما هائلا من التجني عليهم، الذي وصل إلى حد افتراء الكذب، واختلاق الوقائع، بغرض التشويه.
ومما يقال في حقهم، ويلوكه الكثيرون بألسنتهم، أن الإخوان يهدفون إلى "التكويش" أو السيطرة على مؤسسات الدولة جميعا، فلديهم مجلسا الشعب والشورى، وسيقومون بتشكيل الحكومة، والآن يتطلعون إلى الرئاسة.
وواقع الحال يؤكد أنه ليس في يد الإخوان لا وزارة ولا سفارة ولا بنك ولا جامعة ولا مجلس محلي، وأنه ليس منهم وزير ولا سفير ولا لواء في الجيش أو عميد في الشرطة أو رئيس محكمة أو مدير بنك أو رئيس تحرير جريدة قومية أو رئيس مجلس محلي أو محافظ أو رئيس جامعة أو عميد كلية .. إلخ.
باختصار: ليس لديهم أي سلطة تنفيذية.. مع أن الوضع الطبيعي هو أن تكون هذه السلطة بما فيها الرئاسة في أيديهم، طالما لديهم مشروع إصلاحي يتطلب إقامته، وهذا هو الوضع الطبيعي في أي دولة في العالم.. حزب الأغلبية يحتفظ بأغلبيته البرلمانية، ويدفع بواحد منه رئيسا للدولة، ويقوم بتشكيل الحكومة.
فالولايات المتحدة رئيسها أوباما ينتمي للحزب الديمقراطي، وهذا الأخير يتمتع بالأغلبية في مجلسي الكونجرس والشيوخ، كما أن معظم الوزارات السيادية في يده.. الخارجية والدفاع والأمن الداخلي.. إلخ.
وفي تركيا يسري الأمر نفسه، فحزب الأغلبية البرلمانية هو "العدالة والتنمية"، ومنه رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، ومنه رئيس الجمهورية عبدالله جول. ولم يتهمهم أحد في تركيا ب "التكويش".
وفي فرنسا كسب فرانسوا هولاند الاشتراكي -منتصف مايو الماضي- الانتخابات، في مواجهة نيكولا ساركوزي، وفي اليوم التالي مباشرة قام بتكليف صديقه الاشتراكي بتشكيل الحكومة، وهكذا أصبح رئيس فرنسا، ورئيس حكومتها، من الاشتراكيين، علاوة على كون الاشتراكيين أغلبية في البرلمان. ولم يشك فرنسي واحد من "تكويش" الاشتراكيين.
إن التناغم بين مؤسسات الدولة هو الأصل في جميع الديمقراطيات.. فلماذا هو حلال لليبراليين والاشتراكيين والديمقراطيين، حرام على الإخوان، وغيرهم من ذوي التوجه الإسلامي؟
لكنهم يعودون فيقولون إن الإخوان نقضوا عهدهم، إذ قالوا إنهم لن يرشحوا أحدا للرئاسة ثم رشحوا خيرت الشاطر ثم محمد مرسي؟
والواقع أن من يردد هذا القول يفهم السياسة على أنها ثوابت فقط، وليس ثوابت، ومتغيرات.. فالإخوان كانوا صادقين عندما صدر عنهم هذا التعهد، وكان ذلك في ظروف سياسية خاصة، بدليل أن مرشحهم أخذ رقم 13، فهو آخر من رشح نفسه للسباق الرئاسي، وقد لجأ الإخوان إلى ترشيحه عندما تغيرت الظروف، وأصبح الخطر داهما على الثورة، وفشلت القوى السياسية في الاتفاق مع الإخوان على مرشح واحد للرئاسة، والآن: هل هناك خطر أشد على الثورة مما يمثله أحمد شفيق من ثورة مضادة، وعودة للنظام البائد؟
ثم ألم يقل أحمد شفيق نفسه -في حوار مع فضائية العربية- أنه لن يرشح نفسه نظرا لكبر سنه، ووجود من هو أكفأ منه.. وألم يخض عمرو موسى المعركة برغم أنه صرح في وقت سابق بأنه يرفض الترشح، ولا يفكر فيه، وحتى الدكتور محمد البراعي ألم يعد بخوض المعركة الرئاسية ثم انسحب وتراجع واعتذر، وحتى الفقيه القانوني محمد سليم العوا الذي استبعد ترشحه بذريعة أنه لا يستطيع أن يدير مكتبه فكيف سيدير دولة، ثم رأيناه يخوض المعركة برغم كبر سنه، وحتى عمر سليمان فقد رشح نفسه ثم اعتذر ثم اعتذر عن الاعتذار، مرشحا نفسه، ناهيك عن عبدالمنعم أبو الفتوح الذي خالف شورى الإخوان، ومشي بدماغه، كعادته دائما.
ومما يقال هنا أيضا إن الإخوان إذا وصلوا للحكم لن يتخلوا عنه.. ويتناسى من يردد ذلك أن لدينا مؤسسات تحمي الدولة، وتتمتع بالاستقلال التام، عن أي فصيل سياسي، فولاؤها للدولة والشعب.. كالإعلام والقضاء والقوات المسلحة وجهاز الشرطة.. إلخ.
ثم يقولون إن مرشد الإخوان هو الذي سيحكم مصر من وراء ستار إذا فاز محمد مرسي في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية.
فهل رأينا حكم المرشد من وراء ستار في مجلس الشعب؟ هل رأينا رئيسه الإخواني الكتاتني يتصل ذات يوم بالمرشد طالبا رأيه في أمر يخص المجلس، أم أن كل شئ عنده باللائحة؟
وهل رأينا تدخلا للمرشد، في أي نقابة، ومعظم نقبائها من الإخوان؟
ولقد كان المرشد الدكتور محمد بديع نفسه -في وقت من الأوقات- نقيبا لنقابة البيطريين، ثم خسر الانتخابات، فترك موقعه بكل احترام للنقيب الفائز.. فهل كان بديع يتلقى تعليماته من بديع؟
ثم إن شبهة الإدارة من خلف ستار تلحق بأي مرشح..أحمد شفيق وشبهة علاقته بالمجلس العسكري وجماعات المصالح المرتبطة بالنظام البائد.. وعلاقة عمرو موسى -لو كان نجح- بحزب الوفد.. وحمدين صباحي بالناصريين.
وكذلك يقولون : إن "الإخوان في مجلس الشعب، انتخبناهم، ولم يفعلوا شيئا".
وهي فِرية جديدة تتجاهل عشرات القوانين التي أصدرها المجلس حتى الآن.. بدءا من منع محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية مرورا بقانون الثانوية العامة عاما واحدا، ووضع حدين أدني وأقصى للأجور يشمل رئيس الجمهورية ونوابه ومستشاريه، وحتى رؤساء مجالس الشعب والشورى والحكومة.. إلخ.
ولكن كانت هناك إدارة سيئة لمسألة الجمعية التأسيسية لوضع الدستور؟
هكذا يرددون. والقول الفصل هو أن المسئولية تضامنية، وإن نسبة كبيرة من برلمانات العالم وضعت دساتير بلادها، وإن قبول الإخوان بنسبة النصف في المائة من أعضاء البرلمان، والنصف في المائة من الخارج في تشكيل الجمعية التأسيسية لم يكن إجحافا بحق أحد.. وربما كانت المشكلة في اختيار المائة، لكن دلوني : كم من المصريين يتفقون على مائة شخص؟
الإخوان سيجعلونها دولة دينية.. شبهة أخرى يثيرها البعض، فما الدليل عليها؟
لقد رأيناهم يقودون "التحالف الديمقراطي من أجل مصر"، وطالعنا أدبياتهم التي تطالب بدولة مدنية ذات مرجعية إسلامية..باعتبار أن الإسلام يدعو للدولة المدنية، ولا يعرف مسمى الدولة الدينية، لأن الحاكم في الأخيرة يُعتبر "ظل الله في الأرض"، وهذا غير وارد في مصر.. لا بالنسبة للإخوان، ولا بالنسبة لأي حركة إسلامية.. تتخذ أسوتها مقولة أبي بكر -رضي الله عنه-:"وُليت عليكم، ولست بخيركم؛ فإن أحسنت فأعينوني، وإن أساءت فقوموني".
البعض يردد قولا آخر أيضا هو أن الإخوان سيجعلون مصر مثل إيران. والرد هو أن مصر دولة سنية، بينما إيران شيعية، وبينما ينص الدستور الإيراني على ولاية الفقيه، وحكم الأئمة والفقهاء.. فإن مصر دولة سنية، لا تعرف ولاية الفقيه، ولا حكم الإمام، ودستورها محصن ضد هذه الأفكار الشيعية.. فأين مصر من إيران؟
الشبهات كثيرة.. لذا أقول: شئ من الإنصاف والرشد أيها المتحاملون على الإخوان..فقد حكمتنا نظم سياسية شتى محسوبة على الأفكار الاشتراكية والناصرية والليبرالية .. فلماذا لا نجرب حكم الإخوان؟
كفاكم تخويفا للناس منهم، كأنهم كائنات قادمة من المريخ، وكأننا لم نخبر تضحياتهم وجهودهم ومشروعهم الإصلاحي، من مستشفيات ونقابات، وشخصيات محترمة، وكوادر عظيمة.
امنحوهم فرصة ثم احكموا عليهم، فإن أحسنوا فذلك مصلحة للبلد، وإن أساءوا فقد أمنتموهم للأبد.

[email protected]

المزيد من مقالات عبدالرحمن سعد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.