بمجرد أن يظهر هلال شهر رمضان تتبادر للأذهان بهجة الأطفال وهم يمسكون فى أيديهم الفوانيس المضيئة وهى تتلألأ وغناءهم «حلو يا حلو رمضان كريم يا حلو « و»وحوى يا وحوى»، ولكن يبدو أن مصر ستحتفل برمضان هذا العام بدون فانوس نظرا للحالة الاقتصادية التى تشهدها البلاد، مما جعل استيراده وتصنيعه يكلف الدولة أموالا كبيرة، خاصة ونحن كنا نستورد سنويا فوانيس بحوالى مليون دولار، وأما أسعار الفانوس المحلى الذى يتم تصنيعه فى السيدة زينب وباب الشعرية ستزيد بنسبة 40% هذا العام نظراً لارتفاع أسعار الخامات المصنعة وخاصة الصاج حتى وصل سعر الفانوس الكبير الذى يتواجد فى الفنادق والخيام الرمضانية إلى 4 آلاف جنيه. .............................................................. ومما يذكر أن وزير التجارة والصناعة، أصدر قرارًا برقم 232 لسنة 2015 بمنع استيراد الفوانيس المستوردة من الخارج، ورفض دخول أى شحنات منها اعتبارًا من 5 أبريل من السنة الماضية، وذلك لتوفير العملة الصعبة. وحتى لا يحرم الأطفال من فرحة اقتناء الفانوس أشار «عم محمود « بائع زينة رمضان، إلى أن طريقة عمله للأطفال فى منازلهم بسيطة ويبدأ كل منهم بهذه الطريقة وهى ورق ملون، مادة لاصقة ومقص ثم اختيار أى لون يعجبك من الورق الملون ثم نثنى الورقة لنصفين بعد ذلك نقص الورقة نحاول أن تكون المسافات متساوية بين كل قصة، بعد الانتهاء من القص نفتح الورقة ثم نحاول أن نشكلها على شكل دائرى حتى يسهل لصقها، يتم فتحها ووضع المادة اللاصقة عند الأطرف الجانبية ولصقها بالطرف الآخر وتثبيتها.. نأخذ بعد ذلك ورقا لونه مختلف عما اخترناه مسبقاً ونقطع من الورقة على شكل المسطرة ونثبتها بين الطرفين من القطعة مادة لاصقة ثم نلصقها من الداخل حتى يكون لدينا يد أو علاقة نستطيع أن نحمل بها الفانوس. أما محمد أحمد بائع فوانيس فيقول لم يظهر الفانوس بشكله الحالى إلا منذ 100 عام أو يزيد قليلاً مع بعض الاختلافات البسيطة، وظهر منه حوالى 5 آلاف نوع منذ بداية صناعته وحتى اليوم، فبدايته كانت عبارة عن علبة من الصفيح يوضع بداخلها الشمع، فتحته من أسفل، ثم تطور وأصبح له باب من الجنب، وهكذا حتى تعددت أشكاله المختلفة. وتتم صناعه الفانوس المصرى التقليدى من الصفيح والزجاج، عن طريق اللحام بالازير والتركيب ونعقد اجتماعات قبل البدء فى تنفيذ ه للتشاور حول كيفية تصميمه وشكله للوصول إلى إجماع، وتتم عملية الإضافات من ناحية القصر أو الطول، والرسومات والكتابة عليه وشكله العام، ثم يتم التنفيذ بعد الاتفاق على كل شىء. وتعد مدينة القاهرة المصرية من أهم المدن الإسلامية التى تزدهر فيها صناعة الفوانيس، وهناك مناطق معينة مثل منطقة تحت الربع القريبة من حى الأزهر والغورية ومنطقة بركة الفيل بالسيدة زينب من أهم المناطق التى تخصصت فى صناعة الفوانيس. وبعد ذلك انتقلت فكرة الفانوس إلى أغلب الدول العربية وأصبحت تقليداً من تقاليد شهر رمضان، لاسيما فى دمشق وحلب والقدس وغزة وغيرها. ولكن مع مرور السنوات تغيرت أشكال الفانوس وتبدلت وأصبح نادراً ما نرى طفلاً يمسك بالفانوس التقليدى الزجاجى الملون، المحتضن للشمعة المضيئة. وكان أول استخدام للفانوس فى صدر الإسلام للإضاءة ليلاً، للذهاب إلى المساجد وزيارة الأصدقاء والأقارب، وكلمة “فانوس” إغريقية تشير إلى إحدى وسائل الإضاءة، وفى بعض اللغات السامية يقال للفانوس فيها «فناس»، وهناك روايات متعددة لبداية استخدام الفانوس من أشهرها: أن أحد الخلفاء الفاطميين أراد أن يضىء شوارع القاهرة طوال ليالى شهر رمضان، فأمر كل شيوخ المساجد بتعليق فوانيس يتم إضاءتها عن طريق شموع توضع بداخلها. وتروى قصة أخرى أنه خلال العصر الفاطمى، لم يكن يُسمح للنساء بترك بيوتهن إلا فى شهر رمضان، وكان يسبقهن غلام يحمل فانوساً لتنبيه الرجال بوجود سيدة فى الطريق لكى يبتعدوا فلا يراهن الرجال. هناك رواية آخرى أن أول ظهور له فى الخامس من شهر رمضان عام 358 ه، مع دخول المعز لدين الله الفاطمى القاهرة ليلاً، إذ أمر القائد جوهر الصقلى فاتح مصر بأن يخرج الناس لاستقبال الخليفة وهم يحملون الشموع لإنارة الطريق أمامه. وكى لا تتعرض الشموع للإطفاء لجأ الناس إلى وضعها على قاعدة من الخشب وإحاطتها ببعض الزعف والجلد الرقيق، وهنا أعجب الخليفة بمشاهد الفوانيس التى يحملها المصريون، ومنذ ذلك التاريخ أصبح الفانوس عادة رمضانية. ويقال أيضاً أن الخليفة عندما كان يخرج لاستطلاع رؤية هلال رمضان، يسلك موكبه الطريق من باب النصر إلى باب الفتوح إلى باب الذهب، وكانت تحوطه العربات الصغيرة المضاءة بالشموع، بينما تحمل جموع الأهالى الفوانيس المضاءة. أما صناعة الفانوس فازدهرت فى عهد الحاكم بأمر الله فى القرن العاشر الميلادى، عندما أمر بتعليق الفوانيس على مداخل الحارات، وأبواب المنازل، وفرض غرامات على من يخالف ذلك، وظلت تتطور عبر الأزمان حتى ظهر الفانوس الكهربائى الذى يعتمد فى إضاءته على البطارية واللمبة بدلا من الشمعة.