أثارت نتائج انتخابات الرئاسة ردود أفعال قوية في المجتمع المصري, تراوحت مابين الدهشة لارتفاع أسهم من لم يكن متوقعا حصوله إلا علي نسبة ضئيلة, وانخفاض من كانت توقعاتهم عالية, أما الرأي العام فقد انتابه مزيج من الصدمة والإحباط والحيرة, حيث وجد ان أمامه في انتخابات الإعادة اختيارين كل منهما أصعب من الآخر. إما أن يختار الناخب دولة دينية مرجعيتها جماعة الإخوان المسلمين والمرشد الأعلي للجماعة, ويصبح لهذا التيار السيطرة علي السلطة التنفيذية بفرعيها رئاسة الجمهورية, ورئاسة الحكومة, والسلطة التشريعية بمجلسيها, الشعب والشوري, ومن ثم يستطيع التيار الديني اعادة صياغة الكثير من القوانين ومؤسسات الدولة بما قد يغير الطابع الخاص لمصر باعتبارها دولة مدنية انصهرت في بوتقتها الديانة الإسلامية والمسيحية علي أرضية عريضة وعميقة من الإيمان الفريد منذ أقدم العصور جعلت التدين المسيحي والإسلامي فيها متميزا عن كل ماعداها من البلاد الأخري. وأما أن يختار دولة مدنية تصبح فيها ثورة25 يناير2011 حركة إصلاح من داخل نفس النظام الذي قامت الثورة لتغييره, وهو مايجعل تحقيق التغيير يمتد لسنوات أطول, فقد مضي علي الثورة نحو عام ونصف ربما يضاف إليها أربع سنوات أخري تتسم بالحلول التوافقية والوسطية بدلا من مطالب الثورة بالتغييرات الجذرية والشاملة. هناك مجموعة من الأسباب التي أدت إلي هذه النتيجة في مقدمتها تقاعس أعداد كبيرة من الناخبين عن المشاركة في التصويت والالتزام المسبق من جانب بعض المجموعات من الناخبين بالتصويت لصالح مرشح معين, حيث اتجه أغلبية الإخوة المسيحيين, والصوفيين للتصويت لصالح أحمد شفيق, بالإضافة إلي جهاز حملته الانتخابية وما لديه من خبرات طويلة في انتخابات برلمانية ورئاسية سابقة, وقدرات مادية ومعنوية علي حشد مئات الآلاف من الناخبين, وجهاز الحملة الانتخابية للدكتور محمد مرسي وما لديه من معرفة بكيفية الوصول إلي الناخبين في القري والمناطق الفقيرة وحشدهم فيما يشبه التصويت الجماعي بحوافز مادية ومعنوية. وساهم تفتيت الأصوات بين ثلاثة من المرشحين الرئاسيين, وهم صباحي وموسي وأبو الفتوح, هذه النتيجة وأدي الطموح الممزوج بالأنانية إلي العزوف عن تكوين فريق عمل وراء مرشح واحد لذوي الاتجاهات السياسية المتقاربة وحشد جهودهم وجهود مؤيديهم لدفعه إلي المقدمة بدلا من تفرق الشريحة الأكبر من أصوات الناخبين فيما بينهم دون أن ترفع أي منهم للمرحلة الثانية من الانتخابات. أثارت الانتخابات الرئاسية حالة من الارتباك والقلق وهذا ناتج عن ضعف دور الأحزاب السياسية وغلبة نظام التعليم التلقيني الذي لاينمي القدرة علي الإبداع وحسن الاختيار, وطول سنين إبعاد الشعب عن المشاركة الفعلية في الحياة السياسية واحترام رأيه وإرادته وهذا يتطلب تحركا من أجل الوصول إلي توافق سريع بين جميع القوي السياسية للخروج من هذا المأزق وإعادة حالة الاطمئنان وإزالة القلق والارتباك. المزيد من مقالات السفير:رخا أحمد حسن